يعد لخضر بلومي أحد أساطير كرة القدم الجزائرية، حتى إن كثيرا من الآراء تصنفه الأفضل على الإطلاق، نظراً للتألق الذي أظهره خاصة مع منتخب الجزائر سنوات الثمانينيات، جعلته يحظى بإشادة قوية من الأساطير، على غرار بيليه، بلاتيني وبيكنباور، رغم فشله في الاحتراف بأوروبا، بعد إصابة خطيرة تعرض لها مع فريقه في منافسة أفريقية، قبل سفره بأيام إلى إيطاليا من أجل التوقيع مع يوفنتوس.
وتحدث لخضر في حوار مع موقع "العربي الجديد" عن أهم القضايا التي باتت تشغل الرأي العام، خاصة الجزائري، على غرار مستقبل الدوري المحلي وكذلك منتخب "محاربي الصحراء"، إضافة إلى رأيه في استعدادات دولة قطر لاحتضان بطولة كأس العالم 2022.
- هل تعتقد أن الجزائر قادرة على إطلاق المنافسة من جديد في ظل الأزمة الصحية التي يعيشها العالم؟
من الجيد أن نرى هنا الاحترام للقوانين وقواعد التباعد الاجتماعي، وهذا لم نره حتى في دول كبرى والتي تعيش العديد من المشاكل بسبب هذه الأزمة، لكنها سمحت بعودة الأنشطة الرياضية، ولو أنني لا أتوقع أن يحدث هذا في الجزائر، فالأمر صعب جداً.
- لماذا حسب رأيك؟
نحن ببساطة شعب بطبعه متحمس ويعشق كرة القدم، ولهذا لا أرى أي فائدة من عودة بطولة الدوري دون جماهير، وحسب وجهة نظري أعتقد أننا نتجه لإلغاء الدوري إلى حين إعادة ترتيب بعض الأمور.
- لكن شباب بلوزداد يُطالب بلقب الدوري بحكم أنه المتصدر، وهل ترى أن الأمر سيكون عادلاً في حالة منحه اللقب؟
على كل حال هذا يبقى قرار الهيئات المسؤولة عن المنافسة، لكن في فرنسا مثلا تم الاتفاق على إلغاء الدوري وتتويج باريس سان جيرمان بطلا، صحيح ليس كل الفرق كانت راضية عن القرار، مثل ليون الذي كان أبرز الخاسرين في هذه القضية، رغم اسمه الكبير وإرساله العديد من خطابات الاحتجاج للهيئات العالمية، لكن هذا لا يغير شيئاً، القانون يبقى القانون.
- هل يعني أنك ترى أن هذا هو الحل الأنسب للدوري الجزائري؟
نعم، على مسؤولي الكرة الجزائرية البحث عن حلول لترضية كل الفرق، سواء التي تنافس على اللقب أو التي تصارع على الهبوط، لأنه كما قلت لك، العودة للعب دون جماهير خطوة ليست في صالح الكرة الجزائرية وسيزيد الأمور تعقيداً أكثر.
- يعتبر بلومي أسطورة جزائرية وأفريقية، والكثير من نجوم المنتخب الجزائري الحاليين يعتبرونه قدوة، وهذا ما قاله محرز سابقاً، ما هو شعورك عند سماع هذا الاعتراف؟
طبعاً هذا شيء مُشرف لي، حتى أنا سعيد جداً لما يحققه رياض محرز وإسماعيل بن ناصر وغيرهم من اللاعبين المحترفين مع أبرز الأندية العالمية، وهم يمثلون الجزائر أحسن تمثيل، وكان لي الفرصة وأن التقيت ببعضهم في العديد من المرات، كما لديّ اتصالات مع الكثير منهم، ولا أتردد دائماً في زيارتهم أو السفر إلى مساندتهم عندما يلعب المنتخب الوطني، مثلما حدث في أمم أفريقيا، لقد شرفونا وشرفوا بلادنا، رغم أن الأمر لم يكن بتلك السهولة، ونحن نتحدث عن الفوز بالكأس خارج بلادك، وبالطبع هذا ما يهمني أن يكون المنتخب في أفضل أحواله، خاصة مع الإدارة غير المقبولة التي نراها في الدوري المحلي.
- من هو أقوى منتخب عربي واجهته في فترتك كلاعب؟
بكل صراحة في تلك الفترة كان منتخبنا من بين الأقوى عربياً ولقد لعبنا نسختين من كأس العالم، إضافة إلى المنتخب المصري الذي كان يملك جيلا لا يُنسى، دون نسيان منتخب الكويت، الذي كذلك كان يملك منتخباً يقدم أداءً كبيراً.
