أصدرت المحكمة المستعجلة في الكويت، صباح اليوم الأربعاء، أول حكمين في قضية شطب أكثر من 50 مرشحاً من انتخابات مجلس الأمة المقرر إجراؤها في 26 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقضت المحكمة بإعادة اثنين من المشطوبين إلى السباق الانتخابي، بعد أقل من 24 ساعة من صدور حكم استبعادهم من الانتخابات، هما فواز الجويعد ومانع العجمي. وكان سبب الشطب عدم استكمال بياناتهم، لذا أمرت المحكمة بالسماح لهم بالترشح للانتخابات. ويرتقب أن تتابع المحكمة النظر في التظلمات التي قدمها المشطوبون. ويوم غد الخميس، يتوقع أن تصدر حكمها في طلب المرشح المشطوب مالك الحمود الصباح.
وأعلنت لجنة فحص طلبات الترشح لانتخابات مجلس الأمة، برئاسة المحامي العام الأول في النيابة العامة المستشار سلطان بوجروة، أمس الثلاثاء، منع وشطب 47 مرشحاً من لجنة الانتخابات، لوجود أحكام جنائية بحقهم أو موانع صحية مرتبطة بالأهلية، أو لعدم رد اعتبارهم، أو بسبب فقدهم شرط حسن السمعة.
غير أن اللجنة عادت لاحقاً لتعلن شطب أسماء معارضة جديدة، من بينهم النائب عن كتلة الأغلبية، بدر الداهوم، لاتهامه بقضية إهانة الذات الأميرية، وهو ما يعني تطبيق قانون منع المسيء للذات الأميرية من الترشح والانتخاب بأثر رجعي، والذي أقره المجلس المنحلّ، في محاولة منه لمنع ترشح المعارض الكويتي مسلم البراك، والذي ينفّذ حكماً بالسجن لسنتين في قضية إساءة للذات الأميرية.
كما شطبت اللجنة أيضاً النائب السابق صفاء الهاشم، لإدانته بالسب والقذف ضدها، فضلاً عن شطب أحد أبرز المرشحين في الدائرة الخامسة، خالد النيف المطيري، بسبب ترديده خطاب مسلم البراك الشهير، واتهامه بالتجمهر والعصيان المدني.
ولم تقتصر أسباب الشطب على الأسماء المعارضة فقط، بل امتدت إلى أحد أكثر الأسماء إثارة للجدل في هذه الانتخابات، وهو النائب السابق والهارب من الأحكام القضائية الصادرة بحقه، عبد الحميد دشتي.
وكانت الحكومة الكويتية قد منعت نجل عبد الحميد دشتي، المحامي طلال دشتي، من تسجيل والده الهارب في الانتخابات، رغم حصوله على توكيل عام، لكن المحكمة الإدارية في الكويت سمحت للمتهم، المطلوب أمنياً، بالتسجيل، قبل أن تقوم اللجنة بشطبه بسبب قضايا أمن الدولة المقامة ضده، وأبرزها "معاداة الدول الصديقة" و"التحريض المستمر ضدها".
كما شطبت اللجنة أيضاً مرشح الدائرة الخامسة، الشيخ مالك الحمود الصباح، بسبب انتمائه للأسرة الحاكمة، ولا يوجد نص قانوني في الدستور يمنع أبناء الأسرة الحاكمة من الترشح للانتخابات، لكن وُجد نص في المذكرة التفسيرية للدستور، يؤكد منعهم التام من الترشح، حفاظاً على مكانة الأسرة ولعدم الإخلال بها.
بدوره، قال الشيخ مالك الحمود، بعد شطب اسمه، لوسائل إعلام، "سأبقى مستمراً في الانتخابات وكلي أمل في قضائنا النزيه، الذي سينصفني من الظلم الذي وقع عليّ، وأنا مواطن كويتي، تنازلت عن مخصصاتي الشهرية وجواز سفري الدبلوماسي من أجل الترشح لهذه الانتخابات، فليس لأحد الحق بمنعي منها".
وكانت الحكومة الكويتية قد سحبت مخصصات الحمود، قبل أربعة أشهر، بسبب تدخله في إضراب عمال النفط الذي استمر ثلاثة أيام، وعاقبته كذلك بمنعه من السفر مدة محددة.
وفي هذا السياق، قال المحامي عمر الروقي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث في لجنة الانتخابات أمر غريب جداً، إذ إنّ شطب النائب المعارض بدر الداهوم قد تم وفقاً لقانون منع المسيء للذات الأميرية من الترشح، بينما قالت لجنة الفتوى والتشريع إن قانون المسيء لن يطبق بأثر رجعي، وأعتقد أن القضاء سينصف الداهوم، وسينصف كذلك خالد النيف المطيري".
وأضاف الروقي أن "هذه الحادثة وقعت أيضاً للنائب المعارض فيصل المسلم عام 2012، حيث منعته الحكومة من الترشح، لكن القضاء أعاده واستطاع الحصول على المركز الأول في الانتخابات. أما عبد الحميد دشتي، فأعتقد أن أمره أكبر من لجنة الانتخابات"، مشيراً إلى أن "موضوع ترشحه يخضع لاعتبارات وشروط إقليمية ولمساومات سياسية، كونه يرتبط بشكل واضح بجهات خارجية، لذلك فالحكومة الكويتية تحاول أن تكون حذرة جداً في موضوعه".
ومنعت اللجنة كذلك العشرات من المرشحين المغمورين الذين سُجلت بحقهم قضايا خيانة أمانة وقضايا شرف وانتهاك، كما منعت اللجنة آخرين فشلوا في استكمال أوراق ترشحهم، وأبرزهم نائب المجلس البلدي الحالي، مانع العجمي.
ويسمح القانون الكويتي للشخص الممنوع من الترشح بالطعن بصفة عاجلة أمام المحكمة الإدارية لحين وقت الانتخابات، كما يسمح له بالطعن في المحكمة الدستورية إذا انتهت الانتخابات وانتُخب المجلس، ويجبر القضاء الحكومة، في حال قبول الطعن، على حل المجلس وإعادة الانتخاب من جديد، كما حدث عام 2012، وهو السيناريو الذي يتخوف منه الكويتيون ويتوقعه المعارضون، حال اكتساحهم للانتخابات.