05 نوفمبر 2024
البنود الأخرى من "الاتفاق"
تشي تسريباتٌ من واشطن بأنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سيعلن عن "صفقة القرن" المرتقبة، في شهر يونيو/ حزيران المقبل، بعدما كان موعد الإعلان المفترض سابقاً، خلال فبراير/ شباط أو مارس/ آذار المنصرمين، قبل أن يتم تأجيل ذلك.
ويأتي توقيت الإعلان عن الصفقة بعد إعلان ترامب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وغداة التصعيد الإيراني- الإسرائيلي في سورية، وهو الأمر الذي يستجيب أيضاً لمطالب "المعسكر المحافظ العربي" (خصوصاً السعودية والإمارات)، ويبدّد مخاوفه التي تشكّلت مع توقيع الاتفاقية (في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما) من وجود صفقة إيرانية - أميركية على حساب الدول العربية والعلاقات الأميركية - الخليجية.
يلبّي ترامب اليوم المطالب العربية والإسرائيلية على السواء بإلغاء الاتفاقية، ويضع إيران مرّة أخرى ضمن دائرة العقوبات، وعلى أولويات التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وهو الشقّ المرتبط به في الوعود والنقاشات التي حدثت في الفترة الماضية بين المعسكر المحافظ العربي والولايات المتحدة.
لكن، ما هو الشقّ الآخر المفترض المرتبط بالجانب العربي من التفاهم مع الإدارة الأميركية؟ بالضرورة سيبيع ترامب (وهو رجل الأعمال الذي يفكّر بمنطق الصفقات) هذه الخطوة للعرب بسعر كبير، وسيسوّقها بوصفها استجابة لمطالب الأمن القومي العربي، وفضلاً عن الابتزاز المالي الذي استهّل به عهده، وإعادة تنشيط العلاقات مع الأنظمة العربية، بذريعة مواجهة الخطر الإيراني وبقاء القوات الأميركية في سورية؛ فإنّ الثمن الآخر الذي سيطلبه هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتمرير "صفقة القرن"، وبناء حلف إقليمي غير معلن بالضرورة بين العرب والولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة إيران وروسيا والقوى الأخرى، بما فيها القوى الإسلامية السنية، وخصوصاً القاعدة وداعش، ومعها السياسات التركية بدرجة ثانية.
نحن الآن أمام يمين مزدوج أميركي - إسرائيلي يسعى إلى تحقيق اختراقاتٍ تاريخيةٍ على صعيد القضية الفلسطينية، من خلال "صفقة القرن"، وتتمثّل بتنازل الفلسطينيين عن الحقوق التاريخية، وهي أمورٌ لا يمكن إنجازها من دون وجود شريك عربي، أو ضغوطٍ عربيةٍ على السلطة الفلسطينية، بالتوازي والتزاوج مع ما تقوم به الإدارة الأميركية، خصوصاً عندما نتحدث عن موضوعات الحل النهائي: القدس، اللاجئين والسيادة والحدود.
لا نعرف فيما إذا كانت هنالك "تفاهمات" تحت الطاولة، لكن الواقع لا يحتاج مؤشراتٍ عديدةً لإدراك أنّ هنالك انكشافاً استراتيجياً غير مسبوق للقضية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أمام الإسرائيليين والإدارة الأميركية، مع وجود قناعةٍ عربيةٍ بأنّ الخطر الحقيقي للمصالح الاستراتيجية والأمنية العربية هو إيران، وليس إسرائيل.
إلى الآن، ما يزال "الخطاب الرسمي" العربي "خجولاً" في ترويج أو إعلان قبول صفقة القرن، باستثناء تحليلات وتسريبات إعلامية تتحدث عن مواقف مغايرة وتصريحات مقلقة. مع ذلك، كان إعلان ترامب بخصوص الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أولاً، ثم نقل السفارة خلال الأيام الماضية، في ذكرى النكبة، إلى القدس، كان أشبه بـ"بالون اختبار" للموقف العربي الذي كان ضعيفاً، محدوداً ومراوغاً في تبنيّ مواقف صلبة وقوية من القرار الأميركي، مقارنةً مثلاً بالموقفين التركي والإيراني اللذين ذهبا إلى أبعد مسافة من التصعيد مع الإدارة الأميركية، ورفض ما قامت به.
بمعنى الخطورة لا تتمثل بتبنّي النظام العربي، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لما ستأتي به صفقة القرن وترويجها في المرحلة المقبلة، بل في المحدّدات الاستراتيجية للموقف نفسه، بما في ذلك تراجع أهمية القضية الفلسطينية ومكانتها وقيمتها، في مقابل "العدو المشترك" الذي يجمع بين أميركا وإسرائيل والمعسكر المحافظ العربي، وهو ما يجعل من الحالة الفلسطينية في أسوأ مراحلها على الإطلاق استراتيجياً، منذ الحرب العالمية الثانية.
يكاد الأردن يكون النظام الوحيد الذي يصعّد، بوضوح وبجرأة، ضد الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية، ويدعم السلطة علناً، بينما واضحٌ أن الموقف المصري مراوغ تماماً. وإذا كان الموقف المتوقع من السلطة الفلسطينية لأيّ مشروع قادم لا يتضمن القدس والحدود والسيادة هو الرفض بطبيعة الحال، فذلك يعني مزيداً من الإضعاف والحصار للحالة الفلسطينية ليس فقط أميركياً وإسرائيلياً، بل عربياً أيضاً.
