حظيت العديد من المصارف القطرية بمكانة مرموقة بين المصارف العالمية، دفعتها لأن تتبوأ مراكز متميزة في قائمة الـ 50 مصرفاً الأكثر أماناً للاستثمار على مستوى العالم، وتجاوزت تلك المصارف أزمة تراجع أسعار النفط التي أثرت على عدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى، بل وحققت أرباحاً في الربع الأول من العام الجاري.
وتلعب المصارف القطرية دوراً مهماً في توفير التمويل للشركات التي تشارك في مشاريع البنية التحتية والتجهيز لمونديال قطر 2022، ويعتبر تصنيف الـ50 مصرفاً الأكثر أماناً في العالم معياراً معتمداً من حيث الجدارة الائتمانية للقطاع المالي في العالم بأسره.
وأظهرت المؤشرات الرئيسية للجهاز المصرفي ارتفاع ميزانية المصارف القطرية حتى يناير/ كانون الثاني الماضي لأعلى مستوى لها في التاريخ، حيث قاربت حوالي 1.120 تريليون مليار ريال، مقابل 976 ملياراً في يناير/ كانون الثاني من العام 2015، أي بزيادة قدرها 144 مليار ريال وهي أعلى زيادة في ميزانية المصارف.
ويبلغ العدد الإجمالي لفروع المصارف العاملة في دولة قطر والمدرجة في بورصة الأوراق المالية 215 فرعاً محلياً، منها 157 فرعاً للمصارف التجارية و58 فرعاً للمصارف الإسلامية، ويستحوذ مصرف قطر الوطني على النسبة الأكبر من هذه الفروع بنسبة 36% يليه مصرف الدوحة بنسبة 15%. بينما يبلغ عدد الفروع الأجنبية لهذه المصارف 23 فرعاً موزعة بين 22 فرعاً لمصرف قطر الوطني وفرع واحد لمصرف الدوحة.
وكشفت دراسة حديثة من مجموعة "بوسطن كونسلتينغ غروب"، أن مصارف قطر هي الوحيدة بقطاع المصارف في الخليج التي تمكنت من تحقيق معدل نمو مضاعف بنسبة 13%، مشيرة إلى أن قطاع المصارف في الخليج حقق نمواً في العام 2015 بلغ %7.2 جاء معظمه تقريبًا من فئات العملاء الرئيسية مثل الخدمات المصرفية للأفراد وللشركات.
وقال المستثمر والمحلل المالي سعيد الصيفي في تصريحات لـ "العربي الجديد" إن المصارف القطرية حظيت بهذه المكانة والسمعة الطيبة بين مصارف المنطقة والعالم بسبب الشفافية المطلقة وامتثالها للشروط والمعايير الدولية، مؤكداً أن تطبيق تلك الشروط والمعايير لم يكن بالأمر السهل لولا الإدارة الجيدة.
وأكدت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد آند بورز" مؤخرا التصنيف الائتماني السيادي بالعملة المحلية والأجنبية في قطر عند "AA" على المدى الطويل و"A-1 +" على المدى القصير، مع نظرة مستقبلية مستقرة، في الوقت الذي خفضت فيه الوكالة تصنيفات المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والبحرين. وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" إن دولة قطر تملك قطاعاً مالياً أكثر تنافسية في المنطقة العربية.
كما قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إنها ثبتت التصنيف الائتماني لسبعة مصارف قطرية هي المصرف التجاري القطري ومصرف الدوحة، ومصرف قطر الإسلامي، والمصرف الخليج التجاري، ومصرف قطر الدولي الإسلامي والمصرف الأهلي ومصرف قطر الوطني، وأبقت على النظرة المستقبلية المستقرة.
ولفت الصيفي إلى الدعم والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها دولة قطر للمصارف القطرية، كي تشجعها على الصناعة والتجارة والاستثمار وتقديم التسهيلات لكبار المستثمرين وصغارهم ولأصحاب الدخول المتفاوتة، مؤكداً أن مصرف قطر المركزي يساهم بشكل كبير في خلق البيئة التنظيمية التي تسهل وصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل اللازم لنموها بما ينعكس على تنمية الاقتصاد الوطني.
