لم يتوقف سعي الأسر المغربية الراغبة في الحصول على القروض العقارية من المصارف، رغم تراجع وتيرة توزيعها في ظل الأزمة التي يعاني منها القطاع، علما أن تلك القروض تمثل حوالي 64 % من مديونية الأسر في المملكة، حسب بيانات حديثة للمصرف المركزي.
ووصلت خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، قروض اقتناء السكن إلى حوالي 18.4 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 5.3 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بينما سجلت القروض الموجهة للمستثمرين في قطاع العقارات تراجعا بنسبة 31.7 %، لتستقر في حدود 1.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات المصرف المركزي.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، مديح وديع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قروض السكن تستأثر باهتمام خاص لدى الأسر المغربية، ويشدّد وديع، على أن عدد الشكاوى التي تتلقاها الجمعية حول العقارات والمساكن، تؤكد أنها الهاجس الأول للأسر المغربية.
ويشير إلى أن سعي الأسر إلى اقتناء السكن يؤدي في بعض الأحيان إلى الإفراط في الاستدانة، علما أن تلك الديون قد تصل مدتها إلى 25 عاما، ما يفتح الباب في بعض الأحيان إلى العجز عن الأداء في حالة تعرض المدين لصعوبات مالية تجعله غير قادر عن الأداء.
ويذهب وديع إلى أن السلطات العمومية المغربية انتبهت للمخاطر التي تحيق للمدين عندما يعجز عن الأداء، هذا ما دفعها إلى تضمين قانون حماية المستهلك، مقتضيات تجيز للقضاء منح المدين مهلة للأداء تراعي الصعوبات التي قد يواجهها قبل الوفاء بدينه.
ويشير تقرير للمصرف المركزي، إلى أن القروض التي طلبتها الأسر من أجل اقتناء السكن في العام الماضي، تمثل 64 % من إجمالي مديونيتها التي وصلت في العام الماضي إلى 30 مليار دولار.
وحسب الإحصائيات الرسمية، تباطأ نمو القروض الموجهة لاقتناء المساكن، في العام الماضي، حيث لم تزد سوى 5 % فقط، بعدما ارتفعت بنسبة 6.7% في العام الذي قبله.
وعند تناول المستفيدين من تلك القروض، يخلص تقرير المركزي المغربي، إلى أن 79 % منهم موظفون، متبوعين بالصناع التقليديين والتجار بنسبة 14%.
وينتمي 64% من السكان المستفيدين من تلك القروض لفئة عمرية تتراوح أعمارها بين 30 و49 عاما، في حين حصل من تصل أعمارهم إلى 50 عاما وأكثر على 29% من القروض، غير أنه بدا أن حصة الساكنة التي يصل عمرها أقل من 30 عاما، لا تمثل سوى 7 %.
ويفضي تحليل توزيع القروض حسب الأجور، إلى ملاحظة أن 32 % من القروض توجه لمن تقل أجورهم عن 400 دولار في الشهر، و38 % تتراوح أجورهم بين 400 و1000 دولار، و30 % لمن تتعدى أجورهم 1000 دولار، حسب تقرير الاستقرار المالي.
ومن جانبها، أكدت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير صدر مؤخراً، أن حركة القروض المصرفية ستبقى متواضعة في المغرب في العام الحالي، رغم التدابير التي اتخذها المصرف المركزي، وترد المندوبية، تراجع توزيع القروض، إلى العوامل ذات الصلة بتباطؤ النشاط الاقتصادي، الذي من سماته تراجع النمو الاقتصادي في العام الحالي إلى 1.5 %، و3.5 % في العام المقبل.
وتضيف المندوبية أن انخفاض وتيرة توزيع القروض إلى استقرار سوق العقار وتراجع إنجاز مشاريع البنية التحتية، وتراجع استهلاك الأسر، وهو ما أكد المحللون على أنه يشير إلى تراجع الاستثمارات في المغرب، بما يعنيه ذلك من صعوبات تصادفها الشركات المغربية.
وشدّد المصرف المركزي المغربي في تقريره الصادر بداية الأسبوع الجاري، حول الاستقرار المالي في العام الماضي، على أن بحث شروط منح القروض، أدى إلى حدوث تراجع في طلب الشركات للقروض، في وقت سعت المصارف إلى تسهيل المعايير التي تعتمدها في معالجة طلبات الشركات.