وأعلنت "لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، استنتاجاتها، اليوم الخميس، في تقرير أكد أن "ما من شيء يبرر إطلاق إسرائيل الرصاص الحيّ على المتظاهرين".
ويركز التقرير على التظاهرات في قطاع غزة، التي تعرف بـ"مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار".
وفي مايو/أيار 2018، فوّض مجلس حقوق الإنسان اللجنة بالتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في سياق الاحتجاجات واسعة النطاق التي بدأت في 30 مارس/آذار 2018 في قطاع غزة.
وتتألف اللجنة من سانتياغو كانتون (الرئيس) من الأرجنتين، وسارة حسين من بنغلادش، وبيتي مورونغي من كينيا.
وقال رئيس اللجنة، سانتياغو كانتون، في التقرير، إن "اللجنة ترى أن هناك أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان خلال تظاهرات مسيرة العودة الكبرى".
وأضاف: "من الممكن أن تُشكل بعض هذه الانتهاكات جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، وعلى إسرائيل أن تباشر التحقيق فيها على الفور".
وجاء في التقرير: "أطلق قناصة الجيش النار على أكثر من ستة آلاف متظاهر أعزل، على مدى أسابيع متتالية في مواقع الاحتجاجات على امتداد السياج الفاصل".
ولفتت اللجنة الأممية إلى أنها "حققت في جميع حالات القتل التي وقعت في المواقع المخصصة للتظاهر على امتداد السياج الفاصل أيام الاحتجاج الرسمية".
وقالت: "شمل التحقيق الفترة الممتدة من بداية الاحتجاجات وحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، وبلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال التظاهرات في هذه الفترة 189 قتيلاً".
وأضافت: "خلصت اللجنة إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت 183 من هؤلاء المتظاهرين بالرصاص الحي، من بينهم خمسة وثلاثون طفلاً، وثلاثة مسعفين وصحافيان يرتدي خمستهم (الصحافيان والمسعفون) زياً واضح الدلالة".
وتابعت: "وفق تحليل اللجنة للبيانات المتوفرة، فإن قوات الأمن الإسرائيلية أصابت بالرصاص الحي 6106 فلسطينيين بجروح خلال وجودهم في مواقع الاحتجاجات أثناء تلك الفترة، كما جُرح 3098 فلسطينياً بشظايا أعيرة نارية وبرصاص معدني مغلف بالمطاط أو أصيبوا مباشرة بقنابل الغاز المسيل للدموع".
وذكرت أن أربعة جنود إسرائيليين أصيبوا بجروح خلال هذه التظاهرات، وقُتل جندي إسرائيلي واحد في يوم الاحتجاجات ولكن خارج نطاق المواقع المخصصة للتظاهر.
بدورها، قالت سارة حسين، في التقرير: "لا شيء يبرر قتل أو جرح الصحافيين والمسعفين والأشخاص الذين لا يُشكلون أي تهديد مباشر بالموت أو بإصابة الأشخاص الذين يحيطون بهم بجروح خطيرة، والأخطر من ذلك هو استهداف الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة".
وأضافت أن "حياة العديد من الشبان قد تغيرت إلى الأبد، فمنذ الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، تعرض 122 شخصاً، من بينهم عشرون طفلاً، إلى بتر أطرافهم".
ورأت اللجنة أن "هناك أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن القناصة الإسرائيليين أطلقوا النار على صحافيين ومسعفين وأطفال وأشخاص ذوي إعاقة، وهم على علم جليّ بكينونتهم".
الرئاسة الفلسطينية ترحب
وتعليقاً على التقرير، رأت الرئاسة الفلسطينية في بيانٍ، أنه "يؤكد ما قلناه دائماً بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس"، مشددة على أن "المطلوب الآن من المحكمة الجنائية الدولية التحرك الفوري لفتح تحقيق في هذه الجرائم المرتكبة"، وأنه "آن الأوان لمحاسبة إسرائيل على هذه الجرائم، وألا تبقى دولة فوق القانون".
نقل التقرير للجنائية
من جهتها، أكدّت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، أن ما ورد في التقرير الأممي بشأن الانتهاكات العدوانية التي يمارسها جنود الاحتلال الإسرائيلي وقناصته بحق المتظاهرين السلميين على حدود غزة "يكشف جزءاً من حجم الانتهاكات".
ودعت الهيئة إلى ضرورة ترجمة ما جاء في التقرير بمحاسبة قادة الاحتلال الذين شاركوا أو حرضوا على القتل والعدوان، حيث إن "التعليمات والأوامر الصادرة للجيش ما زالت قائمة وبسببها يتواصل سقوط الشهداء ضحية هذه الأوامر والتعليمات العنصرية التي تستهدف إيقاع المزيد من الشهداء والإصابات البليغة في صفوف المدنيين العُزل والأبرياء الذين يشاركون بشكل شعبي وسلمي في مسيرات تطالب بالحرية والعدالة والحق في الحياة الآمنة والكريمة".
وشددت الهيئة على أنّ "بقاء قادة الاحتلال دون محاسبة ودون محاكمة يعني مزيدا من الإرهاب ومزيدا من القتل والعدوان وانتهاك القوانين الدولية واستمرار الحصار الظالم على قطاع غزة وما يسببه من أزمه إنسانية وحياتية وثقتها عشرات التقارير الأممية والحقوقية".
وجددت تأكيدها على استمرار المسيرات بطابعها الشعبي والسلمي حتى تحقق أهدافها، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لوقف قناصة العدو عن قتل المشاركين بالمسيرات شرق القطاع.
حقوقياً، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومقره غزة، مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بتبني التقرير والمصادقة عليه عند مناقشته في 18 مارس/ آذار القادم، في الدورة الأربعين للمجلس.
ودعا المركز في بيان المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى رفع التقرير إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما دعا الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إلى تبني قرار بتجديد ولاية لجنة التحقيق، وذلك في ضوء استمرار مسيرة العودة واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل قوات الاحتلال خلال الفترة التي تلت فترة عمل اللجنة.