10 نوفمبر 2024
تحولات كبيرة شمال الأردن
الحدود الأردنية السورية التي بدت، خلال العام الماضي، الأكثر هدوءاً، تواجه حالياً مرحلةً جديدة قد تكون مغايرةً للمرحلة المقبلة، لن يكون ذلك على الأغلب في محافظة درعا (الحدود الشمالية الغربية)، بل الحدود الشمالية الشرقية، من منطقة الركبان (حيث مخيم الركبان) إلى معبر التنف وبلدته على الحدود العراقية السورية المجاورة للحدود الأردنية.
انشغل الإعلام السوري، قبل أسابيع، بقصة القوات الأميركية والغربية التي تتمركز في قاعدة عسكرية قريبة من الحدود الشمالية الشرقية الأردنية، وتمّ عرض صورةٍ لتجمّع لهذه القوات، ونسج لرواية (أي سورية إيرانية) بعملية برية متوقعة منها نحو الأراضي السورية. ويشكل هذا التطوّر، لو حدث، "نقطة تحوّل" في المقاربة الأردنية تجاه سورية، لكنّه غير محتمل في المرحلة المقبلة، وليس واقعياً، إذ أنّنا نتحدّث عن مناطق صحراوية شاسعة، غير مأهولة، وإذا كان هنالك ما يقلق بالقرب منها، فالأقمار الصناعية الأميركية والطائرات كفيلة برصده والتعامل معه.
لكن ذلك لا ينفي أنّ تحوّلاً استراتيجياً حدث بالفعل، مرتبطا بأكثر من متغيّر مهم ورئيس حدث في الفترة الماضية، ما رفع من القيمة الاستراتيجية لبادية الشام والمناطق الحدودية العراقية والسورية المجاورة للشمال الشرقي الأردني بصورة فريدة، فأصبحت منطقة تنافسٍ عسكري استراتيجي، ليس بين القوى المحلية السورية الداخلية فقط، بل أيضا القوى الدولية والإقليمية التي تخوض من ورائها حرباً بالوكالة.
يتمثل المتغير الأول في قرب انتهاء معركة الموصل وبداية معركة الرقّة، وعدم حسم الجهة المخولة بمعركة دير الزور، أي الصراع على تركة "دولة داعش"، فبادية الشام مهمة للأطراف المختلفة، لأنّها مدخل رئيس لمحافظة دير الزور، بعد أن دخلتها "قوات سوريا الديمقراطية" (الأقرب إلى الولايات المتحدة) من جهة الشمال والطبقة، وتحاول القوات السورية والمليشيات المرتبطة بها الوصول إليها جنوباً، خصوصا أنه ما يزال هنالك وجود للقوات السورية في المدينة.
المتغير الثاني انقلاب المقاربة الأميركية تجاه سورية، مع الإدارة الجديدة للرئيس ترامب، وإعادة تفعيل محور المواجهة مع إيران، وتحجيم نفوذها في المنطقة، ما يجعل من قطع المجال الحيوي الإيراني الاستراتيجي من طهران إلى البحر المتوسط هدفاً أميركياً، ويعطي الحدود العراقية السورية أهمية جديدة واستراتيجية.
أحدث هذان المتغيران، مع متغيرات أخرى فرعية، ديناميكية جديدة وسريعة مفاجئة في المناطق الحدودية العراقية السورية وبادية الشام، والمناطق الشمالية الشرقية المحاذية للأردن، بعد أن كانت تلك المنطقة مهملة وغير مفيدة في نظر أغلبية القوى الدولية والإقليمية والمحلية.
الطريف أنّ الإيرانيين دفعوا بالمليشيات والجيش السوري إلى شرق تدمر، وللسيطرة على بلدات في ريف حمص الشرقي، ومثلث بادية الشام، للمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية، بينما أصبح معبر التنف بمثابة "نقطة استراتيجية" على درجةٍ كبيرة من الأهمية للولايات المتحدة والأردن والدول الغربية، وليس مستبعداً أن يتم التفكير في توسيعها وتحويلها قاعدة عسكرية كبيرة، ونقطة انطلاق وتدريب ومراقبة، لإدارة المعركة في تلك المنطقة المهمة.
الأكثر طرافةً أنّ التنافس لم يقتصر على الجانب السوري، بل امتد إلى الجانب العراقي، إذ تحرّك الحشد الشعبي نحو الحدود السورية العراقية، للسيطرة عليها من الجهة الأخرى، من الرطبة والقائم، الموازية للتنف والبوكمال، بينما يتنافس الجيش السوري مع فصائل الجيش الحرّ، مثل أسود الشرقية والمغاوير وجيش العشائر على مناطق البادية السورية.
المفارقة أنّ توجه الحشد الشعبي إلى تلك المنطقة هو بالضرورة بتوجيهٍ إيراني ولحماية مصالح إيران، وليس لحماية ظهر القوات الأميركية في التنف، كما تذهب تحليلات عسكرية. ووجه المفارقة أنّ الحشد يخوض المعركة بالتعاون مع الأميركيين في العراق ضد تنظيم داعش، بينما يتحرّك حالياً لحماية النفوذ الإيراني على الحدود السورية، وإنْ كانت الذريعة مطاردة "داعش"، ومنعه من عبور الحدود باتجاه بادية الشام.
