وأثارت الدراسة خلافا بين رئيس الوزراء بوريس جونسون من جهة، وأحزاب ومؤسسات وعاملين في قطاع الضيافة من جهة أخرى، وزاد التشكيك في الدراسة عندما أعلن جونسون البدء في مراجعة رسمية لمسافة التباعد الجسدي، والتي من المتوقع أن يتم الكشف عنها بحلول 4 يوليو/تموز المقبل، وعلى أساسها سوف تتقرر إعادة فتح الحانات والمطاعم، رغم مطالبته بأن تبقى مسافة المترين من أهم القيود لتقليل الإصابة بالفيروس.
وتعرضت الحكومة خلال الأسابيع الأخيرة لضغوط من النواب المحافظين لتقليص المسافة بهدف دعم الشركات، وخاصة في قطاع الضيافة. ويرى مستشار الحكومة، ريشي سوناك، أن المستشارين ينصحون الوزراء لاتخاذ قرارات سليمة، مضيفا: "شاهدنا بالفعل النرويج والدنمارك اللتان انتقلتا من مترين إلى مسافة أقل، ويمكننا السير في هذا الاتجاه، ومن المهم أن ننظر إلى الإجراءات بشكل شامل، ودراسة تبعاتها وتأثيراتها على الشركات".
وحثت شخصيات بارزة في حزب المحافظين، ومجموعات الضغط التجارية، الحكومة على تقليص المسافة خوفًا من أن تجعل إعادة فتح أماكن عملهم غير مربحة، لكن حزب العمل حذر من أن الحكومة يجب أن تتبع العلم، وتضمن أن أماكن العمل آمنة قبل عودة الناس إليها، حسب صحيفة الإندبندنت.
ويأتي ذلك، بعد تسجيل 36 وفاة جديدة بسبب فيروس كورونا، أمس الأحد، في المملكة المتحدة، ليصل الإجمالي إلى 41698 وفاة، وهو من بين أعلى معدلات الوفاة في العالم.
متر أم متران
وأظهر استطلاع حديث لشركة "YouGov" البريطانية لأبحاث السوق وتحليل البيانات، دعماً لمسافة المترين من 58 في المائة من عينة الاستطلاع، مقابل 24 في المائة يرغبون في تقليص المسافة إلى النصف.
وقال زعيم حزب المحافظين السابق، إيان دنكان سميث، وهو واحد من أصحاب أعلى الأصوات المعارضة، إن كل الأدلة تظهر أنه من الممكن الانتقال إلى مسافة متر واحد، وأضاف لشبكة "بي بي سي": "يتفق معظم العلماء على أن مسافة المترين ليست ضرورية بشكل مطلق، لأن احتمال انتقال الفيروس في الهواء محدود".
وقال عمدة وست ميدلاندز المحافظ، أندي ستريت، إن "المسافة الحالية ستجعل الأمر أكثر صعوبة، ليس فقط في مجال الضيافة، ولكن أيضًا في مؤسسات التعليم، ووسائل النقل العام، وأرحب بالمراجعة التي أعلنت عنها الحكومة، وأملي أن تنتهي إلى خفض مسافة التباعد الاجتماعي".
وطالب رؤساء مؤسسات بقطاع الضيافة رئيس الوزراء باتخاذ قرار واضح بشأن قاعدة المترين، معتبرين أنها ستؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف، حسب صحيفة "التلغراف".
أما وزير العدل في حكومة الظل، ديفيد لامي، فقال إن "الحكومة يجب أن تتبع العلم، وأن تكون صريحة وصادقة مع الناس بشأن موازنة المخاطر أثناء اتخاذ القرار. أعتقد أن الحكومة كانت بطيئة في الاختبار، وبطيئة في الإغلاق، وبطيئة في توفير معدات الوقاية الشخصية، وأعتقد أنها ستكون بطيئة في هذا الشأن أيضا".
واعتبر أندي ماكدونالد، وزير حقوق التوظيف في حكومة الظل، أن "الحكومة بحاجة إلى تعزيز لعبتها، وجعل أماكن العمل أكثر أمانًا من خلال تزويد مفتشي السلامة بالموارد بشكل صحيح. يحتاج العمال أن يكونوا قادرين على الثقة برئيس الوزراء عندما يقول إنه من الآمن العودة إلى العمل، وأن يثقوا بأن صحتهم وصحة أسرهم ستكون محمية".
وقال خبير الإحصاء بجامعة كامبريدج الذي شارك في المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ التابعة للحكومة، ديفيد شبيغلتر، لصحيفة "ذا غارديان"، إنه "يجب معالجة خطر الإصابة عند متر واحد مقابل مترين بحذر شديد. أنا متشكك جدا في ذلك"، في إشارة إلى نتائج دراسة منظمة الصحة العالمية.
والدراسة التي نُشرت في مجلة "لانسيت"، هي أحدث الدراسات التي تتعرض لانتقادات من الخبراء الذين يخشون أنه في خضم الوباء، تتم كتابة بعض الأوراق البحثية ومراجعتها ونشرها بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن إجراء فحوص كافية لدقتها، وقدمها باحثان في جامعة ماكماستر في أونتاريو، قاما بتجميع بيانات من الدراسات المنشورة لتقدير خطر الإصابة بالفيروس وفق المسافات، وقالوا إن التأثير النسبي لخطر الانتقال من مترين إلى متر واحد هو نفسه التأثير من متر واحد إلى صفر.
ويرى رئيس قسم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة هونغ كونغ، بن كولينغ، أن الدراسة لا يمكن أخذها على محمل الجد، لأنها تنظر فقط إلى المسافة، وليس إلى أي مدى يتعرض الشخص لتأثير الفيروس.