رفعت حكومة بشار الأسد، أمس الخميس، أسعار العديد من السلع الاستهلاكية الاساسية، كالسكر والأرز المدعوم، من 25 إلى 50 ليرة للكيلوغرام الواحد، ليبدأ تطبيق السعر الجديد مطلع الشهر المقبل، مما أثار سخط السوريين، خصوصاً أنه جاء بعد أيام من رفع سعر الخبز بنسبة 66.6%.
تصريحات متناقضة
ارتفاع الاسعار تزامنَ مع تصريحات متناقضة لوزير التجارة وحماية المستهلك، سمير قاضي أمين، الذي أكد لإحدى الصحف السورية أن ما يقال عن رفع أسعار هذه السلع مجرد شائعة، مشيراً الى عدم صحة الأخبار والشائعات بشأن إعداد آلية جديدة، تدار خلف الكواليس، حول رفع أسعار السلع، سواء الخبز أو غيره من المواد الغذائية الأساسية للمواطن، وأن دعم الخبز والمواد الاساسية سيبقى بسعر يتناسب مع دخل المواطن.
لكن تأكيدات وزير التجارة لم تترجم على أرض الواقع، حيث ارتفعت اسعار الخبز بنحو خمسة أضعاف منذ بداية الثورة السورية عام 2011، والمواد المقننة (سكر وأرز) بنحو 180%، إذ رفعت الحكومة السورية، في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، سعر السكر والارز من 15 إلى 25 ليرة سورية.
سحب الدعم
يشير أحد موظفي وزارة التجارة وحماية المستهلك إلى أنه سيتم سحب الدعم، تدريجياً، عن جميع المواد، التي تدعمها الدولة، ليصار إلى تحرير الأسعار، وخصوصاً للمشتقات النفطية، من مازوت وغاز منزلي وفيول، بعد رفع سعر البنزين في نيسان/ابريل الفائت بنسبة 20%.
ويقول لـ "العربي الجديد": "بعد رفع سعر السكر والارز، سيتم تعديل أسعار الاتصالات والكهرباء، لأن العجز التمويني المقدر على موازنة 2014، نتيجة دعم الخبز يبلغ 5.138 مليار ليرة، والعجز التمويني الخاص بمادتي السكر والارز نحو 6.30 مليار ليرة."
وعن انعكاسات هذه الارتفاعات على المواطن السوري، يكتفي الموظف الحكومي بالقول:" حكومة لا تعرف طريقة للعائدات سوى من جيوب مواطنيها."
ليبرالية بشعارات اشتراكية
تعيش الأسواق السورية تحت تأثير العرض والطلب، ولا ينعم الشعب السوري من "أبوية الدولة" سوى بالشعارات، فبعد فوضى الأسواق وانفلات الأسعار، وغياب دور التنظيمات غير الحكومية، من غرف التجارة ومديريات حماية المستهلك، اكتمل الحصار برفع أسعار المواد المدعومة، التي كان يعول عليها السوريون، في واقع الغلاء وتراجع القيمة الشرائية، ووصول التضخم النقدي إلى أكثر من 150%.
ويتساءل المهندس المتقاعد، مالك بكور، من ريف حماة، وسط سورية، عن اختلاف تعاطي الدولة مع المواطنين، فيقول:" لماذا نتقاضى رواتب وفق النهج الاشتراكي، ونعيش الغلاء وتحرير الأسعار على مبدأ الرأسمالية؟ أم أن الهدف هو الاستمرار في نهج التجويع، لأن كيلو السكر والارز في السوق لا يقل عن 500 ليرة سورية؟
ويضيف بكور، لمراسل "العربي الجديد"، أن المسؤولين أكدوا عدم رفع الأسعار، وفي حال ارتفاعها، لتخفيف عجز الموازنة، فإن ذلك سيترافق وزيادة الرواتب والأجور، متسائلاً كيف ترتفع الأسعار قبل تحسين دخل الموظف؟ وكيف يمكن للموظف أن يعيش بأجر لا يتعدى عشرين ألف ليرة سورية (130 دولاراً) في ظل موجة الغلاء؟
خارج القرارات
في إطار آخر، تعيش المناطق الخاضعة للثوار خارج جميع القرارات، التي تصدرها حكومة بشار الأسد، فلا وجود لسعر رسمي ولا وجود لأية رقابة تموينية على الأسواق.
ويقول المواطن، موفق عبد الحميد، من ريف ادلب، شمالي سورية: "لا تصلنا المواد المقننة أصلاً كي نهتم بتسعيرتها، لأن نظام بشار الأسد يعاملنا كأعداء وخارج الدولة، ولا يتذكرنا إلا بالقصف والقتل.
وحول أسعار السكر والارز في المناطق المحررة، يقول عبد الحميد، لمراسل "العربي الجديد": "تتراوح الاسعار بحسب النوعية والوفرة، لكنها لا تقل عن 600 ليرة سورية، ومعظمها يدخل تهريباً من مناطق النظام."
يذكرُ أن ما يجري في السوق السورية لجهة تحرير الأسعار، وسحب الدعم، هو من اقتراحات هيئة التخطيط والتعاون الدولي العام، لتحقيق وفر قدره 914 مليار ليرة نتيجة تعديل أسعار الخبز والسكر والارز والمشتقات النفطية والكهرباء، وقرنت الهيئة دراستها بضرورة زيادة الأجور والرواتب وتعويض "المستحقين" بمبالغ مباشرة تعادل تضررهم من رفع الأسعار، والتي أكدت الحكومة السورية، وقتذاك، أنها لن تعمل بمقترح الهيئة، وستبقي على سياستها في الدعم خلال المرحلة الراهنة.