وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج سيعلن قريباً عن تعيين حاكم عسكري للجنوب يحظى بتأييد واسع بين قبائل لها علاقة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وتتحفظ على مساعي حفتر العسكرية، مشيراً إلى أن اللواء علي كنه أبرز القادة العسكريين بالنظام السابق والموجود بالجنوب حالياً من بين الأسماء المرشحة، فهو يحظى بثقل قبلي بسبب انتمائه لقبيلة الطوارق ذات الانتشار الكبير في الجنوب الغربي وشعبيته الواسعة بين قبائل المقارحة والحساونة والقذاذفة.
وأكد المصدر أن تعيين حاكم عسكري بالجنوب سيرافقه قرار من السراج بتخصيص ميزانية خاصة به لحل الأزمات المعيشية الذي يعاني منها الأهالي، مبيناً أيضاً أن إعلان السراج سيكون ضمن خطة وعد بها أهالي الجنوب أثناء لقائه بقيادات اجتماعية في الجنوب الشهر الماضي.
وبيّن كذلك أن "الأصوات المعارضة لوجود حفتر والتي تعلو حتى الآن مخافة وقوع نزاع قبلي بين مؤيدي حفتر ومعارضيه تجد في قرار السراج الحجة لمعارضة حفتر"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ "فكرة السراج ستركز العمل على الجنوب من داخله عكس حفتر الذي أتى بقوات من مناطق أخرى منها، وعناصر مسلحة من حركة العدل والمساواة السودانية وهو السبب الرئيسي في معارضته من قبل قبائل الجنوب".
من جهة أخرى، لفت المصدر نفسه، إلى أنه بحث هذا الموضوع مع روما، كما "ناقش مع السفير الأميركي بيتر بودي خلال لقائه إياه، أمس، إمكانية توسيع خطط الترتيبات الأمنية لتشمل الجنوب، ما يشير إلى رغبة واشنطن في حث السراج على قطع الطريق أمام رغبة فرنسا في الوجود في فزان".
ورأى أن "تشابك الأطراف الخارجية وتداخل مواقفها أربكا عملية حفتر".
كذلك ربط الدبلوماسي الليبي زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، للجزائر، أمس، بتأخر إطلاق حملة حفتر في الجنوب الليبي التي أعلن عنها، الأسبوع الماضي، دون أن تبدأ حتى الآن، بسبب عدم رضى الجزائر، التي تمتلك أطول شريط حدودي يربط ليبيا بدولة عربية مجاورة، وتوجسها من أهدافها الحقيقية.
ويعتقد المصدر أن هذه الزيارة كان من جملة أهدافها تليين موقف الجزائر الرافض لتحرك حفتر صوب الجنوب الغربي وسط معارضة قبلية غير معلنة من خلال الطوارق، وتحديداً اللواء علي كنه، قائد أبرز فصائل القبيلة العسكرية، والمقرب من السلطات الجزائرية، معتبراً أن موقف كنه متوائم تماماً مع موقف الجزائر التي عبرت عن توجسها، بل رفضها، مرات عدة، الأطماع الغربية في ليبيا.
وحول حجم قوة كنه وما قد تشكله من عرقلة لتقدم حفتر، قال إن "لدى كنه ألوف المقاتلين المحترفين من لواء المغاوير (أقوى أذرع القذافي العسكرية في فزان) الذي تغير بعد عام 2012 باسم لواء فزان بعد أن طالبه موالي القذافي بضرورة إحيائه".
ويرى الدبلوماسي أن رفض حفتر لا يتوقف عند حد السلاح والمقاتلين، بل يتجاوز السلاح إلى المواقف القبلية التي قد تزيد حدتها ويتعالى صوتها في الجنوب إذا ما أقدم حفتر على تجاوز القبائل واقتحام مناطق نفوذها القبلية.
وأوضح أن "حفتر يعرف امتدادات هذه القبائل في دول الجوار ويعرف موقف الجزائر المؤثر جداً التي سبق وأن تلقى منها رسائل تحذيرية بسبب رغبته في التعاون مع حلفائه الدوليين وتمكينهم من بناء قواعد في الجنوب".
في المقابل، أشار المصدر إلى أن "زعامات الجنوب القبلية تعرف أن لمساعي حفتر الحالية علاقة برغبات تشاد وفرنسا في الوجود جنوباً، لكن تلك الزعامات متوجسة أكثر حالياً من أهداف الحلف الذي يربط حفتر بأنجمينا وباريس وما يمكن أن يجره من مشاكل أمنية إضافية لما تعانيه تلك القبائل، لا سيما بعد تدفق مئات من أبناء قبائل التبو، غير الليبيين على الجنوب وتوطنهم في بعض المناطق تحت رعاية القبيلة".
ورغم إعلان حفتر، الثلاثاء الماضي، عن إطلاقه حملة عسكرية باتجاه الجنوب "تهدف لحماية وتأمين سكان مناطق الجنوب الغربي والحدود من الإرهابيين والعصابات الإجرامية"، إلا أن البعثة الأممية عبرت عن "قلقها البالغ" من هذا التحرك، محذرة من وقوع "نزاع وشيك".
على صعيد متصل، أكّد رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، "عدم اعتراف المجلس الأعلى بأي قوات سوى بقائد أعلى واحد للجيش الليبي وهو المجلس الرئاسي وفقاً للاتفاق السياسي"، مرجعاً سبب سوء الأوضاع المعيشية والأمنية التي يعيشها الجنوب "لدخول قوات أجنبية وإرهابية وقوات تتبع جهات غير شرعية"، في إشارة إلى قوات حفتر.