مصادر قضائية وقانونية كشفت كواليس وتفاصيل الساعات الأخيرة في حياة الرئيس الراحل، وعملية دفنه التي فرض عليها النظام المصري سرية مشددة. فبحسب المصادر، في هذا اليوم، أي أمس الاثنين، كان مقرراً عرْض الرئيس في قضيتين مختلفتين، وهما القضية المعروفة إعلامياً بوادي النطرون، وقضية التخابر، وكان مقرراً أن تبدأ المحكمة بنظر قضية وادي النطرون، قبل أن تتراجع وتقوم بإدخال المتهمين في قضية التخابر، وكان أول من وصل إلى القفص هو خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة.
وتتابع المصادر: "تحدث المحامي المنتدب من نقابة المحامين للدفاع عن الرئيس، طالباً تحديد جلسة خاصة للسماع إلى موكله، قبل أن يعلو صوت الرئيس من داخل القفص طالباً الكلمة، فنهره القاضي الذي خاطبه غاضباً مهدداً إياه بسحب الميكروفون من داخل القفص، وقال له مش عايز أسمع صوت، وبلاش تقاطع الدفاع، وأمّا ينتهي من الكلام هأذنلك بالتحدث، بس بلاش خطب سياسية. فاستجاب الرئيس".
وتضيف المصادر "بعد ذلك بدأ الرئيس في الحديث، قائلاً يا سيادة المستشار تقول لي بلاش حديث في السياسة وتحدث في القضية، أنا لم أكن أطلب الكلمة للدفاع عن نفسي، ولكني أحب أن أذكّرك بأن المستشار شعبان الشامي في حكم الإدانة الأول ضدي في القضية قال إن 30 يونيو ثورة شعبية، أليس هذه سياسة؟".
وتابع مرسي من داخل قفص المحكمة الزجاجي، بحسب المصادر: "أنا كنت طلبت من المحكمة عقْد جلسة سرية والمحكمة رفضت، وهذا شأنها، ولكني ما زلت أقول أنا عندي حقيبة أسرار، ولكني لن أضرّ بأمن مصر"، مستطرداً "المحامي نفسه لا يعلم عما أقوله شيئاً، لأني ممنوع من أن ألتقيه، أنا كالأعمى داخل هذا القفص، لا أرى المحكمة ولا أرى الدفاع ولا الإعلام، ولا أعلم إن كان هناك إعلام أصلاً أم لا"، مختتماً حديثه ببيت الشعر "بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ .. وأهلي وإن ضنّوا عليَّ كرام".
وبحسب مصدر قانوني: "ساد الهرج داخل قفص قيادات الجماعة المعروضين في القضية، وبعضهم قام بخلع المقاعد من شدة الغضب والقلق، بعد سقوط الرئيس داخل قفصه، حتى إن الدكتور مصطفى الغنيمي – عضو مكتب إرشاد الجماعة – وهو طبيب في حالة صحية متردية بعدما أُجريت له جراحة قلب مفتوح داخل السجن، كان في ثورة عارمة داخل القفص، ويبدو أنه نظراً لخبرته العلمية كان يدرك حجم الحدث والحالة الطبية للرئيس بعد الغيبوبة التي أصابته"، مضيفاً "بعد ذلك تم إخلاء القاعة وإخراج المحامين وأهالي المتهمين، قبل أن نعرف أنه تم إحضار سيارة إسعاف بعدما فشل الطبيب الذي تواجد في المحكمة في إنقاذه".
مصدر مقرّب من أسرة الرئيس تحدث لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل الساعات التالية للجلسة، قائلاً "ساعات ثقيلة مرّت، تخللها الكثير من الاتصالات بشأن شكل الجنازة وتفاصيلها ومَن سيحضر، حتى أسفر الأمر عن رفْض أجهزة الدولة تسليم الجثمان للعائلة لدفنه في مقابر العائلة بقرية العدوة بمحافظة الشرقية، وبعدها طُلب من الأسرة تحديد أي مكان آخر للدفن، فتم اقتراح مقبرة المرشدين السابقين في مقابر الوفاء والأمل بمدينة نصر"، لافتاً إلى أن من حضروا الغُسل أو الجنازة كانوا 13 شخصاً بالضبط.
بعد ذلك سُمح لأسرة الرئيس، الممثلة في زوجته وابنته وأبنائه الأربعة عمر وأحمد وعبد الله وأسامة، بالاختلاء بالجثمان لمدة دقائق قليلة، بعد وصول أسامة من سجن العقرب.
بعدها تم البدء في إجراءات الغسل، حيث حضر غسله أبناؤه الأربعة الذكور وشقيقه الأصغر، وكانت زوجته وابنته ومحاميه عبد المنعم عبد المقصود خارج غرفة الغسل، مضيفاً أن زوجة الرئيس طلبت من إحدى الشخصيات الأمنية التي كانت تتولّى الاتصالات مع العائلة ضرورة إخراج نجله أسامة من السجن لتوديع والده، قائلة: "أسامة يحضر ومش مهم باقي إخواته يحضروا.. حرام عليكم".
تبع ذلك نقل الجثمان في سيارة إسعاف إلى مسجد ليمان طرة، وهناك وقف 9 أشخاص لأداء صلاة الجنازة، وهم أبناؤه الأربعة الذكور، وابنته وزوجته وشقيقه، ومحاميه وأحد الحراس، وبعد ذلك مباشرة نُقل الجثمان في سيارة الإسعاف وتحت حراسة أمنية مشددة إلى مقابر الوفاء والأمل، وهناك كان في انتظار الجثمان أحد المحامين، وشقيق مرسي الثاني، وشقيقته، وأحد أقارب مرشد سابق للجماعة، وشخص آخر، وتم إنزال الجثمان إلى المقبرة، حيث تم دفنه إلى جوار المرشد الراحل محمد مهدي عاكف مباشرة".
وبحسب مصدر طالَع الجثمان قبل تكفينه، قال إنه "تم تشريح الجثمان بناء على قرار النائب العام، وتم إعداد الصفة التشريحية، ومن المقرر صدور تقرير بذلك، ولا نعلم إن كان سيتم نشر تفاصيله في الإعلام أم لا".