أكثر من 250 قتيلاً منذ يوم الأحد الماضي وحتى يوم الثلاثاء، جرحى تجاوز عددهم الألف، لا يجدون مكاناً لهم في ما تبقى من بقايا المستشفيات أو العيادات الطبية ممن لم يخرجها القصف عن الخدمة لتلقي العلاج.
فماذا يمكن أن يُقال بعد مشهد الأطفال الذين يتوالى مقتلهم مع أمهاتهم وآبائهم يقضون تحت أنقاض مبان هُدمت فوق رؤوسهم ولا يجدون حتى من ينتشلهم. وماذا يُقال بعد مشهد الطفل الذي روى ممرض لوكالة "فرانس برس" كيف حمله بين يديه بعد علاجه لأنه لم يجد له سريراً يرتاح عليه بجسده المنهك أو بعد شهادة الطبيب في مستشفى عربين عن الطفل ذي العام الواحد الذي انتُشل من تحت الأنقاض ووجد فمه محشواً بالتراب وبالكاد تمكن الطبيب من إنقاذه.
هل من كلمات قادرة على توصيف هذا المشهد. هل تكفي الإدانات وبيانات الإعراب عن القلق؟ هل تقدر على ردع النظام؟ هل يستمع في الأصل؟
الجواب الأكيد أنه لا يأبه ولن يأبه طالما أن صدى البيانات لا يتعدى تأثيره بضع كلمات تنشر، تقرأ، تتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، تحصد بعض الإعجابات والمشاركات ثم تختفي فيما هو آمن من العقاب، يختبئ خلف روسيا ويدها التي ترتفع في مجلس الأمن الدولي في كل مرة لتمنع صدور أي قرار يفتح الطريق أمام احتمال محاسبته على جرائمه بحق المدنيين ثم يخرج ليلوك عبارات محاربة الإرهاب ويستمع إلى تصفيق وثناء مؤيديه وداعميه.
صحيح أن إفلات النظام من العقاب عاماً تلو إلى الآخر بات معتاداً بينما تطول وتطول لائحة جرائمه، لكنه بات فجاً إلى درجة فقدت فيها الكلمات قيمتها وانتفت مدلولاتها ليصبح الصمت مهرباً، ولو مؤقتاً، أمام تمدد العجز.