ويأتي هذا القرار على خلفية تصاعد وتيرة الاحتجاجات، والتي تلت وفاة أحد شباب الجهة حرقاً، جراء محاولته صعود أحد الأعمدة الكهربائية للتعبير عن رفضه قرار المندوبية الجهوية للتعليم بالقصرين حذف اسمه من قائمة المنتدبين في الوظيفة العمومية.
وشهدت محافظة القصرين أمس هدوءاً نسبياً، وخفتت حدة الاحتجاجات التي اشتعلت في الجهة بعد وفاة الشاب، وقبول رئيس الحكومة الحبيب الصيد لمطالب المحتجين بإعفاء المعتمد الأول (مساعد المحافظ) وإحالته على التحقيق بسبب شبهة تلاعب بقائمة المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا الذين سيقع انتدابهم للعمل بقطاعات عمومية.
اقرأ أيضاً: تونس.. العاطلون عن العمل يهددون بثورة ثانية
وتكررت الحادثة صباح اليوم، إثر إقدام شاب ثانٍ من المعطلين عن العمل على تسلق عمود كهربائي وتهديده بالانتحار إذا لم تتم تسوية وضعيته. واشتعلت موجة من الاحتجاج إثر سقوط هذا الأخير ونقله للمستشفى لإسعافه، لتنتشر في كامل الأحياء المحاذية للمحافظة، وواجهتها قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع. وتوجه بعض المحتجين نحو مقر المحافظة في محاولة لاقتحامها وطرد المحافظ منها.
وقال الناشط المدني بجهة القصرين محمد نصري لـ"العربي الجديد" إن الاحتجاجات اجتاحت الأحياء الكبرى وتصدت لها قوات الأمن بالقوة.
وفي تصريح صحافي، أكد الناطق الرسمي لوزارة الداخلية، وليد الوقيني، أن التدخل الأمني ضد المحتجين جاء على خلفية محاولة بعضهم اقتحام مقر الولاية.
وأضاف الوقيني أن بعض الشبان الغاضبين قاموا بالاعتداء على رجال الأمن بالحجارة، رغم قيام المسؤولين في الولاية بإقالة المسؤول عن الخطأ، والذي راح ضحيته الشاب رضا اليحياوي، وفتحهم مكاتب للاستماع للتوصل بشكايات المحتجين، وأغلبهم من العاطلين عن العمل.
وعقد محمد الناصر رئيس البرلمان اجتماعا طارئا مساء اليوم مع نواب جهة القصرين، وقال لـ"العربي الجديد" إن "رئاسة البرلمان تتابع ما يحدث بالمحافظة، وهو نتيجة لحالة انعدام الأمل والإحباط التي تسود شباب الجهة نتيجة انتشار البطالة"، وأعلن عن عدة قرارات إثر الاجتماع من بينها بعث لجنة تحقيق برلمانية للنظر في مشاكل الجهة على خلفية وفاة الشاب رضا اليحياوي أول من أمس.
وفي حين لم يستجب رئيس البرلمان لطلب الجبهة الشعبية المتعلق بدعوة وزير الداخلية للاستماع إليه حول ما وقع بالقصرين، قرر عقد جلسة خاصة مع رئيس الحكومة حول الملف الاجتماعي ومشاكل التنمية في الجهة.
وأوضح أيمن العلوي، النائب عن الجبهة الشعبية بالبرلمان عن محافظة القصرين لـ"العربي الجديد" أن "ما يحدث اليوم حذّر منه في أكثر من مرة سابقة، وأن تفجر الأوضاع وانتفاضة الأهالي كانت أكثر من متوقعة، فالجهة قد تكون مدخلا لرخاء اقتصادي واجتماعي للبلاد بأكملها، كما قد تكون بوابة جهنم إذا ما واصلت السلطات تجاهلها لمطالب المعطلين عن العمل وسياسة التسويف والتعاطي غير الجدي مع الوضعية".
من جهته، أعرب النائب عن حركة النهضة، وليد البناني، عن استيائه لما يحدث في جهته، موضحا أن ما يروج حول انتحار الشاب رضا اليحياوي محض مغالطات، حيث أقدم هذا الأخير على تسلق عمود كهربائي لإلقاء كلمة موجهة للمحافظ حول تلاعب بقائمة المعطلين عن العمل الذين سيقع انتدابهم، إلا أن وصلة كهربائية صعقته وأردته قتيلا، وبيّن أن تكرار الحادث يعبر وبشدة عن حالة الاحتقان التي تشهدها الجهة.
اقرأ أيضاً: تونس: قضية سفيان ونذير إلى الواجهة مجدداً