بدأت الكفّة العسكرية تتغير وتتحول لصالح القوات السورية النظامية والمليشيات معها، في تلك المنطقة، مع سيطرتها على مناطق استراتيجية في بادية الشام، وما تزال المخططات الأميركية العسكرية غير واضحة، وقوات المعارضة المدعومة من "الموك" في تلك المنطقة غير مستعدة للمواجهة الكبيرة، ما قد يفسّر التفكير في بناء قاعدة عسكرية استراتيجية في منطقة التنف.
انشغل الإعلام السوري، قبل أسابيع، بقصة القوات الأميركية والغربية التي تتمركز في قاعدة عسكرية قريبة من الحدود الشمالية الشرقية الأردنية، وتمّ عرض صورةٍ لتجمّع لهذه القوات، ونسج لرواية (أي سورية إيرانية) بعملية برية متوقعة منها نحو الأراضي السورية. ويشكل هذا التطوّر، لو حدث، "نقطة تحوّل" في المقاربة الأردنية تجاه سورية، لكنّه غير محتمل في المرحلة المقبلة، وليس واقعياً، إذ أنّنا نتحدّث عن مناطق صحراوية شاسعة، غير مأهولة، وإذا كان هنالك ما يقلق بالقرب منها، فالأقمار الصناعية الأميركية والطائرات كفيلة برصده والتعامل معه.
لكن ذلك لا ينفي أنّ تحوّلاً استراتيجياً حدث بالفعل، مرتبطا بأكثر من متغيّر مهم ورئيس حدث في الفترة الماضية، ما رفع من القيمة الاستراتيجية لبادية الشام والمناطق الحدودية العراقية والسورية المجاورة للشمال الشرقي الأردني بصورة فريدة، فأصبحت منطقة تنافسٍ عسكري استراتيجي، ليس بين القوى المحلية السورية الداخلية فقط، بل أيضا القوى الدولية والإقليمية التي تخوض من ورائها حرباً بالوكالة.
يتمثل المتغير الأول في قرب انتهاء معركة الموصل وبداية معركة الرقّة، وعدم حسم الجهة المخولة بمعركة دير الزور، أي الصراع على تركة "دولة داعش"، فبادية الشام مهمة للأطراف المختلفة، لأنّها مدخل رئيس لمحافظة دير الزور، بعد أن دخلتها "قوات سوريا الديمقراطية" (الأقرب إلى الولايات المتحدة) من جهة الشمال والطبقة، وتحاول القوات السورية والمليشيات المرتبطة بها الوصول إليها جنوباً، خصوصا أنه ما يزال هنالك وجود للقوات السورية في المدينة.
المتغير الثاني انقلاب المقاربة الأميركية تجاه سورية، مع الإدارة الجديدة للرئيس ترامب، وإعادة تفعيل محور المواجهة مع إيران، وتحجيم نفوذها في المنطقة، ما يجعل من قطع المجال الحيوي الإيراني الاستراتيجي من طهران إلى البحر المتوسط هدفاً أميركياً، ويعطي الحدود العراقية السورية أهمية جديدة واستراتيجية.
أحدث هذان المتغيران، مع متغيرات أخرى فرعية، ديناميكية جديدة وسريعة مفاجئة في المناطق الحدودية العراقية السورية وبادية الشام، والمناطق الشمالية الشرقية المحاذية للأردن، بعد أن كانت تلك المنطقة مهملة وغير مفيدة في نظر أغلبية القوى الدولية والإقليمية والمحلية.
الطريف أنّ الإيرانيين دفعوا بالمليشيات والجيش السوري إلى شرق تدمر، وللسيطرة على بلدات في ريف حمص الشرقي، ومثلث بادية الشام، للمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية، بينما أصبح معبر التنف بمثابة "نقطة استراتيجية" على درجةٍ كبيرة من الأهمية للولايات المتحدة والأردن والدول الغربية، وليس مستبعداً أن يتم التفكير في توسيعها وتحويلها قاعدة عسكرية كبيرة، ونقطة انطلاق وتدريب ومراقبة، لإدارة المعركة في تلك المنطقة المهمة.
الأكثر طرافةً أنّ التنافس لم يقتصر على الجانب السوري، بل امتد إلى الجانب العراقي، إذ تحرّك الحشد الشعبي نحو الحدود السورية العراقية، للسيطرة عليها من الجهة الأخرى، من الرطبة والقائم، الموازية للتنف والبوكمال، بينما يتنافس الجيش السوري مع فصائل الجيش الحرّ، مثل أسود الشرقية والمغاوير وجيش العشائر على مناطق البادية السورية.
المفارقة أنّ توجه الحشد الشعبي إلى تلك المنطقة هو بالضرورة بتوجيهٍ إيراني ولحماية مصالح إيران، وليس لحماية ظهر القوات الأميركية في التنف، كما تذهب تحليلات عسكرية. ووجه المفارقة أنّ الحشد يخوض المعركة بالتعاون مع الأميركيين في العراق ضد تنظيم داعش، بينما يتحرّك حالياً لحماية النفوذ الإيراني على الحدود السورية، وإنْ كانت الذريعة مطاردة "داعش"، ومنعه من عبور الحدود باتجاه بادية الشام.
بدأت الكفّة العسكرية تتغير وتتحول لصالح القوات السورية النظامية والمليشيات معها، في تلك المنطقة، مع سيطرتها على مناطق استراتيجية في بادية الشام، وما تزال المخططات الأميركية العسكرية غير واضحة، وقوات المعارضة المدعومة من "الموك" في تلك المنطقة غير مستعدة للمواجهة الكبيرة، ما قد يفسّر التفكير في بناء قاعدة عسكرية استراتيجية في منطقة التنف.