مثلما توقع اقتصاديّون فلسطينيون قبل أسابيع، مارسَ الاحتلال الإسرائيلي وبعض دول العالم، ضغوطاً اقتصادية على حكومة التوافق، في محاولة لإفشال المصالحة الفلسطينية الفلسطينية.
ولم تلبث أن تسخن المقاعد التي يجلس عليها وزراء الحكومة الحالية، حتى بدأت الأزمة الأولى، عبر ضغط الاحتلال الإسرائيلي عليهم، ملوّحاً بورقة العقوبات المالية والاقتصادية، في حال صرفت وزارة المالية الفلسطينية جزءاً من رواتب موظفي حماس، الذين عينتهم حكومة اسماعيل هنية السابقة.
وجاءت هذه التهديدات على لسان وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال نيفتالي بينيت قبل يومين، بوقف تحويل أموال المقاصة، التي تعدّ العمود الفقري لإيرادات الحكومة الفلسطينية، ومصدراً مهماً لتوفير فاتورة رواتب الموظفين العموميين.
من جهة أخرى، ما تزال الحكومة القطرية حتى اليوم، في انتظار حل، لتحويل المنحة التي أعلن عنها رئيس وزرائها عبد الله بن ناصر قبل نحو ثلاثة أسابيع، والبالغ قيمتها 20 مليون دولار، تذهب لصرف سُلفٍ من رواتب موظفي حماس الدائر حولهم إشكال منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة.
وترفض الحكومة والبنوك العاملة في فلسطين - بحسب حديث مصدرٍ مطلع لمراسل "العربي الجديد" - استقبال الحوالة القطرية، تجنباً لأية عقوبات يتجهز الاحتلال الإسرائيلي لفرضها عليها، في حال تلقي الحكومة للمنحة.
وطالب الكونجرس الأميركي أول أمس الثلاثاء، بحسب وسائل إعلام فلسطينية محلية، بقطع أية مساعدات، تنوي إدارة الرئيس باراك أوباما تقديمها للسلطة الفلسطينية لاحقاً، في حال صرفت رواتب موظفي حماس.
الأزمة الثانية التي تتربص بحكومة الحمد الله، تتمثل في موظفي غزة الـ50 ألفاً، حيث نجحت الحكومة، ولو مؤقتاً، بتخدير هذه الأزمة، بحسب حديث للباحث الاقتصادي محمد قباجة، عبر تشكيل لجان قانونية ومالية لدراسة أوضاعهم، ومدى حاجة المؤسسات لهم، على أن يتم البت في القضية بعد 4 شهور من بدء اللجان عملها.
ويقول قباجة إن "حكومة التوافق أعلنت عن تشكيل لجان لدراسة أوضاع موظفي غزة، وبعد قرارها هذا بأيام، أعلنت عن إعادة موظفيها الممتنعين في القطاع إلى عملهم، والبالغ عددهم أكثر من 15 ألفاً، بعد أن التزموا منازلهم طيلة سنوات الانقسام السبع".
وأضاف "هل ستقوم الحكومة بقبول موظفي حماس داخل المؤسسات الرسمية في القطاع، في ظل أزمة مالية تعاني منها الخزينة الفلسطينية، دفعها إلى وقف التعيينات في السلكين الحكومي والعسكري؟".
وتشكل فاتورة رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، بحسب موازنة العام الجاري، نحو 49٪ من إجمالي الموازنة المقدرة بـ 4.21 مليار ودلار، بينما يبلغ عجز الموازنة 30٪ من قيمتها.
ويرتبط عجز الموازنة، بالأزمة الثالثة التي تواجه الحكومة الفلسطينية، وهي تراجع حجم الدعم الدولي الخارجي للحكومة والموازنة الفلسطينية خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري على أقل تقدير.
وتراجع الدعم الخارجي للحكومة الفلسطينية خلال الخمسة شهور الأولى بنحو 60٪ عما كان عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي، بحسب أرقام وزارة المالية، مما يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة خلال الشهور المتبقية من العام الجاري.
وعلى الرغم من استمرار صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، إلا أن ذلك يأتي على حساب مستحقات على الحكومة لصالح عدد من مؤسسات القطاع الخاص، كالمستشفيات التي هددت بالإغلاق أو رفض استقبال أية تحويلة طبية من الحكومة، بسبب تراكم الديون المستحقة عليها.