بعيداً عن معضلة التوريث السياسي التي ظهرت في الانتخابات النيابية المرتقبة في لبنان، مع ترشح عددٍ من أبناء السياسيين اللبنانيين، ثمة ظاهرة درجت، هذه السنة، تحديداً في استغلال صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل بعض هواة الشهرة. ظاهرة تحولت إلى عدوى، مع الوقت، وتصح تسميتها هي أيضاً بالافتراضية، لأنها ببساطة شكلت قبل سنوات ملاذاً، أو نواة شهرة لبعض الدخلاء على عالم الغناء أو الفن.
بعيداً عن الحرية الشخصية، التي تعطي لكل فرد أو فكرة وموهبة، الحق في إظهارها، وتعريف الناس بها، يأتي الاستحقاق الانتخابي في لبنان، بعد تسع سنوات من الغياب، ليزيد المشهد الاجتماعي أو الفني التراجيدي هزلاً، ويحمل مزيداً من التساؤلات حول الهدف من الترشح إلى الندوة البرلمانية. وكيف يبني الشخص فكرته وما هو برنامجه الانتخابي؟ لمجرد أنه أطلق أغنية، أو شارك في مسلسل، أو كان ناشطاً على صفحات التواصل، ويحقق نسبة متابعة جيدة.
أسماء كثيرة دخلت "بازار" الانتخابات النيابية هذه السنة على غير عادة، وتسلحت بالفضاء الافتراضي، كسلاح وحيد، الهدف من ورائه حصد ردود فعل موافقة أو شاجبة، لا يهم، الأهم الدخول ضمن الدائرة "الدوامة"، دون مشروع. لعل الأهم بالنسبة لبعض هؤلاء أن تُذكر أسماؤهم على المواقع نفسها، أو تتناقلها بعض المواقع الصحافية التي تتخذ من التواصل الافتراضي مصدراً لأخبارها، وتبني على ذلك مشهداً آخر من السخرية التي يحصدها خبر ترشح مغن لا يملك قدرات صوتية إلى مجلس النواب.
يعلّق مُزين الشعر اللبناني، جو رعد، على خبر ترشّحه إلى الانتخابات اللبنانية، بالقول: "يحق لي كمواطن لبناني الترشح، ولا شيء يمنعني، القانون يُجيز لي ذلك، لكنني عرفت أن المرشح المنفرد لا يستطيع أن يُكمل لوحده أو يفوز ساعة الاستحقاق، يجب أن يكون ضمن كتلة مدعومة من قبل سياسيين، أو ما يُسمى لائحة، لذلك أعلنت عزوفي عن الترشح".
ينفي جو رعد أن يكون الهدف من وراء ترشحه كسب مزيد من الشهرة، يقول: "شهرتي اكتسبتها من خلال عملي لعشرين عاماً كمزين للشعر. وزادت بنسبة كبيرة بعد دخولي مجال الغناء، وأسلوبي الفني الخارج عن المألوف. وهذا بحد ذاته ذكاء. لا أفرض نفسي على الناس، هم يتابعون كل نشاطاتي، حتى المنتقدين، بغض النظر عن ردود الفعل المساندة أو تلك التي تشتم، الأهم أن جزءاً كبيراً من الجمهور يتابعني".
الواضح أن خطوة المزين المغني جو رعد، كانت مجرد فقاعة، أراد منها رعد تحريك أغنية جديدة صورها على طريقة "فيديو كليب"، عن طريق استغلال ترشحه للانتخابات النيابية، وإعلانه سحب ترشيحه بعد أقل من 24 ساعة.
مقابل ذلك، تسري شائعات عن ترشح بعض الفنانين للانتخابات النيابية، لكنّها تبقى مجرد شائعات الهدف من ورائها الترويج، مقابل تسجيل عدد قياسي لإعلاميين أعلنوا عن ترشحهم حقيقة، وبعضهم يدرك تماماً أن إمكانية فوزه ضئيلة قياساً إلى اللوائح المدعومة من قبل رؤوس السلطة. لكن الهدف بالطبع هو الـ"بروباغندا" التي بإمكان الإعلامي، أو مقدم البرامج الحصول عليها بشكل مجاني.