ويأتي توقيت الإعلان عن الصفقة بعد إعلان ترامب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وغداة التصعيد الإيراني- الإسرائيلي في سورية، وهو الأمر الذي يستجيب أيضاً لمطالب "المعسكر المحافظ العربي" (خصوصاً السعودية والإمارات)، ويبدّد مخاوفه التي تشكّلت مع توقيع الاتفاقية (في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما) من وجود صفقة إيرانية - أميركية على حساب الدول العربية والعلاقات الأميركية - الخليجية.
يلبّي ترامب اليوم المطالب العربية والإسرائيلية على السواء بإلغاء الاتفاقية، ويضع إيران مرّة أخرى ضمن دائرة العقوبات، وعلى أولويات التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وهو الشقّ المرتبط به في الوعود والنقاشات التي حدثت في الفترة الماضية بين المعسكر المحافظ العربي والولايات المتحدة.
لكن، ما هو الشقّ الآخر المفترض المرتبط بالجانب العربي من التفاهم مع الإدارة الأميركية؟ بالضرورة سيبيع ترامب (وهو رجل الأعمال الذي يفكّر بمنطق الصفقات) هذه الخطوة للعرب بسعر كبير، وسيسوّقها بوصفها استجابة لمطالب الأمن القومي العربي، وفضلاً عن الابتزاز المالي الذي استهّل به عهده، وإعادة تنشيط العلاقات مع الأنظمة العربية، بذريعة مواجهة الخطر الإيراني وبقاء القوات الأميركية في سورية؛ فإنّ الثمن الآخر الذي سيطلبه هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتمرير "صفقة القرن"، وبناء حلف إقليمي غير معلن بالضرورة بين العرب والولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة إيران وروسيا والقوى الأخرى، بما فيها القوى الإسلامية السنية، وخصوصاً القاعدة وداعش، ومعها السياسات التركية بدرجة ثانية.
نحن الآن أمام يمين مزدوج أميركي - إسرائيلي يسعى إلى تحقيق اختراقاتٍ تاريخيةٍ على صعيد القضية الفلسطينية، من خلال "صفقة القرن"، وتتمثّل بتنازل الفلسطينيين عن الحقوق التاريخية، وهي أمورٌ لا يمكن إنجازها من دون وجود شريك عربي، أو ضغوطٍ عربيةٍ على السلطة الفلسطينية، بالتوازي والتزاوج مع ما تقوم به الإدارة الأميركية، خصوصاً عندما نتحدث عن موضوعات الحل النهائي: القدس، اللاجئين والسيادة والحدود.
لا نعرف فيما إذا كانت هنالك "تفاهمات" تحت الطاولة، لكن الواقع لا يحتاج مؤشراتٍ عديدةً لإدراك أنّ هنالك انكشافاً استراتيجياً غير مسبوق للقضية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أمام الإسرائيليين والإدارة الأميركية، مع وجود قناعةٍ عربيةٍ بأنّ الخطر الحقيقي للمصالح الاستراتيجية والأمنية العربية هو إيران، وليس إسرائيل.
إلى الآن، ما يزال "الخطاب الرسمي" العربي "خجولاً" في ترويج أو إعلان قبول صفقة القرن، باستثناء تحليلات وتسريبات إعلامية تتحدث عن مواقف مغايرة وتصريحات مقلقة. مع ذلك، كان إعلان ترامب بخصوص الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أولاً، ثم نقل السفارة خلال الأيام الماضية، في ذكرى النكبة، إلى القدس، كان أشبه بـ"بالون اختبار" للموقف العربي الذي كان ضعيفاً، محدوداً ومراوغاً في تبنيّ مواقف صلبة وقوية من القرار الأميركي، مقارنةً مثلاً بالموقفين التركي والإيراني اللذين ذهبا إلى أبعد مسافة من التصعيد مع الإدارة الأميركية، ورفض ما قامت به.
بمعنى الخطورة لا تتمثل بتبنّي النظام العربي، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لما ستأتي به صفقة القرن وترويجها في المرحلة المقبلة، بل في المحدّدات الاستراتيجية للموقف نفسه، بما في ذلك تراجع أهمية القضية الفلسطينية ومكانتها وقيمتها، في مقابل "العدو المشترك" الذي يجمع بين أميركا وإسرائيل والمعسكر المحافظ العربي، وهو ما يجعل من الحالة الفلسطينية في أسوأ مراحلها على الإطلاق استراتيجياً، منذ الحرب العالمية الثانية.
يكاد الأردن يكون النظام الوحيد الذي يصعّد، بوضوح وبجرأة، ضد الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية، ويدعم السلطة علناً، بينما واضحٌ أن الموقف المصري مراوغ تماماً. وإذا كان الموقف المتوقع من السلطة الفلسطينية لأيّ مشروع قادم لا يتضمن القدس والحدود والسيادة هو الرفض بطبيعة الحال، فذلك يعني مزيداً من الإضعاف والحصار للحالة الفلسطينية ليس فقط أميركياً وإسرائيلياً، بل عربياً أيضاً.