المجزرة الأبشع في التاريخ الحديث، هكذا وصفت هيومن رايتس ووتش ما حدث صبيحة يوم 14 أغسطس/ آب عام 2013، والذي عُرف بمجزرة رابعة العدوية. بدأت القصة بانقلاب عسكري على السلطة المنتخبة مدعومًا بعدد من القيادات السياسية والمؤسستين الدينيتين الكبريين (الأزهر - الكنيسة).
فض الاعتصام أُعتبر بحسب سياسيين بمثابة مقتل للعملية السياسية في مصر برمتها، ليلجأ بعضهم فيما بعد للخروج من مصر لمزاولة نشاطاته السياسي والإعلامي والحقوقي إلى عدة دول كان أبرزها تركيا وقطر والسودان وماليزيا.
تركيا كانت المحطة الأبرز من حيث الدعم السياسي والإعلامي للقضية المصرية فمنها انطلقت إشارة رابعة الصفراء ولا يمل رموز الحكومة من رفعها في المحافل الدولية التي تعنى بالملف المصري.
رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان على سبيل المثال لا يمر حدث مصري أو انتهاك حقوقي أو إنساني في مصر حتى يقوم بانتقاده.
في نهاية العام الدراسي الفائت في إحدى الحفلات التي تخص الطلاب العرب في اسطنبول حضر فيها أردوغان وكان جُلُّ حديثه عن الانتهاكات التي تحدث للطلاب في مصر ورفع في نهاية كلمته إشارة رابعة، كما أطلقت البلديات التركية أسماء شهداء المجزرة على عدد من الميادين في محافظات تركية مختلفة، واستقبلت ما يزيد على 2000 ناشط ومتضرر من الوضع في مصر، وقامت بتسهيل أوراق إقاماتهم والسماح لهم بمزاولة نشاطاتهم السياسية والإعلامية، لتنطلق العديد من القنوات التليفزيونية المناهضة للانقلاب العسكري في مصر.
مصطفى سعودي أحد المنظمين للفعاليات المصرية في اسطنبول أكد أن الحكومة التركية دائمًا لا تعارض تنظيم أي فعاليات أو تظاهرات مناهضة للانقلاب في مصر، حتى في أحلك الظروف السياسية التي مرت بها الدولة التركية.
كما وصف سعودي الدعم المجتمعي للقضية المصرية، والتضامن مع ضحايا المجزرة بالكبير، مؤكدًا أن الشعب التركي من أكثر الشعوب في العالم المتعاطفة مع مظلومية المصريين.
من ناحية الحراك السياسي بعد مجزرة الفض، ظل المتحدث السياسي الوحيد باسم الحراك المناهض للانقلاب هو التحالف الوطني لدعم الشرعية، وما ينضوي تحته من أحزاب وكيانات، وبدأت حركات شبابية كشباب ضد الانقلاب، وأولتراس نهضاوي، وأولتراس رابعاوي في إعادة صياغة شكل الحراك الشعبي، وتصدير خطاب سياسي مغاير لما كان قبل فض الاعتصام.
وظل الحراك السياسي خارج مصر كما هو حتى جاء الإعلان عن وثيقة بروكسل، والتي أطلقها عدد من السياسين المعارضين للانقلاب العسكري في العاصمة البلجيكية بروكسل في بداية مايو/ آيار 2014. إلا أنه بعد إعلان الوثيقة ومبادئها وما ينبني عليه لم تكُن له فعاليات تُذكر سوى المؤتمر الصحفي الذي أُعلنت فيه.
ليأتي بعد ذلك في بداية شهر غسطس/ آب من نفس العام إعلان تأسيس المجلس الثوري المصري في اسطنبول بعد ثلاثة أيام من اجتماعاتٍ متواصلة لعدد من الشخصيات البارزة المعارضة للانقلاب.
واعتُبر المجلس مجلسًا وتحالفًا سياسيًا جديدًا مختلف التوجه -كما يقول مؤسسوه- له العديد من الملفات التي يريد إنجازها في إطار تطوير الحراك السياسي الدولي، وأن يكون المجلس صوتًا جديدًا للثوار في الشارع بعد أن مل الثائرون من سياسة تحالف دعم الشرعية في الخارج.
