وتجمع الآلاف في ساحة موريس أودان، وسط العاصمة، رافعين الأعلام الوطنية وصورًا لرموز النظام، بينهم رئيس الحكومة نور الدين بدوي، ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، رفضا لاستمرار الأول في منصبه وتولي الثاني رئاسة الجمهورية.
وهتف المتظاهرون بشعارات "أكلتم البلاد يا السراقين"، و"أولاش السماح أولاش"، وتعني رفض الصفح والتسامح، ردًا على رسالة وجهها بوتفليقة إلى الجزائريين بعد استقالته طلب فيها "الصفح" عن أخطاء "قد يكون ارتكبها" خلال فترة حكمه.
وأكد مكيدي فاتح، وهو قريب أحد ضحايا مظاهرات الربيع الأمازيغي في يونيو/ حزيران 2001، في منطقة تيزي وزو، لـ"العربي الجديد"، قائلا: "ليس في مقدورنا أن نسامح من اغتال أحلامنا 20 سنة. نحن لن نسجن الرئيس، ولن يكون مصيره مثل القذافي، لكننا لن نسامح سياسيًا كان وراء الأزمة وضياع مستقبل جيل كامل".
ورفع متظاهرون في شارع ديدوش مراد، وسط العاصمة، صورًا لشهداء ثورة التحرير وللرموز السياسية التي تعرضت للظلم من قبل النظام، كما طالب متظاهرون بحل حزب جبهة التحرير الوطني، وإقصاء ما وصفوها بـ"الأحزاب البوتفليقية".
ورفعت صورة تجمع رموز نظام بوتفليقة، بينهم رؤساء الحكومات المتعاقبين في فترة بوتفليقة، وكذلك مسؤولون في مختلف المستويات، يحملهم الجزائريون مسؤولية الأزمة الراهنة والتخريب السياسي والاقتصادي للجزائر.
وفي ساحة البريد المركزي، تجمع الآلاف من المتظاهرين وألتراس نوادٍ رياضية في العاصمة، مرددين أغاني للملاعب مشحونة بالمضامين السياسية، وسط دعوات لمحاسبة رجال الأعمال الفاسدين. وقال عبد الباسط مهري، الذي قدم من مدينة المسيلة، وسط البلاد، لـ"العربي الجديد"، إنه قدم من مدينته ليشارك في المظاهرات الشعبية، مضيفا: "خرجت منذ 22 فبراير في مظاهرات الحراك. قطعنا منتصف المسافة وحققنا منجزًا باستقالة بوتفليقة، لكننا لم نحقق كل المطالب برحيل كبار رموز النظام".
ورفع المتظاهرون في البريد المركزي صورًا ولافتات تثمن موقف الجيش، وتحذر في الوقت نفسه من مغبة الوقوع في فخ حكم العسكرة أو سطوة الجيش على المشهد.
وشهدت المدن الجزائرية بمعظمها مظاهرات حاشدة، مبكرًا وقبل الانتهاء من صلاة الجمعة، كمدن عنابة قسنطينة وجبجل وسكيكدة قسنطينة، شرقي الجزائر، ووهران ومستغانم وسيدي بلعباس وتلمسان، غربي البلاد، وورقلة وادرار وتمنراست، جنوبي البلاد. ويتوقع أن تشهد مظاهرات الجزائر، اليوم، بالنظر للحشود التي تدفقت مبكرًا على الساحات، زخمًا كبيرًا، فيما لم يلاحظ وجود تمركز كبير للقوى الأمنية قرب مقر التلفزيون العمومي، وقرب قصر الرئاسة، وقصر الحكومة، والبنك المركزي.
الجيش يتمسك بـ"حل دستوري"
جدد الجيش الجزائري تمسكه بحل دستوري للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد على خلفية الحراك الشعبي القائم في منذ 22 فبراير/ فبراير الماضي، والذي أطاح حتى الآن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وحكومة أحمد أويحيى، ومدير جهاز الاستخبارات.
وأفادت افتتاحية نشرتها المجلة الناطقة باسم الجيش، اليوم الجمعة، بأن اقتراح تطبيق المادة 102 من الدستور، التي اقترحها الجيش، ليست تدخلا في الشأن السياسي، وإنما "في إطار المهام التي يخولها له الدستور طبقا للمادة 28، بصفته الضامن والحافظ لاستقلال الوطني والساهر على الدفاع عن سيادة الوطنية والوحدة الترابية وحماية الشعب من أي خطر محدق أو تهديد، وأيضا من باب وفائه لرسالة نوفمبر المجيدة".
وأنهت استقالة بوتفليقة الجزء الأول من الاستحقاقات الدستورية من نص المادة 102 من الدستور، التي تنص على شغور منصب الرئيس، لكن ترتيبات أخرى ما زال البرلمان بصدد إقرارها، عبر عقد جلسة مرتقبة الأحد المقبل لإقرار شغور منصب الرئيس، ونقل السلطة إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، الذي يتولى المنصب لمدة 90 يوما، تنظم بعدها انتخابات رئاسية.
واعتبرت المؤسسة العسكرية، بحسب الافتتاحية، أن الاقتراح الذي أعلنه قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في 26 مارس/ آذار الماضي، يسمح للجزائر بعبور الوضع الحالي بسلام، وبالتالي تجنب سيناريوهات قد تدفع بها نحو المجهول، بعنوان "لا صوت يعلو فوق صوت الشعب".
وقدر الجيش موقف الشعب والحراك الشعبي بأنه "حل مقبول من طرف الشعب".
وفي 26 مارس/ آذار، اقترح قائد أركان الجيش الجزائري تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تقرّ بشغور منصب الرئيس بوتفليقة، وجدد الموقف نفسه، يوم السبت الماضي، وقرر استعجال استقالة الرئيس من منصبه الثلاثاء الماضي.
وعادت افتتاحية مجلة الجيش إلى مهاجمة من وصفتهم بـ"بعض الأطراف التي تحاول استهداف مصداقية وصورة المؤسسة العسكرية، والالتفاف على المطالب المشروعة التي رفعها الشعب صراحة في مسيرات سلمية".
ويوم السبت الماضي، صدر بيان حاد للجيش كشف عما وصفها بـ"اجتماعات مشبوهة" تكون قد عقدت في 30 مارس/ آذار الماضي تستهدف تعطيل الحل الدستوري الذي اقترحه قائد أركان الجيش، والتحضير لحملة إعلامية لتشويه الجيش.
ويوم الثلاثاء الماضي، اتهم قايد صالح شقيق الرئيس بوتفليقة، السعيد بوتفليقة، بعقد "الاجتماعات المشبوهة في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب، وتبني حلول مزعومة خارج نطاق الدستور من أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته لحل الأزمة، وبالتالي تأزيم الوضع أكثر فأكثر، كل هذا تم بتنسيق الجهات غير الدستورية".
وكان قائد الجيش يشير، في هذا السياق، إلى اجتماعات عقدت بين الرئيس الجزائري السابق ليامين زروال، والقائد السابق لجهاز المخابرات الفريق محمدة مدين، قال الرئيس السابق إنها كانت لبحث مقترح من شقيق الرئيس بوتفليقة لإنشاء هيئة رئاسية تدير المرحلة الانتقالية وأنه رفض المقترح.