تتواصل جهود ودعوات إعادة إحياء وقف إطلاق النار بين الحكومة التركية وحزب "العمال الكردستاني"، وذلك عبر لقاءات "سرية" جرت بين نواب من "الشعوب الديمقراطي" (ذي الغالبية الكردية) ومسؤولين حكوميين، وأيضاً بين مسؤولين أمنيين حكوميين وزعيم "الكردستاني"، عبد الله أوجلان.
في الأثناء، غادر الزعيم المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين دميرتاش، بشكل مفاجئ إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للقاء عدد من قيادات اتحاد المجتمعات الكردستانية (المظلة التي تعمل تحت لوائها جميع المنظمات التابعة للعمال الكردستاني)، منهم النائبان السابقان في البرلمان التركي زبير أيدار، ورمزي كارتال.
وكشفت صحيفة "حرييت" التركية، عن اللقاء الذي جمع وفد "الشعوب الديمقراطي" والمكون من كل من النائبين إدريس بالوكان وسري ثريا أوندر ورئيس إدارة الأمن والنظام العام محمد درويش أوغلو، يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في أول لقاء بين الطرفين منذ نيسان/أبريل الماضي، قبل بدء حملات الأحزاب للانتخابات النيابية الماضية.
وأسفر اللقاء، بحسب الصحيفة، عن كسر للتوتر بين الطرفين، وعن سماح أنقرة أيضاً بإدخال 12 جثة لمقاتلي "الكردستاني" الذين قتلوا في صفوف جناحه السوري حزب "الاتحاد الديمقراطي"، من بينهم مقاتل ألماني، وذلك بعد 13 يوماً من الانتظار على الحدود، مقابل التزام "الشعوب الديمقراطي" بعدم السماح لمواكب التشييع بالتحول إلى تظاهرات مساندة لـ"العمال الكردستاني"، الأمر الذي تم بالفعل.
وعلم "العربي الجديد" من مصدر رفض الكشف عن اسمه في "الشعوب الديمقراطي" أنه تم الاتفاق بين الجانبين على السماح للجنة عملية السلام التابعة لـ"الشعوب الديمقراطي" بزيارة أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي، مقابل شروط التزم بها الوفد، رفض المصدر الحديث عنها.
وأضاف المصدر أن مسؤولي إدارة الأمن والنظام العام أكدوا لـ"الشعوب الديمقراطي" أن أوجلان في حالة صحية جيدة، وأن اللقاءات بينه وبين المسؤولين الأمنيين في الحكومة التركية ما زالت مستمرة، وأنه وجّه انتقادات شديدة لجميع الأطراف.
في غضون ذلك، أكّد القيادي في اتحاد "المجتمعات الكردستاني"، زبير أيدار اليوم الجمعة، أن عملية السلام لم تنتهِ بعد، متهماً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقلب الطاولة على رؤوس المتفاوضين.
وقال إن "على الحكومة التركية أن تتخذ خطوات لاستمرار عملية السلام، وهذا لن يتأتى إلا بضغوط من القوى الدولية"، مضيفاً "نحن لسنا مع الاشتباكات والحرب، ونريد العودة إلى طاولة التفاوض، لأن هذه الاشتباكات تؤثر في الحرب على (الدولة الإسلامية، داعش)، لذلك على القوى الدولية التدخل".
وعلى الرغم من أن الرفض سيكون المصير المحتم من القبل الحكومة التركية للدعوة، دعا أيدار واشنطن للتوسط بين "الكردستاني" والحكومة التركية، وأوضح أنه "نريد من الكونغرس والبيت الأبيض في أميركا التدخل ولعب دور في حل القضية الكردية، ولا يكفي أن تقول واشنطن إننا والأتراك أصدقاء وإننا حلفاء في الناتو".
كذلك دعا أيدار أيضاً إلى حوار مباشر بين واشنطن و"العمال الكردستاني"، وتابع "نحن نحتاج للسلام، وكما تعقد أميركا محادثات مع الأتراك، نريد منها أيضاً أن تعقد محادثات مع الأكراد، عليهم أن يجمعونا مع الأتراك على طاولة واحدة، وبذلك نلعب معاً دوراً أكبر في الحرب على (داعش)، ولأميركا القدرة على فعل ذلك".
وفي التطورات الميدانية، اندلعت اشتباكات اليوم الجمعة بين قوات الأمن التركية وقوات تابعة لـ"العمال الكردستاني"، في مدينة سيلوبي التركية التابعة لولاية هكاري شرق البلاد، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص من "الكردستاني"، وإصابة أكثر من عشرة آخرين من بينهم شرطي في حالة خطرة.
وجاءت الاشتباكات بعد قيام مجموعة تابعة لقوات "العمال الكردستاني" بالهجوم على قوات الشرطة التركية أثناء قيامها بردم الخنادق التي حفرها أنصار "الكردستاني" داخل المدينة لمنع دخول قوات الأمن التركية إلى بعض الأحياء.
كذلك شنّت قوات الشرطة التركية خمس عمليات أمنية متزامنة على خمسة عناوين في أنقرة، يشتبه بأنها تؤوي عناصر تتبع حزب "العمال الكردستاني".
وألقت قوات الأمن القبض على 17 شخصاً، يشتبه في انتمائهم لتنظيم "داعش"، في عمليات دهم، بمدينة مانيسا، غربي البلاد.
وأفادت المعلومات أن قوات مكافحة الإرهاب، بالتعاون مع قوات الدرك، داهمت في عمليات متزامنة عدة أماكن في المدينة، أسفرت عن إلقاء القبض على المشتبه بهم.
وجرت التوقيفات على خلفية اتهام المشبه بهم بـ"صلتهم بأشخاص لهم اتصالات مع أعضاء (داعش) في سورية"، فضلاً عن "قيامهم بتجنيد أعضاء جدد للتنظيم".
وقُتل حتى الآن في الاشتباكات بين "العمال الكردستاني" والجيش التركي في الفترة من 7 يوليو/تموز الماضي، وحتى 5 آب/أغسطس الحالي، 22 من رجال الأمن، وستة مواطنين، بالإضافة إلى إصابة 89 شخصاً بجروح متفرقة، كما قامت قوات "الكردستاني" بإحراق أكثر من 100 عربة.
في المقابل شنّت القوات المسلحة التركية غارات جوية على معسكرات وقوات "الكردستاني"، داخل وخارج البلاد، أسفرت عن مقتل أكثر من 260 مقاتلاً من "الكردستاني"، وإصابة أكثر من 400 آخرين بجراح متفرقة.
وفي نفس الفترة أيضاً، ألقت فرق الأمن القبض على أكثر من ألف و500 مشتبه به، في عمليات استهدفت تنظيم "داعش"، و"الكردستاني"، و"جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري".
اقرأ أيضاً: تركيا تواصل حملتها الأمنية ضد أنصار "الكردستاني" و"داعش"