- رغم المشوار الكبير الذي حققته كلاعب، لكنك لم تدخل عالم التدريب لماذا؟
نعم أملك شهادة تدريب حصلت عليها في ألمانيا بعد فترة دراسة هناك، وأملك كذلك شهادة "كاف" التي تسمح لي بدخول هذا المجال، وكانت لي تجربي في بداية مشواري التدريبي مع فريق غالي معسكر، لكني لم أعد متحمساً لذلك بسبب تغير الأمور والإدارة السيئة للكرة الجزائرية خاصة في آخر عشرين سنة، وعندما أصبحت الأولوية لجمع الأموال وليس للعب كرة القدم، ولهذا قررت الانسحاب بصمت تفادياً للمشاكل وحفاظاً على السمعة التي اكتسبناها سابقاً.
- مع اقتراب تصفيات كأس العالم 2022 وبناءً على خبرتك الطويلة ما هي النصيحة التي توجهها للمدرب بلماضي؟
بلماضي لديه الخبرة الكافية التي تسمح له بالنجاح في إدارة تلك المرحلة، ولقد رأينا طريقة العمل التي وظفها ونجح بها في كأس أمم أفريقيا، المبنية على خلق الانضباط داخل وخارج الميدان، ويجب أن نعترف أن اللاعب الجزائري وحتى العربي إذا أردت منه النتائج الإيجابية فعليك فرض انضباط كبير على سلوكياته وعمله، وإذا لم يتوفر ذلك فلا تنتظر الكثير، فالمدرب بلماضي ليس مطالباً بتعليم اللاعبين أبجديات كرة القدم، لكن بسبب عقليته الصارمة استطاع النجاح ونال الاعتراف، ونتمنى له كل التوفيق في الاستحقاقات القادمة.
- كيف ترى تردد اللاعبين أصحاب الجنسية المزدوجة في قبول دعوة المنتخب الجزائري، مثل عوار وشرقي وآيت نوري؟
سبق وأنت تحدثت عن هذا قبل سنوات عندما تعلق الأمر بقضية اللاعب نبيل فقير، أعود وأطالب بضرورة ترك هؤلاء اللاعبين أمام حرية اختيار مستقبلهم وعدم الضغط عليهم، أي لاعب حر في اختيار مشواره الاحترافي هناك من يرى زيدان مثالاً ويود السير في طريق النجاح الذي حققه كلاعب ومدرب، الذي رغم اختياره لفرنسا إلا أنه يبقى جزائرياً قبل كل شيء، وأيضاً أتمنى من المسؤولين في الكرة الجزائرية البقاء بعيداً في قضية اختيار اللاعبين لتمثيل المنتخب، ويتركون كل المسؤولية للمدرب الذي يعرف النقائص والاسم الذي يستحق دعوته، لأن القضية هي قضية ألوان وطنية وليست أموالا.
وأؤكد أن اللاعب هو المستفيد من اللعب للمنتخب الجزائري، لأن هذه الخطوة تعتبر إضافة لسيرتهم الذاتية حتى ولو كان محترفاً في أكبر الأندية، مع عدم إنكار تلك التضحيات المقدمة، وأعطيك أندي ديلور على سبيل المثال، فهو لم يكن لاعباً معروفاً بشكل كبير رغم أنه يلعب في مونبولييه، لكن انظر للاسم والسمعة التي اكتسبها منذ قدومه للمنتخب الجزائري، وكيف تطور أداؤه للأحسن، دون أن نغفل النجاح الذي حققه رياض محرز رغم أنه يلعب للجزائر، ومنه كل لاعب حر في اختيار ما يريده لمستقبله الكروي.
- تستعد قطر لتنظيم بطولة كأس العالم 2022 وبحكم زيارتك السابقة لها، هل ترى أننا على موعد مع تنظيم أفضل نسخة في تاريخ المسابقة؟
نجاح قطر في تنظيم كأس العالم هو أمر بديهي للعديد من الأسباب، كما أن هذا النجاح لن يكون قطرياً فقط بل هو لكل العالم العربي، ولهذا فهو مسؤوليتنا جميعا وعلينا أن نقف كلنا كرجل واحد من أجل دعم الدوحة ومساندتها في التحضير لهذا العرس العالمي، ونحن نشاهد الآن تلك المجهودات المبذولة ونوعية الملاعب الجديدة التي يتم تدشينها، ومن خلال الصور والفيديوهات التي شاهدتها لا أعتقد أننا سنجدها مثل تلك المنشآت في بلد آخر، وعليه نتيجة النجاح ستكون عربية وليس لدولة قطر وحدها.
- يتنافس اللاعبون العرب في أعلى المستويات، ونرى ذلك في الثلاثي محرز وصلاح وزياش، رأيك في ذلك؟
محرز وصلاح أعطيهما العلامة الكاملة نظراً للنجاح الذي حققاه في الدوري الإنكليزي الممتاز، في انتظار ما سيقدمه زياش مع تشلسي، ولو نتكلم من الناحية الفردية فسنجد تفوقا كبيرا لمحرز من الجانب الفني والتقني، دون إغفال الجانب البدني والحس التهديفي الذي يتميز به صلاح، لكن المشاهد دائماً يميل للاعب الذي يصنع الفرجة فوق الملعب، وهذا حسب رأيي الشيء الذي يجعل الكثير من المتابعين يفضلون ميسي على رونالدو.