03 يوليو 2019
الجربا بالعبرية في حضن السيسي
حين اعتلى شخصٌ، يُدعى أحمد الجربا، منصب الرئاسة الدورية للائتلاف الوطني السوري المعارض، في يونيو/حزيران عام 2013، كانت الإشارات المقتضبة إلى النفوذ الإقليمي، والسعودي تحديداً، داخل هذا الإطار الهش، هي جواب السؤال عمّن يكون هذا المجهول الذي سيمثل قيادة ثورةٍ شعبيةٍ في المواجهة مع نظام حكم مستبد، ومدعوم بحلفاء إقليميين ودوليين، بعضهم ظاهر للعيان، وأكثريتهم طالما تخفت، عبثاً، في لبوس أصدقاء الشعب السوري.
آنذاك، وبعيداً عن أسئلة السيرة النضالية والولاء الإقليمي، أو ربما بفعل تزاوجهما عُرفياً، وقف مناضلون تاريخيون ومحترمون، يتقدّمهم ميشيل كيلو، سامحهم الله وسامحه، خلف انتخاب الجربا، وصار مئات آخرون من رفاقهم، يعملون تحت قيادة الرجل، بالمعنى النظري على الأقل، بينما صار هو الواجهة السياسية للمعارضة والثورة، ولايتين متتاليتين، امتدتا سنة كاملة، وشهدتا نجاحاتٍ نادرة وإخفاقات كثيرة، ناهيك عما ثار خلالهما من زوابع عاتية داخل الائتلاف نفسه.
وإذ جرت، من بعد، مياه كثيرة تحت جسور الشرق الأوسط، وجرفت معها ما جرفت من سياساتٍ سابقة، لا سيما في السعودية، فإن الجربا لم ينكفئ، عقب مغادرته منصبه، إلى دوائر النسيان، وسرعان ما استأنف سلسلة نشاطاتٍ، ظلت تؤشر إلى هويته السياسية الجديدة، أو الأصيلة. وسيلحظ المتتبع لمسار الرجل المنحدر من عشائر تترامى مضاربها في الأراضي السورية والعراقية والسعودية والأردنية، أنه استقر، مثلاً، وإنْ من دون إعلانٍ رسمي، في القاهرة، وظل محط اهتمام القيادة الروسية، فالتقى، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مبعوثها إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، ليطلع منه على أهداف التدخل العسكري الروسي في سورية، كما التقى، قبل نحو سنة، السيناتور الجمهوري الأميركي، جون ماكين، ليبحث معه ما قيل إنها خطة تدريب الجيش السوري الحر، ناهيك عن قيامه بجملة تحركاتٍ أخرى، حرص فيها على أن يكون الحديث عن محاربة الإرهاب، لا إسقاط نظام الأسد، لازمةً شديدة الالتصاق بصورته.
ولم يطل الوقت كثيراً لبلوغ المحطة المريبة أكثر في سيرة الجربا، عندما أعلن، قبل ثلاثة أسابيع، تأسيس "تيار الغد" في مؤتمرٍ احتضنه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضره ضيوف كثر، أبرزهم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومندوب عن السفارة الروسية، ومسؤول الأمن الوقائي الفلسطيني السابق، محمد دحلان.
هنا، أيضاً كان الحديث عن محاربة "داعش" لازمةً لصيقة بلسان الجربا الذي تجنب مجدّداً أية إشارةٍ إلى إسقاط الأسد، وردّد في بيانه التأسيسي كلاماً استهلاكياً عن قيام سورية لا مركزية، تؤمن بالتعددية والاختلاف، قبل أن يقفز قفزته نحو الغد الذي اختاره اسماً لتياره السياسي، ويبعث رسائل إلى إسرائيل، عارضاً إجراء مفاوضاتٍ مع حكومة بنيامين نتنياهو. ووفق معلومات نشرتها صحيفة معاريف، فإنها تلقت رسالة بالعبرية من "تيار الغد" إلى الرأي العام الإسرائيلي، تؤكد الالتزام بأمن إسرائيل، كما أرسل الجربا رسالةً شفوية عبر "مصدر عربي إسرائيلي"، تفصح عن اهتمامه بالتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية.
صحيح أن "تيار الغد" رد ببيان يهاجم مطلقي ما وصفها بالشائعات ضده، غير أنه لم ينف الواقعتين المشار إليهما على وجه التحديد. ولعل ما لم يقله "المعارضون الجدد"، لا في رسالتهم عبر "معاريف"، ولا في بيانهم، يتلخص في أن الجربا أدرك، أخيراً، بغريزته، أو بفعل فاعل، سر بقاء الأسد، على الرغم من كل ما ارتكب من جرائم ضد الإنسانية، فتوجه إلى أهل الحل والعقد في تل أبيب، ليقدم نفسه بديلاً، بالشرط المعروف إياه؛ حماية أمن إسرائيل. ولا يسألن أحدٌ، هنا، عن موقفه من احتلال الجولان؛ سورية الجربا، ستتولى وظيفة سورية الأسد، وفق اقتراحه الذي مهّدت له "معاريف"، بالقول "إنه ليست نكتة من كوميديا عيد المساخر اليهودي"، وصار واضحا أنه بعض من تراجيديا زمن المساخر العربي.
