جولة عاشرة من تظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا رغم الحوار

باريس

محمد المزديوي

avata
محمد المزديوي
19 يناير 2019
D6266046-DE3D-4A3F-AF23-E072EAE94EA8
+ الخط -
على الرغم من إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "النقاش الوطني الكبير"، خرج محتجو "السترات الصفراء" إلى شوارع المدن الفرنسية، للسبت العاشر على التوالي، مطلقين هتافات تنادي باستقالة الرئيس، تأكيداً منهم على موقفهم مقاطعة الحوار.

ولم تخلُ الجولة العاشرة من الحراك، من توترات وصدامات في العديد من المدن، بينها باريس، وهو ما جعل السلطات الأمنية تُعبِّئُ 80 ألف متظاهر، من بينهم 5 آلاف شرطي ودركي في العاصمة.

وقد شارك في تظاهرة مدينة تولوز، أكثر من 5 آلاف متظاهر، وأكثر من ألف متظاهر في مدينة ليون، وأكثر من 3 آلاف متظاهر في مدينة روان.

وفي بوردو، تظاهر ما بين 6 و7 آلاف شخص، على الرغم من نداء العمدة آلان جوبيه، بتلقّف يد ماكرون الممدودة للحوار، بينما شهدت مدينتا كان ورين تظاهرات، أعلن خلالها جرح اثنين من قوات الأمن.

وفي باريس اتسمت التظاهرات بالهدوء، في بداية الأمر، مقارنة بالأسابيع الماضية. وقد انطلقت التظاهرة من ساحة "ليزانفاليد" في المقاطعة الباريسية السابعة في اتجاه "بلاس ديتالي"، في المقاطعة الثالثة عشرة، ثم العودة إلى مكان الانطلاق في "ليزانفاليد".

وإذا كانت التظاهرة المرخص لها تمت في ظروف هادئة، إلا أنّها شهدت اصطدامات، خلال تفريق المتظاهرين، إذ استخدمت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه.

وفي كل أسبوع من التظاهرات، تدخل بعض العناصر الجديدة في مَشاهد التظاهر، من حضور دراجات نارية، وسيارات لشلّ بعض الطرق، فضلاً عن تمثيل مشاهد حول بعض مظاهر العنف، وسط هتافات بعض المتظاهرين بشعارات مثل "ماكرون.. استقل". 

وكما أعلن من قبل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانت قضية "العنف البوليسي"، الموضوع الرئيس، وخاصة في التظاهرة الباريسية، وسط إطلاق شعارات تنتقد الأمن.

وتميّزت، في الظهور، لافتاتٌ تحمل شعار "حرية، مساواة، فلاش بول"، في إشارة إلى رصاصات الدفاع التي أطلقتها الشرطة، أثناء هذا الحراك، بغزارة وتسببت في إصابات عديدة. كما تَصَدّر مُتظاهر يركب على فرَس رأس التظاهرة، في بلدة لاتور-دو-بِينْ.

وتميزت التظاهرة التي انطلقت من "ليزانفاليد"، أيضاً برفع لافتات على شكل نعوش، إحياءً لذكرى أفراد "السترات الصفراء" العشرة الذين فارَقوا الحياة، منذ بدء الحراك، قبل شهرين.

وانطلقت الاحتجاجات، في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بسبب ارتفاع الضرائب على الوقود التي أُلغيت نتيجة للتظاهرات، والتي تحوّلت منذ ذلك الحين إلى احتجاجات ضد الحكومة بشكل عام.

وتسببت الاحتجاجات، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في وقوع بعض أسوأ أعمال العنف التي شهدتها باريس في عقود؛ إذ أحرق المحتجون سيارات، وألحقوا أضراراً بمتاجر وشركات.

وفي بادرة لتخفيف التوتر مع المتظاهرين، قررت إدارة الأمن العمومي في مدينة لين، تصوير أفراد شرطتها الذين سيطلقون رصاصات الدفاع، أثناء التظاهرة، وذلك عن طريق تثبيت كاميرا في ثياب من يمتلك هذا النوع من السلاح.

