27 ابريل 2016
الروس وما يجري في فلسطين
لم يُسمع صوت للروس، في هذا الخضم الفلسطيني العسير، وفي أوقات المعركة غير المتكافئة بين شعب أعزل وجيش محتل ومسلح حتى النواجذ. وإن سَمع أحدٌ صوتاً روسياً يشجب عربدة المحتلين وجرائمهم، على افتراض أن صخب السوخوي، وهي ترمي حممها على الناس، قد صمّ آذاننا عن سماعه؛ فليقل لنا وليبلغنا بفحواه مشكوراً. ما نعلمه أن موسكو صمتت عن الكلام المباح، مثلما صمتت تل أبيب وأغاظت الأميركيين عن تدخل الروس في أوكرانيا، وقد عيّرها صهاينة أميركيون لاستنكافها عن الاصطفاف مع يهود، هناك، كانت مصلحتهم في صف خصوم الروس، وامتناعها عن التصويت في الأمم المتحدة، فقد غضبت أوروبا من تل أبيب، بسبب انتهازيتها، وأعلت وتيرة مقاطعتها منتجات المستوطنات.
رأت تل أبيب، في نظرتها لمستقبل المنطقة، أن مصلحتها في استمرار علاقات راسخة بين إسرائيل وروسيا، وتقديرها أن الأخيرة تتأهل للعب دور مركزي في تسوية مشوّهة تروق لها. فالروس يعودون إلى الشرق الأوسط بقوة، ويملأون الفراغ الذي خلّفته إدارة باراك أوباما في واشنطن، ولم يعد من مصلحة إسرائيل أن تتساوق مع سياسات الأميركيين والأوروبيين حيال الروس، وتعتبر تل أبيب أن موسكو نجحت قوة عظمى، في التحرك على محورين منفصلين: الأول، علاقات متنامية معهم منذ وصول بوريس يلتسين الى السلطة في روسيا، رسّخت تعاوناً في مجالات الاقتصاد، والتقنية، والبيئة، والثقافة والطاقة، يعززها واقع أن الروس يشكلون 15% من الإسرائيليين. والثاني، علاقات متنامية، مع أنظمة عربية، شاكية أو مجروحة من الأميركيين، أحست بالحاجة إلى الروس للتعاون السلس وغير باهظ الكُلفة، في مجالات التسلح والمشروعات التنموية، ومحاربة الإرهاب.
لا تُقرأ حرب الإبادة، التي يشنها الروس على الشعب السوري، في غير هذا السياق. ولا مجال للجدال في أن هجمة الروس، وهيمنتهم على جزء من سورية، أسقطت فرضية وجود محور للمقاومة والممانعة التي استخدمها النظام السوري لتبرير جرائمه وفساده، وبطشه بمن يواليه وبمن يناوئه، على مر أربعين سنة. وليس، الآن، في وسع مكابر، أن يردد فرضية المقاومة والممانعة أو مقولتها. فالروس، ليسوا بصدد إنقاذ نظام يمانع أو يقاوم. والسلاح الذي جلبوه، نوعاً وكَمّاً، لم يُتح للنظام وهو يحاول حفظ ماء الوجه، أن يرد على صفعات العدو المتكرّرة، وأن ينفذ وعوده بالرد في الزمان والمكان المناسبيْن.
جاء الروس بالسلاح المتطور إلى سورية، وبطائرات "درون" التي ابتاعوها من إسرائيل. لم يضعوا جزءاً من معداتهم في أيدي بقايا جيش النظام، وإنما جعلوا في أيديهم أرضاً سورية عسكروا فيها ومرافئ خاصة ومغلقة.
خلال عشرات السنين، لم يكن طيران النظام يقوى على مقارعة طيران العدو في الجو، وكانت الطائرات السورية، الروسية الصنع، تسقط في كل اشتباك، لتدني مستواها التقني وتسليحها. لم يستحث ذلك الروس على تعزيز القوة الجوية السورية، بما يعينها من المقاتلات المتطورة القادرة على الردع.
كانت لافتة نظرة الروس الباردة لمشهد السوريين التعساء، وهم يتدفقون من حدود إلى حدود، في أوروبا، ويركبون البحر، فيغرق منهم من يغرق، وينجو من ينجو. ربما أحسوا بالنشوة والتشفي، لأن أوروبا ارتبكت وحُمّلت بأعباء اللاجئين بالملايين، فتعمّدوا في "عاصفة السوخوي" أن يدفعوا بالمزيد من الناس إلى البحر، ولم يفتحوا طريقاً للسوريين إلى أراضيهم الشاسعة. لم يتكرّس نظامهم نفسه، الذي افتتحه يلتسين، إلا بقصف البرلمان بالدبابات (4/ 10/ 1993).