كانت أهداف المجلس المبدئية المعلنة هي تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، واصطفاف كافة القوى الثورية والشبابية المناهضة للانقلاب وتجاوز الخلافات وبناء رؤية مستقبلية مشتركة، وحشد الدعم الدولي لدعم ثورة 25 يناير، وتقديم الدعم الكامل لقوى الثورة في مصر وخارجها لإسقاط الانقلاب، تحقيق أهداف الثورة، وتفكيك شبكات الفساد وإعادة بناء الدولة، وبناء دولة المواطنة والعدل والحرية والكرامة.
إلا أنه وحتى أسابيع قليلة لم يُلحظ للمجلس أي نشاط مؤثر بعيدًا عن المؤتمرات الصحفية التي تُعقد بصفة شبه دورية، لإبداء الرأي في الأحداث الدائرة في مصر فقط، لكن بعد مقتل النائب العام على يد مجهولين، تقدم المجلس للهيئة العامة للأمم المتحدة بطلب لفتح التحقيق في مقتل النائب العام كالتحقيق المفتوح في قضية مقتل الزعيم اللبناني رفيق الحريري، لأنه -بحسب المجلس- الحادثتان متشابهتان.
الخطوة السياسة الأبرز تمثلت في إعلان عدد من البرلمانيين المصريين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، استئناف جلسات مجلس النواب المنتخب عام 2012، واعتباره في حال انعقاد مستمر في الخارج تحديدًا في مدينة اسطنبول التركية وذلك لخطورة الوضع في البلاد، على حد قولهم.
كان حديث المجلس في بياناته الأولى تحذيريًا للسلطة من تنفيذ أي قرارات أو قوانين يُصدرها عبد الفتاح السيسي ونظامُه، لأنهما فاقدان للشرعية وفق البيان.
وأكد النواب الحاضرون للاجتماع أنهم سيتواصلون مع المعنيين في الخارج بشأن ما يترتب على هذه التشريعات من التزامات داخلية وخارجية. وانتخب النواب المجتمعون ثروت نافع عضو مجلس الشورى، والنائبين السابقين جمال حشمت حاتم عزام وكيلين له. إلا أنه بعد عدة أسابيع أعلن الدكتور ثروت نافع، استقالته رسميًا عن البرلمان، وذلك لرفضه ما اعتبره إدارة سيئة لما سماه ببرلمان الثورة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وفي يوم الطالب العالمي، أطلق نشطاء و أكاديميون مصريون و أجانب من بينهم المفكر الأميركي الشهير ناعوم تشومسكي ونورما فانكنشتين حملة دولية للتضامن مع الجامعات المصرية.
وأعلن رؤساء اتحادات طلاب عالمية اعتبار يوم 17 نوفمبر 2014، يوم الطالب العالمي يوما للتضامن مع طلاب مصر والدعوة الي فعاليات في جميع جامعات العالم تضامنا مع طلاب مصر.
الاتحاد الأفريقي كان أكثر الاتحادات الطلابية فاعلية فتقدم بمذكره للاتحاد الأفريقي والمحكمة الأفريقية تتضمن ملفاً بالانتهاكات التي يتعرض لها طلاب مصر.
وشكلت الحملة وفود طلابية لمقابلة المنظمات والهيئات الحقوقية بملف الانتهاكات لاتخاذ مواقف ضد من يقتل الطلاب في مصر، والتواصل مع برلمانات الدول الغربيه الداعمه للانقلاب في مصر وتسليم ملف بالانتهاكات للحد من دعم بلادهم لمن يقتل الطلاب، وتقديم الاتحادات الطلابية مذكرة احتجاج لدى سفارات الدول الداعمة للانقلاب في مصر وتحميلها مسؤولية انتهاك حقوق طلاب مصر. لكن أيضًا هذه المبادرة كغيرها من المبادرات، التي أعلنت وتوقف نشاطها وأصبحت حبيسة الأدراج بعد انتهاء حدثها الأول وبيانها التأسيسي.
خلاصة عامين بعد "فض" الاعتصام وخروج العديد من القيادات الشبابية وغير الشبابية المنتمين لأكثر من كيان، من الناحية السياسية لم تكُن موفقة على أي مستوى، فبعد عامين من "الفض" لم تحدد قيادات المجلس الثوري المصري كممثل سياسي للحراك الثوري في مصر، وجهتها الحقيقية، أو عدوها الحقيقي على المستوى الدولي، بل ما زالت تطلب ود أميركا راعية الديكتاتوريات في الوطن العربي، وما زالت حالة الركود السياسي، والحوار بين النظام والرافضين للانقلاب تقريبًا قد ماتت، وهذا يعني استمرار الوضع الحالي في المعادلة الصفرية التي أثبتت أن استمرارها يعني استمرار الوطن في السقوط إلى غياهب الجُب العميق.
