رغم معاناة التونسيين اقتصاديا خلال ثلاث سنوات بعد نجاح ثورتهم في إسقاط نظام زين العابدين بن علي، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون بالأمل في فرج قريب على أيدي حكومة مهدي جمعة التي تسلمت عملها بداية العام الجاري.
وفي الوقت الذي أكد استطلاع رأي أجراه معهد "أمرود كونسلتنج" شهر مارس/ آذار الجاري أن 72% من التونسيين متفائلون بالاقتصاد، تعلن المؤشرات الرسمية عن زيادة البطالة والديون وتراجع الاقتصاد.
ووصل عدد العاطلين من العمل في تونس إلى 800 ألف، حسب المعهد الوطني للإحصاء، منهم نحو 223 ألفاً من حاملي الشهادات العليا، وارتفعت الديون التونسية إلى حدود 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم هذه الأرقام، قال مدير معهد "أمرود كونسلتنج"، نبيل بلعم، لـ"العربي الجديد" أنّ نسبة التفاؤل لدى التونسيين بلغت 84 في المئة في الاستطلاع الذي أجراه المعهد، وهو ما يمثل مؤشرا إيجابيا يعكس حالة الارتياح للحكومة الحالية والتفاؤل بالمستقبل.
وظل المواطن التونسي يبدي تخوفه من الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وارتفاع وتيرة الاحتجاجات العمّالية وزيادة البطالة بعد الثورة، لكن في جولة لـ "العربي الجديد" عاند عدد من التونسيين كل الأرقام، بالتفاؤل ورغبتهم الواضحة في تجاوز الصعوبات.
أحمد، أحد المواطنين الذين التقاهم "العربي الجديد"، أشار إلى أنّه متفائل بشأن الوضع الاقتصادي في تونس، خاصة منذ انفراج الأزمة السياسية وإتمام الدستور، إذ شهدت البلاد، حسب قوله، نوعا من الاستقرار الأمني والهدوء وانخفاض حدّة احتقان الشّارع رغم بعض الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في 2014.
ويرى ناجي بن كريم أنّ الاقتصاد التونسي سينتعش، وخصوصاً أنّ الموسم السّياحي في البلاد على الأبواب، حيث لا يخفى أنّ السياحة تعد أبرز ركيزة للاقتصاد في تونس. وقال بن كريم: "الاستقرار الأمني وقدرة الأجهزة الأمنية على التصدي للإرهاب التي أعطت صورة جيدة عن تونس في الخارج، وهو ما سيمكن من تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار وإقامة مشروعات جديدة في البلاد".
لكن هذا التفاؤل العام لا يخفي تخوف شريحة أخرى من التونسيين من الوضع الاقتصادي في البلاد، فقد أشارت لطيفة إلى تخوفها من تكرار الأحداث الإرهابية التي من شأنها أن تشكّل عائقا في جلب استثمارات أجنبية. وقالت "إنّ بعض المؤسسات مازالت تشهد إضرابات عمالية من شأنها أن تخفض الإنتاجية".
وكان الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، قد حذر في وقت سابق من الخطورة الكبيرة وانعكاسات الاعتصامات والإضرابات على الوضع الاقتصادي وتعطيل آليات الإنتاج.
وأكّد وزير الاقتصاد التونسي، حكيم بن حمودة، أنّ الوضع الاقتصادي حرج بسبب عزوف التونسيين عن العمل، لكنه استطرد أن الوضع ليس كارثيا.
وأجرى رئيس الحكومة التونسية جولة في دول الخليج، لبحث سبل التشجيع على الاستثمار في تونس لإنعاش الاقتصاد، بالإضافة إلى مفاوضات للحصول على دعم من المؤسسات الدولية.
الخبير الاقتصادي، معز الجودي، قال لـ"العربي الجديد" إنّ التمويلات الخارجية ستعطي دفعة معنوية للاقتصاد التونسي وستنعكس إيجابا على الأوضاع الاجتماعية، خاصة إذا ما تم استخدامها في إحداث مشاريع تنموية وتشغيل الشباب، وربما هذا ما يفسر موجة التفاؤل عند التونسيين اليوم.
وأكد الخبير الاقتصادي أنّ استمرار الدّعم الخارجي خاصة من الممولين والمستثمرين، يتطلب توفير الأمن ووقف الإضرابات. مشددا على ضرورة إدخال بعض الإصلاحات، لتحفيز رجال الأعمال على إطلاق المشروعات وإنهاء مشاكل البطالة.
وقالت وزارة الخارجية التونسية الخميس الماضي، إن الاتحاد الأوروبي قرر منح تونس تمويلا بقيمة 550 مليون يورو (759 مليون دولار) خلال عامي 2014 و2015. وأضافت الوزارة أن من بين المبلغ المقرر 250 مليون يورو على شكل منحة لا ترد.