آنذاك، وبعيداً عن أسئلة السيرة النضالية والولاء الإقليمي، أو ربما بفعل تزاوجهما عُرفياً، وقف مناضلون تاريخيون ومحترمون، يتقدّمهم ميشيل كيلو، سامحهم الله وسامحه، خلف انتخاب الجربا، وصار مئات آخرون من رفاقهم، يعملون تحت قيادة الرجل، بالمعنى النظري على الأقل، بينما صار هو الواجهة السياسية للمعارضة والثورة، ولايتين متتاليتين، امتدتا سنة كاملة، وشهدتا نجاحاتٍ نادرة وإخفاقات كثيرة، ناهيك عما ثار خلالهما من زوابع عاتية داخل الائتلاف نفسه.
وإذ جرت، من بعد، مياه كثيرة تحت جسور الشرق الأوسط، وجرفت معها ما جرفت من سياساتٍ سابقة، لا سيما في السعودية، فإن الجربا لم ينكفئ، عقب مغادرته منصبه، إلى دوائر النسيان، وسرعان ما استأنف سلسلة نشاطاتٍ، ظلت تؤشر إلى هويته السياسية الجديدة، أو الأصيلة. وسيلحظ المتتبع لمسار الرجل المنحدر من عشائر تترامى مضاربها في الأراضي السورية والعراقية والسعودية والأردنية، أنه استقر، مثلاً، وإنْ من دون إعلانٍ رسمي، في القاهرة، وظل محط اهتمام القيادة الروسية، فالتقى، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مبعوثها إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، ليطلع منه على أهداف التدخل العسكري الروسي في سورية، كما التقى، قبل نحو سنة، السيناتور الجمهوري الأميركي، جون ماكين، ليبحث معه ما قيل إنها خطة تدريب الجيش السوري الحر، ناهيك عن قيامه بجملة تحركاتٍ أخرى، حرص فيها على أن يكون الحديث عن محاربة الإرهاب، لا إسقاط نظام الأسد، لازمةً شديدة الالتصاق بصورته.
ولم يطل الوقت كثيراً لبلوغ المحطة المريبة أكثر في سيرة الجربا، عندما أعلن، قبل ثلاثة أسابيع، تأسيس "تيار الغد" في مؤتمرٍ احتضنه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضره ضيوف كثر، أبرزهم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومندوب عن السفارة الروسية، ومسؤول الأمن الوقائي الفلسطيني السابق، محمد دحلان.
هنا، أيضاً كان الحديث عن محاربة "داعش" لازمةً لصيقة بلسان الجربا الذي تجنب مجدّداً أية إشارةٍ إلى إسقاط الأسد، وردّد في بيانه التأسيسي كلاماً استهلاكياً عن قيام سورية لا مركزية، تؤمن بالتعددية والاختلاف، قبل أن يقفز قفزته نحو الغد الذي اختاره اسماً لتياره السياسي، ويبعث رسائل إلى إسرائيل، عارضاً إجراء مفاوضاتٍ مع حكومة بنيامين نتنياهو. ووفق معلومات نشرتها صحيفة معاريف، فإنها تلقت رسالة بالعبرية من "تيار الغد" إلى الرأي العام الإسرائيلي، تؤكد الالتزام بأمن إسرائيل، كما أرسل الجربا رسالةً شفوية عبر "مصدر عربي إسرائيلي"، تفصح عن اهتمامه بالتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية.
صحيح أن "تيار الغد" رد ببيان يهاجم مطلقي ما وصفها بالشائعات ضده، غير أنه لم ينف الواقعتين المشار إليهما على وجه التحديد. ولعل ما لم يقله "المعارضون الجدد"، لا في رسالتهم عبر "معاريف"، ولا في بيانهم، يتلخص في أن الجربا أدرك، أخيراً، بغريزته، أو بفعل فاعل، سر بقاء الأسد، على الرغم من كل ما ارتكب من جرائم ضد الإنسانية، فتوجه إلى أهل الحل والعقد في تل أبيب، ليقدم نفسه بديلاً، بالشرط المعروف إياه؛ حماية أمن إسرائيل. ولا يسألن أحدٌ، هنا، عن موقفه من احتلال الجولان؛ سورية الجربا، ستتولى وظيفة سورية الأسد، وفق اقتراحه الذي مهّدت له "معاريف"، بالقول "إنه ليست نكتة من كوميديا عيد المساخر اليهودي"، وصار واضحا أنه بعض من تراجيديا زمن المساخر العربي.