يسهم صعود الرئيس، دونالد ترامب، إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة بإضفاء مزيد من التطرف على المضامين الدينية في الجدل الإسرائيلي العام، ولا سيما في كل ما يتعلق بمستقبل الصراع مع الشعب الفلسطيني والموقف من الأماكن المقدسة للمسلمين في فلسطين. وقد تأثر خطاب المرجعيات الدينية والأوساط السياسية الحاكمة ومواقفها من الصراع بتولي ترامب الحكم.
و"الخلاص"، حسب الموروث الديني اليهودي، يتحقق فقط بعد بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى. وتعتبر المرجعيات الدينية أن ترامب سيؤدي دوراً حاسماً في تحقيق هذا "الخلاص". وهذه المرجعيات التي تمتلك تأثيراً طاغياً على الأحزاب المشاركة في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، تستخدم وصول ترامب إلى البيت الأبيض وبدء ممارسة مهامه الرئاسية، من أجل إضفاء "صدقية" على دعواتها لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، وصولاً إلى إعادة بناء الهيكل.
ولفت الموقع إلى أن عدداً من كبار المرجعيات الدينية انضموا للحاخام كوك في المجاهرة بالتعبير عن رهاناتهم على دور ترامب في المساعدة على تهيئة الظروف أمام بناء الهيكل الثالث، مثل الحاخام شيريا دبليسكي. وما أثار شهية المرجعيات الدينية والحاخامات الذين ينادون بـ"تسريع تحقيق الخلاص"، حقيقة أن معظم الإسرائيليين الذين دعاهم فريق ترامب لحضور حفل التنصيب هم تحديداً الأكثر حماسة لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى. وكان من بين المدعوين لحضور الحفل النائب الليكودي، الحاخام المتطرف يهودا غليك، الذي يتزعم حركة "الهيكل"، علاوة على أنه المسؤول عن تنظيم حملات اقتحام المسجد الأقصى بين الفينة والأخرى. وقد حظي غليك بـ"احترام خاص" عندما أشار المتحدث بلسان ترامب إلى وجوده داخل البيت الأبيض بعد التنصيب. وبسبب دوره البارز في العدوان على الأقصى، سبق أن تعرض غليك لمحاولة اغتيال أصيب على إثرها بجراح بالغة.
ومن بين الحاخامات الذين تمت دعوتهم لحضور حفل تنصيب ترامب، الحاخام الشرقي روني هكوهين، الذي يعد من أبرز الحاخامات في مدينة أسدود المحتلة، وينادي أيضاً ببناء الهيكل على أنقاض الأقصى. كما تمت دعوة كل من رئيس مستوطنة أفرات، مسؤول شعبة الإعلام في مجلس المستوطنات اليهودية، عوديد ربيبي، ورئيس مستوطنة معاليه أدوميم، بني كشرئيل. وهما يعدان من غلاة المتطرفين في حزبي "البيت اليهودي" و"الليكود".
وهناك مفارقة تتمثل في أن فوز ترامب عزز من عمل "المرجعيات الفقهية" اليهودية، ودفعها لمحاولة "الاستنباط" من المصادر الدينية اليهودية لتقول إن فوز ترامب يمثل "نبوءة توراتية". وأجرى موقع "الغرف المغلقة"، الذي يعد أكبر المواقع الدينية الحريديةـ مقابلة مع الحاخام مئير هكوين تورنهايم، الذي ينتمي لحركة "حباد" الحريدية. وذكر الأخير في المقابلة أن التوراة تضمنت مؤشرات على أن ترامب سيكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة. واقتبس تورنهايم ما اعتبرها "إشارات توراتية" قال إنها تلمح إلى أن ترامب سيصل الحكم في هذا الوقت.
واستغل نتنياهو بدء ترامب ممارسة الحكم وأعلن عن إلغاء كل "القيود السياسية" التي كانت مفروضة على البناء في المستوطنات. وذهب القائم بأعمال رئيس بلدية الاحتلال في القدس، مئير تورجمان، إلى حد الإعلان عن أن "البلدية قد أعدت مخططاً لبناء 11 ألف وحدة سكنية في القدس الشرقية ومحيطها" بمجرد الإعلان عن فوز ترامب. ورأى وزير الداخلية الأسبق، القيادي السابق في حزب العمل، عوزي برعام، أن فوز ترامب أجج "الخطاب الخلاصي" لدى الساسة والمرجعيات الدينية. وبيّن أن الكثيرين في الائتلاف الحاكم والمرجعيات الدينية الداعمة له، يرون أن ترامب سيساعد على إزالة العوائق التي تحول من دون بناء الهيكل الثالث.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، قبل أيام، ذكر برعام أن المرجعيات الدينية اليهودية وممثليها السياسيين في البرلمان والحكومة يراهنون على دور ترامب في تحقيق "النبوءات التوراتية" ووضع التصورات الدينية الإيديولوجية لجماعة "غوش إيمونيم"، المسؤولة عن المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، موضع التنفيذ.