إنْ لم يختبر العقل والمنطق والقياس كل الوقائع، فإن فلسطين تختبرها. ومن ذا الذي في وسعه الزعم أن الروس جاؤوا إلى سورية لإنقاذ نظام مقاوم لإسرائيل، أو أنهم يريدون، حقاً، القضاء على الإرهاب؟ فلو أنهم معنيون فعلاً بمن يقاوم ويمانع، ويعيث فساداً من الإرهابيين؛ لكانوا - على الأقل - مستعدين لتأثيم الممارسات الإجرامية والإرهابية التي يقترفها الاحتلال الصهيوني، ولو من دون المساس بعلاقاتهم الاستراتيجية مع إسرائيل.
رأت تل أبيب، في نظرتها لمستقبل المنطقة، أن مصلحتها في استمرار علاقات راسخة بين إسرائيل وروسيا، وتقديرها أن الأخيرة تتأهل للعب دور مركزي في تسوية مشوّهة تروق لها. فالروس يعودون إلى الشرق الأوسط بقوة، ويملأون الفراغ الذي خلّفته إدارة باراك أوباما في واشنطن، ولم يعد من مصلحة إسرائيل أن تتساوق مع سياسات الأميركيين والأوروبيين حيال الروس، وتعتبر تل أبيب أن موسكو نجحت قوة عظمى، في التحرك على محورين منفصلين: الأول، علاقات متنامية معهم منذ وصول بوريس يلتسين الى السلطة في روسيا، رسّخت تعاوناً في مجالات الاقتصاد، والتقنية، والبيئة، والثقافة والطاقة، يعززها واقع أن الروس يشكلون 15% من الإسرائيليين. والثاني، علاقات متنامية، مع أنظمة عربية، شاكية أو مجروحة من الأميركيين، أحست بالحاجة إلى الروس للتعاون السلس وغير باهظ الكُلفة، في مجالات التسلح والمشروعات التنموية، ومحاربة الإرهاب.
لا تُقرأ حرب الإبادة، التي يشنها الروس على الشعب السوري، في غير هذا السياق. ولا مجال للجدال في أن هجمة الروس، وهيمنتهم على جزء من سورية، أسقطت فرضية وجود محور للمقاومة والممانعة التي استخدمها النظام السوري لتبرير جرائمه وفساده، وبطشه بمن يواليه وبمن يناوئه، على مر أربعين سنة. وليس، الآن، في وسع مكابر، أن يردد فرضية المقاومة والممانعة أو مقولتها. فالروس، ليسوا بصدد إنقاذ نظام يمانع أو يقاوم. والسلاح الذي جلبوه، نوعاً وكَمّاً، لم يُتح للنظام وهو يحاول حفظ ماء الوجه، أن يرد على صفعات العدو المتكرّرة، وأن ينفذ وعوده بالرد في الزمان والمكان المناسبيْن.
جاء الروس بالسلاح المتطور إلى سورية، وبطائرات "درون" التي ابتاعوها من إسرائيل. لم يضعوا جزءاً من معداتهم في أيدي بقايا جيش النظام، وإنما جعلوا في أيديهم أرضاً سورية عسكروا فيها ومرافئ خاصة ومغلقة.
خلال عشرات السنين، لم يكن طيران النظام يقوى على مقارعة طيران العدو في الجو، وكانت الطائرات السورية، الروسية الصنع، تسقط في كل اشتباك، لتدني مستواها التقني وتسليحها. لم يستحث ذلك الروس على تعزيز القوة الجوية السورية، بما يعينها من المقاتلات المتطورة القادرة على الردع.
كانت لافتة نظرة الروس الباردة لمشهد السوريين التعساء، وهم يتدفقون من حدود إلى حدود، في أوروبا، ويركبون البحر، فيغرق منهم من يغرق، وينجو من ينجو. ربما أحسوا بالنشوة والتشفي، لأن أوروبا ارتبكت وحُمّلت بأعباء اللاجئين بالملايين، فتعمّدوا في "عاصفة السوخوي" أن يدفعوا بالمزيد من الناس إلى البحر، ولم يفتحوا طريقاً للسوريين إلى أراضيهم الشاسعة. لم يتكرّس نظامهم نفسه، الذي افتتحه يلتسين، إلا بقصف البرلمان بالدبابات (4/ 10/ 1993).
إنْ لم يختبر العقل والمنطق والقياس كل الوقائع، فإن فلسطين تختبرها. ومن ذا الذي في وسعه الزعم أن الروس جاؤوا إلى سورية لإنقاذ نظام مقاوم لإسرائيل، أو أنهم يريدون، حقاً، القضاء على الإرهاب؟ فلو أنهم معنيون فعلاً بمن يقاوم ويمانع، ويعيث فساداً من الإرهابيين؛ لكانوا - على الأقل - مستعدين لتأثيم الممارسات الإجرامية والإرهابية التي يقترفها الاحتلال الصهيوني، ولو من دون المساس بعلاقاتهم الاستراتيجية مع إسرائيل.