تحوّل العرض المرجّح للفنان الفرنسي من أصل تونسي، ميشال بوجناح، يوم 19 تمّوز/ يوليو الجاري، في مهرجان قرطاج الدولي، إلى قضية سياسيّة بامتياز، بعد رفض قوى مدنية وسياسية مشاركته في المهرجان بسبب دعمه للكيان الصهيوني.
وقالت وزارة الشؤون التونسية، في بيان لها، إنه بسبب "الجدل الإعلامي والسجال على مواقع التواصل الاجتماعي الذي تبع المشاركة المتوقعة للفنان التونسي العالمي صاحب الأصول اليهودية ضمن الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي"، فإنها "تلتزم بعدم التدخل في المضامين والمحتويات التي يتفق حولها أعضاء الهيئات والجمعيات المديرة للتظاهرات والمهرجانات الدولية والوطنية والجهوية".
وذكّرت الوزارة بأنّ "مناصرة القضية الفلسطينية تُعدّ من ثوابت السياسات التونسية بما فيها الثقافية، ولم تدخّر وزارة الشؤون الثقافية أي جهد لمزيد دعم التعاون الثنائي بين تونس وفلسطين، والتأكيد على حضور المثقفين والمبدعين الفلسطينيين للمشاركة في أغلب التظاهرات التي تنظمها الوزارة".
وتبعاً لذلك، فإنه "اعتباراً لحساسية الموضوع، واتخاذه مساراً سياسياً خرج عن سياقه الثقافي، فإنها ستقوم بالمشاورات المتصلة بالأطراف ذات العلاقة، وذلك في نطاق مبدأ التشاور والتشاركية في أخذ القرار انسجاماً مع المصلحة العليا الوطنية التي تعلو فوقَ كلّ اعتبار".
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل من أول المطالبين بإلغاء العرض المسرحي، وأصدر بياناً مطولاً في ذلك، قال فيه إنّه "تشكّلت في تونس وعبر عقود لجان وهيئات وجمعيات تناضل ضدّ التطبيع، وتدعم شعبنا في فلسطين في مقاومته للاحتلال الصهيوني البغيض. وما زالت عناوين هذا النضال قائمة في كلّ المحطّات تؤكّد على مكانة القضية الفلسطينية لدى عموم الشعب وأغلبية الطيف السياسي والمدني في تونس".
وعلى هذا الأساس، فإنّ المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشّغل، وقف في وجه زيارة مجرم الحرب أرييل شارون إلى تونس، وندّد بالمجازر التي يرتكبها الصهاينة كلّ يوم ضدّ الفلسطينيين، وعلى كل شبر من الأراضي العربية، وناصر الأسرى في السجون الصهيونية في إضراب الكرامة.
ودعا الاتحاد إلى "إلغاء عرض الكوميدي ميشال بوجناح على مسرح قرطاج وفي كل المسارح، لا باعتبار ديانته اليهودية، فاليهودية مكوّن من المكوّنات الثقافية والتاريخية في تونس وفي غيرها من البلدان العربية، ولنا من اليهود مناضلون وطنيون لا يشكّك أحد في وطنيتهم، مثل جورج عدة، وغيره، إنّما لمواقفه الصهيونية، ولمناصرته لكيان عنصري فاشي ووقوفه إلى جانب السفّاح شارون، وقيادته مظاهرات داعمة له، فضلاً عن تهافته الفنّي وخواء المضامين التي يقدّمها".
ودعا الاتحاد وزارة الثقافة إلى تحمّل مسؤولياتها والتحرّي في كلّ العروض التي تبرمج وتغليب العروض التونسية في ظرف اقتصادي صعب. وفي الوقت نفسه عبّر المكتب التنفيذي عن احتجاجه على التبريرات الجوفاء التي يقدّمها مدير مهرجان قرطاج، وندّد باستهتاره بمواقف التونسيين ومشاعرهم المعادية للتطبيع حين يعتبرها مجرّد شعارات.
وبدوره، أصدر الحزب الجمهوري التونسي، أمس، بياناً طالب فيه وزارة الشؤون الثقافية بإلغاء الحفل المبرمج ضمن فعاليات الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي الذي من المنتظر أن يحييه ميشال بوجناح، معتبراً أن هذا الفنان "لا يمكن أن تشفع له أصوله التونسية ولا ديانته اليهودية للتغطية أو التستر على ميولاته الداعمة لجيش الاحتلال وجرائمه في حق العزّل من أبناء الشعب الفلسطيني".
واعتبر الجمهوري أن رفض بوجناح يعود إلى "مواقفه الداعمة لجيش الاحتلال الصهيوني وتمجيده لمجرمي الحرب من قادة العصابات الصهيونية، والتي عبر عنها باستمرار ميشال بو جناح". وبالرغم من أن الوزارة لم تؤكد قطعياً أنها ستلغي العرض، إلا أنها قد تذهب في هذا الاتجاه بعد إشارتها إلى أنها ستتشاور مع الأطراف المعنية في ذلك، ولكن دخول اتحاد الشغل بهذه القوة على خط الأزمة قد يرجح إلغاءه.