وكانت مجلة "غلوبال فاينانس" العالمية قد اختارت مصرف قطر الأول المتوافق مع الشريعة الإسلامية لجائزة أفضل مؤسسة مالية إسلامية صاعدة للعام 2016"، كما تم اختيار مصرف قطر الوطني من بين الخمسين مصرفاً الأكثر أمانا في العالم وفقاً لغلوبال فاينانس. كما نال مصرف قطر الوطني أيضاً العديد من الجوائز العالمية، بما في ذلك لقب "أفضل مصرف لتمويل التجارة الخارجية في قطر لعام 2016".
وفي تعليقه على الفوز بالجائزة، قال الرئيس التنفيذي لمصرف قطر الأول زياد مكاوي: استراتيجية عملنا تتمحور حول تعزيز دور "الأول" كشريك مالي موثوق للمستثمرين الذين يتطلعون لاغتنام الفرص الاستثمارية في دولة قطر وخارجها والاستفادة من الحلول المالية المبتكرة والمتوافقة مع أحكام الشريعة التي نقدمها في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية.
وقال الخبير المصرفي محمد الهيدوس لـ "العربي الجديد" إن الأداء القوي وحسن اختيار الإدارة للكفاءات المصرفية المتميزة، فضلا عن الخدمات المصرفية المتميزة والتوسعات الخارجية لمصرف قطر الوطني أدت إلى وصول المصرف إلى هذه المكانة المتميزة.
وأضاف أن استهداف المصرف تقديم أحدث الخدمات المصرفية واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل إجراء التعاملات المصرفية لعملائه عبر أكثر من 635 فرعاً ومكتباً تمثيلياً في أكثر من27 دولة وثلاث قارات حول العالم، أدى إلى اكتساب المصرف ثقة كبيرة لشريحة كبيرة من المتعاملين مع القطاع المصرفي في هذه الدول.
وأشار الهيدوس إلى أن المصارف القطرية وخاصة مصرف قطر الوطني، تعتمد على تنوع مصادر الدخل والاستثمار ويتعاملون بنظرية (لا تضع البيض كله في سلة واحدة) للحفاظ على أموال المودعين، إلى جانب اتباع سياسة حكيمة وإدارة فعالة للمخاطر.
وتوقعت مجموعة «أوكسفورد بيزنس غروب» البريطانية أن تشهد الصناعة المصرفية في قطر سنوات ازدهار قادمة، مشيرة إلى أن البيئة التنافسية المتزايدة شجعت المصارف على البحث عن إيرادات في قطاعات لم تستغل من قبل من السوق المالية، والنتيجة تجسدت في منتجات وخدمات جديدة واستثمارات متزايدة في أسواق خارج نطاق حدود البلاد.
وأكد الهيدوس أن مصرف قطر الوطني عزز من تواجده في السوق المصرفية الإقليمية والدولية عبر التنوع الاستثماري، وآخرها كانت صفقة الاستحواذ على حصة مصرف اليونان الوطني والبالغة 99.81% في "فاينانس مصرف" التركي مقابل 2.94 مليار دولار، ومن المتوقع استكمال الصفقة خلال النصف الأول من عام 2016.
من جانبها قالت «أوكسفورد بيزنس غروب»: بينما تعتبر التوسعات الخارجية للمصارف القطرية من أكبر التحديات لمن يتولون الإشراف على السلامة المالية للقطاع، والتي تتميز بالاستقرار والكفاءة، إلا أن الفضل يعود إلى كفاية نسب الرسملة القوية للمصارف القطرية إلى الدعم الحكومي القوي، لذلك فقد تمتعت المصارف القطرية بمستوى تصنيف عالٍ من وكالات تصنيف الائتمان العالمية، حيث احتلت المصارف الخمسة الكبرى تصنيفاً ائتمانياً عالياً لدى كل وكالات التصنيف العالمية.