لم يخطر على بال ماركس، أن يجيء حينٌ من الدهر، يصبح فيه اللاجئون والمهاجرون، هم بروليتاريا أوروبا الرثة. مع أنّ أساسيّات تحليل الرجل التي اجتهد عليها، قبل قرن ونصف، يمكنها ـ دون اعتساف أو إسقاط ـ أن تُحيلنا إلى النتيجة ذاتها، أو شيءٍ قريب من هذا التصور.
أما وأن العالم لا يؤمن بالفراغ (كما يزعمون)، فكان لا بد أن يوجد بديل لتلك الطبقة التي انقرضت أو توشك في بلاد المركز الرأسمالي.
والبديل هو نحن: كل لاجىء وكل مهاجر من كيانات الهوامش والأطراف. الخلاسيون والصُّفر والسود القادمون من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. فالناس بألوان بشرتهم، في عين المركز.
والحق، أن البروليتاريا الرثة لم تنقرض في أوروبا، كما يدّعي الناظرون من علٍ. فكل ما في الأمر، أنها موجودة ويتعاظمُ عديدُها، مع إشراقة كل صبح، وبالأخص بعد أزمة النظام في 2008. فقط مظهرها الخارجي تغيّر منذ عقود: صارت تلبس ملابس نظيفة لا أكثر!
ورغم هذه الملاحظة، التي لا تغيّر من جوهر الحال شيئاً، فإن ما يؤلم الواحد منا أن يرى زملاءه الأعزاء، شركاء المصير والأزمنة الثلاثة، ضحايا هذا الوضع المزري.
بروليتاريا مهاجرة، بحاجة إلى جهد عسير، كي تصل مقام بروليتاريا القارة المتوطنة.