وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية راينر برويل، اليوم الأربعاء، إنّ بلاده تأمل أن تجعل كل اللاعبين الدوليين يستخدمون نفوذهم للدفع من أجل إحراز تقدم في محادثات السلام الليبية، وفق ما أوردته "رويترز".
وأضاف المتحدث أنّ الهدف "أوسع" من محادثات موسكو، التي كانت تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأحجم المتحدث الألماني عن تقديم قائمة محددة بالمشاركين في مؤتمر برلين، ولم يستطع تأكيد ما إذا كان فايز السراج رئيس حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً، وخليفة حفتر، سيحضران القمة، يوم الأحد المقبل، لكنه قال إنّ الدعوات وجدت "أصداء جيدة" لدى المدعوين.
ودعت برلين كلاً من السراج، وحفتر، لكن متحدثة باسم الحكومة الألمانية، قالت أيضاً، اليوم الأربعاء، "لا نستطيع القول بعد ما إذا كانا سيحضران مؤتمر ليبيا في برلين"، مضيفة "ليس بوسعنا بعد تقديم قائمة دقيقة بالمشاركين لكن الاستجابة للدعوات إيجابية".
وفي التعليقات الداخلية على المؤتمر المرتقب وما قد يحمله من نتائج، رأت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية أنّ "لعبة البوكر الليبية محفوفة بالمخاطر على المستشارة أنجيلا ميركل، فإذا تألقت المستشارة كمديرة أزمة واستطاعت فرض حضورها مجدداً، فهذا سيعيدها إلى الواجهة، خاصة أنّها كادت في الأشهر القليلة الماضية تكون غير قادرة على تقديم قوة دفع، لا على المستوى الوطني، ولا حتى على المستوى الدولي"، بحسب ما كتبت الصحيفة، اليوم الأربعاء.
وأضافت أنّ "هناك الكثير على المحك لإنجازه، فإذا تحقق تقدم حقيقي في نهاية المحادثات فهذا أمر يحسب لألمانيا والحكومة الاتحادية، أما إذا حصل عكس ذلك، فسيظهر مرة أخرى عجز الألمان والأوروبيين في إدارة صراعات العالم، على الرغم من كل الجهود التي بذلتها برلين لخلق خريطة طريق حل للأزمة في ليبيا".
أما مجلة "تاغس شبيغل"، فأكدت أنّ محاولة تثبيت وقف إطلاق النار التي باءت بالفشل بين اللواء خليفة حفتر ورئيس حكومة "الوفاق" فايز السراج، في موسكو، "قد تشكل حجر عثرة أمام مؤتمر برلين".
وأشارت المجلة، من جهة ثانية، إلى المخاوف من أن يستطيع الرئيسان الروسي والتركي فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان "توسيع أدوار بلديهما في الشرق الأوسط وتأثيرهما على الاتحاد الأوروبي إذا ما تمكنا من أن يصبحا قوة تنظيمية في ليبيا، فعندها يمكنهما استخدام مشلكة اللاجئين كوسيلة للضغط على الاتحاد في قضايا أخرى".
في المقابل، فإنّ المستشارة ميركل عبّرت عن أملها، خلال اجتماع لكتلة حزبها في برلين، في أن ينجح المؤتمر "في تحقيق ما تصبو إليه ألمانيا، وهو الالتزام الدولي والإقليمي بحظر السلاح عن بلد مزقته الحرب منذ عام 2011، قبل أن ينتهي الأمر بحل تفاوضي يفضي للوصول إلى حل سياسي يحافظ على سيادة ليبيا".
وسيجمع مؤتمر برلين أطراف النزاع والدول المعنية بالأزمة الليبية، بينها الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وإيطاليا وتركيا والإمارات، ودول الجوار الليبي، فضلاً عن الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وأعربت ميركل، أمس الثلاثاء، عن قناعتها بأنّه "طالما بقيت إمدادات الأسلحة والمقاتلين تصل إلى ليبيا، فإنّ المعارك لن تهدأ"، مشددة على أنه "يجب التعامل مع المؤتمر بتوقعات متدنية جداً"، على الرغم من أنّ برلين لم تقرر توجيه الدعوات إلى المؤتمر إلا بعدما تيقنت من "إمكانية تحقيق شيء ما بعد مسار طويل من النقاشات مع الجهات المعنية".
وأكدت المستشارة الألمانية أهمية مشاركة الرئيسين بوتين وأردوغان، واصفة ذلك بـ"البادرة الطيبة".
إلى ذلك، دافعت ميركل عن تدخل ألمانيا في حل الأزمة الليبية بالقول إنّه "لا يمكن أن تكتفي برلين بلعب دور المشاهد لتطور الأحداث في ليبيا، أو في الحرب على الإرهاب في دول الساحل، ولا يجوز أن نسمح بموت أو نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، كما حصل مع المواطنيين السوريين، ويمكن أن يتكرر الأمر في ليبيا".
أما وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، فاعتبر، أمس الثلاثاء، أنّه "تم التوصل إلى نقطة يمكن أن نعتقد فيها نحن الألمان أننا نستطيع التوصل مع جميع المشاركين في المؤتمر إلى اتفاق بشأن الصراع الليبي، ومن أن يحقق هذا الاتفاق آلية يصبح فيها طرفا الحرب غير قادرين على الاستمرار في هذا الصراع العسكري على المدى المتوسط والبعيد".
وأكد ماس أنّه "بدلاً من ذلك ستبدأ عملية سياسية بإشراف الأمم المتحدة"، لافتاً إلى أن "عملية برلين تتجاوز المفاوضات التي حصلت بين الجانب الروسي والتركي، ويراد منها أن تتفق الدول ذات النفوذ على ألا تقدم المزيد من الدعم العسكري للأطراف المتحاربة".
وليس من قبيل الصدفة اهتمام ميركل بليبيا، نظراً إلى ارتباط الأزمة بقضية اللاجئين الذين يتوافدون على أوروبا، لا سيما أنّ ما واجهته بعد موجة اللجوء عام 2015 كان من أعظم التحديات في ولايتها على رأس المستشارية.
وتسود مخاوف في برلين من أنّ تعثر المفاوضات سيعود بنتائج كارثية، وحدوث سيناريو مماثل لما حصل عند وصول الآلاف من الوافدين من المهاجرين بعد التصعيد العسكري في سورية، وبالتالي مواجهة أزمة لاجئين جديدة.