(مصر)
فض الاعتصام أُعتبر بحسب سياسيين بمثابة مقتل للعملية السياسية في مصر برمتها، ليلجأ بعضهم فيما بعد للخروج من مصر لمزاولة نشاطاته السياسي والإعلامي والحقوقي إلى عدة دول كان أبرزها تركيا وقطر والسودان وماليزيا.
تركيا كانت المحطة الأبرز من حيث الدعم السياسي والإعلامي للقضية المصرية فمنها انطلقت إشارة رابعة الصفراء ولا يمل رموز الحكومة من رفعها في المحافل الدولية التي تعنى بالملف المصري.
رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان على سبيل المثال لا يمر حدث مصري أو انتهاك حقوقي أو إنساني في مصر حتى يقوم بانتقاده.
في نهاية العام الدراسي الفائت في إحدى الحفلات التي تخص الطلاب العرب في اسطنبول حضر فيها أردوغان وكان جُلُّ حديثه عن الانتهاكات التي تحدث للطلاب في مصر ورفع في نهاية كلمته إشارة رابعة، كما أطلقت البلديات التركية أسماء شهداء المجزرة على عدد من الميادين في محافظات تركية مختلفة، واستقبلت ما يزيد على 2000 ناشط ومتضرر من الوضع في مصر، وقامت بتسهيل أوراق إقاماتهم والسماح لهم بمزاولة نشاطاتهم السياسية والإعلامية، لتنطلق العديد من القنوات التليفزيونية المناهضة للانقلاب العسكري في مصر.
مصطفى سعودي أحد المنظمين للفعاليات المصرية في اسطنبول أكد أن الحكومة التركية دائمًا لا تعارض تنظيم أي فعاليات أو تظاهرات مناهضة للانقلاب في مصر، حتى في أحلك الظروف السياسية التي مرت بها الدولة التركية.
كما وصف سعودي الدعم المجتمعي للقضية المصرية، والتضامن مع ضحايا المجزرة بالكبير، مؤكدًا أن الشعب التركي من أكثر الشعوب في العالم المتعاطفة مع مظلومية المصريين.
من ناحية الحراك السياسي بعد مجزرة الفض، ظل المتحدث السياسي الوحيد باسم الحراك المناهض للانقلاب هو التحالف الوطني لدعم الشرعية، وما ينضوي تحته من أحزاب وكيانات، وبدأت حركات شبابية كشباب ضد الانقلاب، وأولتراس نهضاوي، وأولتراس رابعاوي في إعادة صياغة شكل الحراك الشعبي، وتصدير خطاب سياسي مغاير لما كان قبل فض الاعتصام.
وظل الحراك السياسي خارج مصر كما هو حتى جاء الإعلان عن وثيقة بروكسل، والتي أطلقها عدد من السياسين المعارضين للانقلاب العسكري في العاصمة البلجيكية بروكسل في بداية مايو/ آيار 2014. إلا أنه بعد إعلان الوثيقة ومبادئها وما ينبني عليه لم تكُن له فعاليات تُذكر سوى المؤتمر الصحفي الذي أُعلنت فيه.
ليأتي بعد ذلك في بداية شهر غسطس/ آب من نفس العام إعلان تأسيس المجلس الثوري المصري في اسطنبول بعد ثلاثة أيام من اجتماعاتٍ متواصلة لعدد من الشخصيات البارزة المعارضة للانقلاب.
واعتُبر المجلس مجلسًا وتحالفًا سياسيًا جديدًا مختلف التوجه -كما يقول مؤسسوه- له العديد من الملفات التي يريد إنجازها في إطار تطوير الحراك السياسي الدولي، وأن يكون المجلس صوتًا جديدًا للثوار في الشارع بعد أن مل الثائرون من سياسة تحالف دعم الشرعية في الخارج.
كانت أهداف المجلس المبدئية المعلنة هي تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، واصطفاف كافة القوى الثورية والشبابية المناهضة للانقلاب وتجاوز الخلافات وبناء رؤية مستقبلية مشتركة، وحشد الدعم الدولي لدعم ثورة 25 يناير، وتقديم الدعم الكامل لقوى الثورة في مصر وخارجها لإسقاط الانقلاب، تحقيق أهداف الثورة، وتفكيك شبكات الفساد وإعادة بناء الدولة، وبناء دولة المواطنة والعدل والحرية والكرامة.
