صبّت التوقعات في أن تصبح العقارات في تركيا القطاع الأكثر استفادة من التراجع الحاد لسعر الليرة على مدار أكثر من شهرين، ورغم ذلك ظل السوق في حالة ترقب، ما دفع الحكومة إلى إطلاق جرعات تستهدف إنعاش هذا القطاع المهم من أجل الحد من نزيف النقد الأجنبي.
وشملت هذه الجرعات قصر التعامل بالليرة على عقود مبيعات العقارات ومنح الجنسية لمن يمتلك وحدة بقيمة 250 ألف دولار، الأمر الذي دفع السوق نحو التفاؤل.
وفي هذا السياق، قال الاقتصادي خليل أوزون، لـ"العربي الجديد" إن تركيا تعول على العقارات، كأحد أهم القطاعات الاقتصادية التي توفر نقداً أجنبياً للبلاد، كما يؤمن فرص عمل تساهم في تخفيض نسبة البطالة.
ويرى الاقتصادي التركي، أن ما يحدث بقطاع العقارات، على عكس المتوقع، إذ من المنطقي أن تزيد مبيعات العقارات بعد تراجع قيمة الليرة، فالمنزل الذي كانت قيمته العام الماضي 100 ألف دولار، لا يزيد سعره اليوم عن 60 ألف دولار.
وحسب أوزون فإن قرار تخفيض قيمة الاستثمار العقاري للحصول على الجنسية ومرسوم حصر التعاملات العقارية بالليرة، سينعكسان إيجاباً على القطاع العقاري خلال الفترة المقبلة فتزيد المبيعات وتساهم بكسر حالة الجمود التي كسته مؤخراً، كما سيكون لهما أثر كبير في زيادة الطلب على سعر العملة التركية، ما سيساهم، إلى جانب قرارات أخرى، بتحسن سعرها.
وكانت تركيا قد خفضت أخيراً، من قيمة الاستثمار والإيداع وعدد العمال الأتراك في المشروعات الاستثمارية، كشروط سابقة لمنح الجنسية الاستثنائية لمن يشتري عقاراً أو يؤسس منشأة أو يودع أموالاً بالمصارف التركية.
وشملت التعديلات التي تم إدخالها على قانون منح الجنسية التركية للأجانب، خفض قيمة العقارات بما لا يقل عن 250 ألف دولار، بدلا من مليون دولار، مع عدم بيعه خلال 3 سنوات.
وجاء قانون تخفيض قيمة العقارات للحصول على الجنسية التركية الاستثنائية، بعد خطوات عدة، قامت بها تركيا، لوقف نزيف الليرة.
ويقول مدير المركز الاستراتيجي للدراسات الاقتصادية في إسطنبول، محمد ديمرال، إن ثمة من اختلط عليه الأمر، ويظن أن قيمة العقار الواحد يجب أن تكون 250 ألف دولار، حتى ينال مالكه الجنسية، وهنا نقول، ليس شرطاً عقار واحد، بل مجموع ثمن العقارات، فربما يشتري مستثمر أكثر من منزل بهذا المبلغ بواقع تراجع سعر العقارات، وفي هذه الحالة يطبق عليه القانون ويحصل على الجنسية الاستثنائية.
وسيتم حساب قيمة العقارات من سعر صرف الدولار في يوم استلام وثيقة سند الملكية، وليس في تاريخ إجراء عقد البيع أو الشراء عند كاتب العدل.
ويلاحظ المراقب لوسائل التواصل الاجتماعي ازدياد عروض الشركات العقارية وتراجع الأسعار، مع تقديم ميزة البيع بالتقسيط لآجال طويلة، وهو ما اعتبره صاحب شركة عقارية بإسطنبول، سيرين تاش، دليلاً على زيادة العرض وقلة الطلب، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" ستبدأ العقارات بالانتعاش وخاصة بعد قرار تسهيلات منح الجنسية قائلاً: "تواصل معنا أكثر من مستثمر خليجي يريد شراء عقارات للحصول على الجنسية الاستثنائية".
ويؤكد تاش أن التخوف غير المبرر لدى العملاء من التطورات المحلية والدولية هو سبب جمود هذا القطاع، لأن الاستثمار في العقارات برأيه من أكثر الاستثمارات ضماناً وربحية، ويقول: "تصوروا ثمن المنزل بإسطنبول ومجمعات حديثة وكاملة الخدمات والرفاهية، لا يزيد عن 500 ألف ليرة، بل يوجد منازل بمناطق بيلك دوزو واسينيورت، معروضة الآن بنحو 250 ألف ليرة للمنزل".
ويأمل صاحب الشركة العقارية أن تصدر بلاده قانوناً تسمح من خلاله للسوريين بالتملك، إذ قد يكونون الحل الأسرع لكسر جمود العقارات وتنشيطه.
وحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية فإن نسبة مبيعات العقارات للأجانب في يونيو/ حزيران، زادت 7% مقارنة مع الشهر نفسه من 2017، ووصلت إلى ألفين و60 وحدة عقارية، بعد أن كانت ألفا و926 في الشهر نفسه من العام الماضي.
وأضافت البيانات أن نسبة شراء الأجانب للعقارات في الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران الماضيين، زادت بنسبة 31.1% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.