واجه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي انتقادات واعتراضات مباشرة من قبل أحزاب اللقاء المشترك وخصوصاً حزب التجمع اليمني للإصلاح، على خلفية التعيينات الأخيرة والتي أظهرت تقاسماً بين هادي وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
وطالب تكتل المشترك، الذي يضم ستة أحزاب، أبرزها الإصلاح والاشتراكي والتنظيم الناصري، الرئيس اليمني ورئيس الوزراء خالد بحاح بـ"إلغاء تلك القرارات واخضاعها للتشاور مع المكونات السياسية" و"عدم المكابرة وراء الخطأ". كما اعتبر أن التعيينات "جاءت مخالفة للإجراءات الواجب اتّباعها دستورياً وقانونياً ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة".
وفي إشارة إلى مبادئ العملية السياسية في المرحلة الانتقالية التي تفرض على هادي التشاور مع القوى السياسية قبل اتخاذ القرارات، هدد المشترك أنه "في حال استمرار نهج تجاهل القوى السياسية ونقض الاتفاقات سيكون له موقف واضح ومعلن". وتعدّ الصيغة التي حملها بيان المشترك، يوم الخميس هي الأولى من نوعها، إذ اتهمت الرئيس اليمني ضمنياً بمخالفة القانون والدستور ونقض الاتفاقات.
وذهب حزب الإصلاح في بيان منفصل، إلى ما هو أوضح، واعتبر أن التعيينات الأخيرة تُقصي القوى السياسية وتصب في مصلحة "جماعات العنف المسلح"، في أول اتهام شبه مباشر من الإصلاح لهادي بتمكين الحوثيين الذين كان حزب الإصلاح هدفهم السياسي الأول وتعرض أعضاؤه ومقراته للاستهداف من قبل الجماعة.
وكان هادي أصدر مساء الثلاثاء حزمة تعيينات شملت 18 منصباً حكومياً بينهم سبعة محافظين، كان نصيب الحوثيين منهم أربعة في محافظات (الحديدة، صعدة، الجوف، وذمار). واعتبر عديدون أن تعيينات الثلاثاء الماضي عكست تقاسماً للسلطة بين هادي والحوثيين على حساب الإصلاح الذي خسر محافظتين على الأقل في التعيينات الأخيرة هما عدن والجوف.
وجاء موقف الإصلاح متوازياً مع افتراقه التدريجي عن هادي واقتراب الأخير من الحوثيين وتحويلهم إلى شريك أساسي في السلطة. وكان هادي في الفترة الأخيرة موضع هجوم وانتقادات لاذعة من قبل ناشطي الإصلاح، بعضها وصلت إلى التأييد الصريح للإطاحة به.
وإزاء الخلافات يطرح محللون ثلاثة سيناريوهات محتملة للعلاقة بين هادي والإصلاح خلال الفترة المقبلة.السيناريو الأول، أن يحاول هادي تهدئة غضب الإصلاح عبر إقرار حزمة تعيينات جديدة يعطي فيها للإصلاح مناصب تقلل من سخطه جراء التعيينات الأخيرة أو بسبب تسليم هادي رقبة الإصلاح وأعضائه ومقراته إلى رحمة الحوثي وتخلي الدولة عن حماية المواطنين المحسوبين عليه، بعدما كان الحزب الحليف الأول لهادي في السلطة خلال الأعوام الماضية.
السيناريو الثاني، يتمثل في مواصلة هادي التقاسم مع الحوثي كحليف جديد في الحكم ويتجاهل اعتراض الإصلاح، وبالتالي يدفع الإصلاح أكثر إلى خانة المعارضة ليصبح إلى جانب حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ويمكن أن يشكل الاثنان (المؤتمر والإصلاح) معارضة قوية لهادي. غير أن آثار خلافات الأعوام الماضية لا تزال تقف عائقاً أمام تقارب الأخيرين رغم وجود دعوات ومقدمات واضحة تجعله مآلاً محتملاً في الفترة المقبلة، وخصوصاً في ظل رغبة صالح بالإطاحة بهادي وحاجته إلى تكوين أكبر تأييد ممكن.
أما السيناريو الثالث، فيتجسد في استخدام هادي الضغوط على الإصلاح، بما في ذلك الاستعانة بالمبعوث الدولي جمال بن عمر، لإجبار الحزب على الرضوخ للواقع وتقبله بصمت مقابل حفاظ الحزب على ما أمكن، أو حتى لا يتعرض لمزيد من الضربات.
وفي كل الأحوال، لم يعد بإمكان هادي إرضاء الإصلاح بعدما أصبحت الكلمة الأولى لخصمهم الأول، جماعة الحوثيين. كما لم يعد بإمكان الإصلاح إقناع قواعده الحزبية بالدفاع عن هادي، إذ يشعر الكثير من الإصلاحيين الذين تعرضوا للملاحقة وتلقوا صدمات قاسية في العام الأخير، أن قيادتهم أخطأت حساباتها بدليل الرئيس الذي دعمته في السلطة وتخلى عن الحزب تاركاً إياه وأعضاءه فريسة للميليشيات التي اجتاحت العاصمة وتسلمت أبرز مؤسسات الدولة.