إلا أنه وحتى أسابيع قليلة لم يُلحظ للمجلس أي نشاط مؤثر بعيدًا عن المؤتمرات الصحفية التي تُعقد بصفة شبه دورية، لإبداء الرأي في الأحداث الدائرة في مصر فقط، لكن بعد مقتل النائب العام على يد مجهولين، تقدم المجلس للهيئة العامة للأمم المتحدة بطلب لفتح التحقيق في مقتل النائب العام كالتحقيق المفتوح في قضية مقتل الزعيم اللبناني رفيق الحريري، لأنه -بحسب المجلس- الحادثتان متشابهتان.
الخطوة السياسة الأبرز تمثلت في إعلان عدد من البرلمانيين المصريين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، استئناف جلسات مجلس النواب المنتخب عام 2012، واعتباره في حال انعقاد مستمر في الخارج تحديدًا في مدينة اسطنبول التركية وذلك لخطورة الوضع في البلاد، على حد قولهم.
كان حديث المجلس في بياناته الأولى تحذيريًا للسلطة من تنفيذ أي قرارات أو قوانين يُصدرها عبد الفتاح السيسي ونظامُه، لأنهما فاقدان للشرعية وفق البيان.
وأكد النواب الحاضرون للاجتماع أنهم سيتواصلون مع المعنيين في الخارج بشأن ما يترتب على هذه التشريعات من التزامات داخلية وخارجية. وانتخب النواب المجتمعون ثروت نافع عضو مجلس الشورى، والنائبين السابقين جمال حشمت حاتم عزام وكيلين له. إلا أنه بعد عدة أسابيع أعلن الدكتور ثروت نافع، استقالته رسميًا عن البرلمان، وذلك لرفضه ما اعتبره إدارة سيئة لما سماه ببرلمان الثورة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وفي يوم الطالب العالمي، أطلق نشطاء و أكاديميون مصريون و أجانب من بينهم المفكر الأميركي الشهير ناعوم تشومسكي ونورما فانكنشتين حملة دولية للتضامن مع الجامعات المصرية.
وأعلن رؤساء اتحادات طلاب عالمية اعتبار يوم 17 نوفمبر 2014، يوم الطالب العالمي يوما للتضامن مع طلاب مصر والدعوة الي فعاليات في جميع جامعات العالم تضامنا مع طلاب مصر.
الاتحاد الأفريقي كان أكثر الاتحادات الطلابية فاعلية فتقدم بمذكره للاتحاد الأفريقي والمحكمة الأفريقية تتضمن ملفاً بالانتهاكات التي يتعرض لها طلاب مصر.
وشكلت الحملة وفود طلابية لمقابلة المنظمات والهيئات الحقوقية بملف الانتهاكات لاتخاذ مواقف ضد من يقتل الطلاب في مصر، والتواصل مع برلمانات الدول الغربيه الداعمه للانقلاب في مصر وتسليم ملف بالانتهاكات للحد من دعم بلادهم لمن يقتل الطلاب، وتقديم الاتحادات الطلابية مذكرة احتجاج لدى سفارات الدول الداعمة للانقلاب في مصر وتحميلها مسؤولية انتهاك حقوق طلاب مصر. لكن أيضًا هذه المبادرة كغيرها من المبادرات، التي أعلنت وتوقف نشاطها وأصبحت حبيسة الأدراج بعد انتهاء حدثها الأول وبيانها التأسيسي.
خلاصة عامين بعد "فض" الاعتصام وخروج العديد من القيادات الشبابية وغير الشبابية المنتمين لأكثر من كيان، من الناحية السياسية لم تكُن موفقة على أي مستوى، فبعد عامين من "الفض" لم تحدد قيادات المجلس الثوري المصري كممثل سياسي للحراك الثوري في مصر، وجهتها الحقيقية، أو عدوها الحقيقي على المستوى الدولي، بل ما زالت تطلب ود أميركا راعية الديكتاتوريات في الوطن العربي، وما زالت حالة الركود السياسي، والحوار بين النظام والرافضين للانقلاب تقريبًا قد ماتت، وهذا يعني استمرار الوضع الحالي في المعادلة الصفرية التي أثبتت أن استمرارها يعني استمرار الوطن في السقوط إلى غياهب الجُب العميق.
(مصر)