وفي إحصاء لوزارة الداخلية الفرنسية، في الساعة الثانية بعد ظهر هذا اليوم، بلغ عدد المتظاهرين 27 ألف شخص في عموم فرنسا، من بينهم 7000 متظاهر في باريس.

كما شهد، اليوم السبت، توقيف قوات الأمن لعشرين شخصاً في باريس، بسبب حملهم "أسلحة محرَّمَة"، بعد تفتيش انتقائي، فيما اعتقل أكثر من عشر أشخاص في مدينة روان، بعد صدامات مع الشرطة، أطلقت فيها الشرطة الغازات المسيلة للدموع، وتسببت في جرح شرطيَيْن. وهي أرقام مرشحة للازدياد عند تفريق التظاهرات.

حراك... وحوار

وفي انتظار إعلان وزارة الداخلية، مساء اليوم السبت، العدد النهائي للمتظاهرين، في الأسبوع العاشر، يبدو أنّ التظاهرات ستتواصل، تزامناً مع استمرار "النقاش الوطني الكبير".

ولعلّ تصريح أحد زعماء الحراك المثيرين للجدل، إيريك دْرُووِي، من أنّ "الحوار يجب أن يتمّ مع حركة السترات الصفراء لا مع عمدات فرنسا"، دليلٌ على أنه لا شيء تم حسمُهُ، وهو ما يؤكده المتظاهرون، الذين يُجمِعون على انتقاد الرئيس ماكرون، وعلى اعتبار إعلاناته، مجرد ذرّ للرماد في العيون.

وأطلق ماكرون سلسلة من الحوارات والنقاشات الوطنية، تحت عنوان "النقاش الوطني الكبير"، لمحاولة امتصاص غضب الرأي العام وتعزيز موقفه في الحكم.

وأمام 600 مسؤول محلي من قرى وبلدات النورماندي، تحدّث ماكرون الثلاثاء، عن سلسلة من "الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية"، التي اعتبر أنها سبب غضب المتظاهرين المنتفضين منذ أكثر من شهرين على سياسة الحكومة الاجتماعية والضريبية.

وأعلن ماكرون أنّ هذه اللحظات التي تعيشها البلاد يمكن أن تكون "فرصة"، مضيفاً أنّ "كل التساؤلات مفتوحة" خلال الشهرين المقبلين من النقاش الوطني الذي يستطيع كل الفرنسيين المشاركة به، الذي "يجب ألا يتضمن محرمات"، كما قال.

"عنف بوليسي"

وفي انسجام مع شعارات الجولة العاشرة من الحراك، التي تنتقد ما تراه "عنفاً بوليسياً"، مورس بشكل واسع، تقدّمت حركة "فرنسا غير الخاضعة"، بمشروع قانون إلى البرلمان الفرنسي يرمي لحظر استخدام قاذفات قنابل الدفاع، وأيضاً القنابل المسيلة للدموع.

واعتبر نواب هذه الحركة أنّ هذه الأسلحة "خطيرة".

في المقابل، يعارض قادة أمنيون هذا الطلب، كما يعارضه وزير الداخلية كريستوف كاستانيه، الذي تساءل في تصريح: "ما الذي سيبقى لقوات الأمن، إذا نُزِعت عنها هذه الأسلحة؟"، مجيباً "سيبقى لها الاحتكاك الجسدي، وسيؤدي إلى كثير من الجرحى، أو سيبقى لها استخدام الأسلحة النارية، كحلّ نهائي".

موقف يعارضه بقوة الحقوقي آلان توبون، الذي طالَب بوقف هذه الأسلحة الفتّاكة على الفور، ووصف استخدامها بأنه "مرَض أمنيّ".

ذات صلة

الصورة

سياسة

خرجت تظاهرات في باريس ضد تنظيم شخصيات يمينية متطرفة حفلاً لجمع التبرعات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كان من المقرر أن يشارك به سموتريتش.
الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
احتجاجات في فنزويلا بعد إعلان مادورو رئيساً، 29 يوليو 2024 (بيدرو رانسيس ماتي/الأناضول)

سياسة

قُتل شخص على الأقل، في احتجاجات اندلعت في فنزويلا الاثنين، وتخللتها مواجهات مع الشرطة، بعيد إعلان فوز نيكولاس مادورو بالرئاسة.
المساهمون