منذ سنوات يتجول رائد الصلوي (40 عاماً) في شارع حدة بالعاصمة اليمنية صنعاء والشوارع المحيطة ليبيع الصحف، للمارة وأصحاب المحلات، فيحصل على عائدات جيدة تساعده في الإنفاق على عائلته.
ولكن مع تفاقم الحرب بعد توجيه تحالف عربي بقيادة السعودية ضربات جوية ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، توشك الاضطرابات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية أن تدمر مهنته وتقضي على مصدر دخله الوحيد.
وقال الصلوي لـ"العربي الجديد": "قضيت معظم عمري في هذه المهنة، حيث أعمل بها منذ كان عمري 17 عاماً، وإلى ما قبل الحرب كان الربح جيداً ويغطي التزاماتي، لكن الحرب قضت على مهنتي ومع توقف استمرار الجرائد المحلية وعدم وصول العربية والدولية إلينا، تراجعت المبيعات بشكل حاد".
ويضيف: "لقد تعلمت حتى السادس الإبتدائي وتركت مقاعد الدراسة وانتقلت للعمل في هذه المهنة، أخرج عند الرابعة فجراً وانتظر موزعي الصحف الحكومية والأهلية اليومية، وكنت أبيع حوالي 300 نسخة من الصحف بربح 40%، حيث اشتري الصحيفة بـ 60 ريالاً (0.3 دولارات) وأبيعها بـ100 ريال (0.45 دولار)، وحاليا لم يتبقَ سوى 3 صحف أبيع منها حوالي 70 نسخة فقط".
ويوضح الصلوي أن أصحاب المحلات التجارية في شارع حدة كانوا هم ابرز عملائه، حيث يمر كل صباح ويوزع الصحف اليومية على المحلات، لكن أغلبها أغلقت بسبب ركود الأعمال.
ويقول إنه ربما يضطر للانتقال من مهنته التي يعشقها بسب حالة الركود التي أصابتها، إلى مهنة أخرى مثل بيع الثلج والماء البارد التي انتعشت بسبب الحرب.
اقرأ أيضاً:الحوثيون يتّجهون لخفض الرواتب 50%
وتشهد اليمن حروباً داخلية بين جماعة الحوثيين والمقاومة الشعبية في محافظات جنوب ووسط وشرق البلاد، فيما تواصل طائرات تحالف عربي بقيادة السعودية، قصف المواقع العسكرية والقيادية للحوثيين ضمن عملية تستهدف دعم الشرعية في اليمن وإنهاء التمرد في البلاد، بدأتها في 26 مارس/آذار الماضي.
ويوضح بائع الصحف وليد حجر من مدينة عدن (جنوب)، لـ"العربي الجديد"، أنه كان يملك كشكاً لبيع الصحف والمجلات في الشيخ عثمان، لكنه اغلقه بسبب المعارك التي تشهدها المدينة بين الحوثيين والمقاومة الشعبية.
ويقول حجر، إن كل شيء هنا مدمر، ولم تعد الناس تهتم بقراءة الصحف، إنهم يبحثون عن الغذاء والدواء ويخشون المجاعة، وقد أغلقت الكشك الذي اعتمد عليه في معيشتي ونزحت إلى قريتي في منطقة الحجرية بمحافظة تعز.
ومن جانبه، يؤكد صاحب مكتبة النداء لبيع الصحف والمجلات، في صنعاء، محمد العبسي، أن سوق الصحف أصبح ميتا.
ويقول العبسي لـ"العربي الجديد"، إننا كنا نجني أرباحاً ضئيلة من بيع الصحف والمجلات لكنها كانت كافية لأن نعيش، واليوم لم أعد أبيع ما يكفي للعيش، أغلب زبائني هم من اصحاب الشركات الخاصة والجهات الحكومية الواقعة في الشارع، ومعظمها مغلق.
وأدت الأزمات الاقتصادية والمعيشية إلى توقف العديد من الصحف الأسبوعية واليومية، الأمر الذي انعكس سلباً على الوضع المادي والمعيشي لبائعي الصحف.
وأعلنت صحيفتا "الشارع" و" الأولى" اليوميتان، منتصف أبريل/نيسان الماضي، أنهما توقفتا بسبب الأزمة المتفاقمة في الوقود، وانعدام التيار الكهربائي.
وتعيش البلاد أزمة خانقة في المشتقات النفطية منذ أسابيع، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء عن العاصمة صنعاء، والمدن الأخرى، بسبب الاعتداء على خطوط نقل الكهرباء بمأرب، شرقي البلاد، التي تشهد مواجهات بين جماعة الحوثيين وقبائل المنطقة.
وأوضحت صحيفة الشارع، أنه لم يعد بإمكانها مواصلة الصدور بسبب خسائرها اليومية، وعدم تمكنها من الوصول بشكل يومي الى كثير من المحافظات، على رأسها عدن." وقالت صحيفة الأولى، إنها لم تعد قادرة على الصدور، بعد عجزها عن تدبير نفقات التشغيل.
وأغلقت جماعة الحوثيين العديد من الصحف منها صحف تابعة لحزب التجمع اليمني للاصلاح (الإخوان المسلمون)، الأمر الذي ساهم في تراجع مبيعات الصحف وبالتالي انخفضت إيرادات البائعين، كما أدى الحظر الجوي وتوقف رحلات الطيران إلى عدم وصول صحف ومجلات عربية وعالمية لليمن.
وأثرت المعارك المسلحة سلباً على سوق العمل، في ظل تراجع المؤشرات الاقتصادية والاضطرابات الأمنية التي وجهت ضربات موجعة لجميع المهن بلا استثناء، وتجاوزت البطالة في البلاد نسبة 50%، حسب إحصائيات رسمية.
اقرأ أيضاً:انقطاع الكهرباء يُنعش تجارة الثلج في اليمن