صادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام، خطوط مياه من أراض مصنفة بالمنطقة "ب" تعود لمزارعين فلسطينيين قرب سهل البقيعة في الأغوار الشمالية، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية تتولى المسؤولية المدنية عن هذه الأراضي، وفقاً لاتفاق أوسلو.
وأشار مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ذلك شيء خطير لم يحصل من قبل، فسلطات الاحتلال تركز كل تشديدها على المناطق المصنفة (ج)، لكن أن يدخل الجيش ويصادر خطوط المياه من منطقة مصنفة (ب) فهذا لم يكن في الحسبان".
وتعود خطوط المياه لمزارعين فلسطينيين أرادوا استصلاح أرضهم في سهل البقيعة قرب طوباس، بتزويدها بمياه آبار مرخصة من الحكومة الأردنية التي كانت تحكم الضفة الغربية قبل نكسة 1967، ومرخصة أيضاً من السلطة الفلسطينية.
وقال صاحب خطوط المياه التي استولى عليها الجيش، المزارع أحمد العبيسي، في اتصال مع "العربي الجديد"، "كنت سأسحب الماء من بئر أملكه منذ زمن بعيد، لاستصلاح قطعة أرض أملكها أيضاً في سهل البقيعة، لكنني تفاجأت بأن جيش الاحتلال صادر الخطوط التي وضعتها في منطقة مصنفة (ب)، ظناً مني أن الجيش لن يتدخل في هذه المنطقة".
ويضيف بشارات "نزلت إلى الموقع مع عدد من المزارعين وقلت للضابط العسكري: أعطني ورقة أنك صادرت خطوط المياه. فقام الجنود بدفعي، ورفعوا السلاح في وجهنا لإرهابنا وإبعادنا عن المنطقة، أما الضابط فقال لي بالحرف: اعتبرني سرقت الخطوط، خاوة وعربدة، وأعلى ما بخيلكم اركبوه".
ويعرف بشارات جيداً، بأنه "لو كان للفلسطينيين خيل لما تجرأ الضابط عليهم، كما يعرف أن ما يفعله الاحتلال في الغور ليس أقل من عملية قرصنة للأرض الفلسطينية، بعد أن حاصرت الزراعة الفلسطينية مستوطنات الاحتلال، وصار تطورها عقدة بالنسبة للمستوطنين وجيشهم الذين يحاولون تفكيكها بالسيطرة على المياه، وتحويل السهول إلى مناطق عسكرية مغلقة".
ويوضح بشارات أنهم "هددوا باعتقال أي مزارع يقترب من سهل البقيعة"، ويتابع أنه "منفذنا الوحيد، نحن محاصرون داخل بلدات طمون وعاطوف والبقيعة، ونافذتنا الوحيدة هي هذا السهل".
وتبلغ مساحة سهل البقيعة في المنطقة التي صادرت قوات الجيش الأنابيب منها 45 ألف دونم، يزرع الفلسطينيون منها 15 ألف دونم فقط، والبقية حولها الاحتلال إلى مناطق عسكرية مغلقة، وفي السهل أيضاً مستوطنتان إسرائيليتان، علماً أن أراضي طمون القريبة من السهل تبلغ مساحتها 98 ألف دونم، فيما تُقدّر مساحة أراضي طوباس بـ120 ألف دونم، وتسيطر إسرائيل على 73 في المائة من مجموع أراضي البلدتين.
ولا تفوت سلطات الاحتلال فرصة لمحاصرة المزارعين الفلسطينيين في الغور والتضييق عليهم، ومنعهم من زراعة أرضهم، التي لم تخف يوماً طمعها بها، لكنها دائماً تقدم حججاً واهية، كاعتبارها مناطق واسعة من سهل البقيعة الذي يعد المتنفس الوحيد لأكثر من 60 ألف فلسطيني في المنطقة.
ويعتبر الغوريون الفلسطينيون معركة سهل البقيعة خطيرة، وإذا نجحوا في كسبها سينجحون في كل قضايا الأغوار، لكنهم يعرفون أيضاً أن الأمر لا يبدو سهلاً البتة في المدى القريب.