19 نوفمبر 2023
حزب البعث المدلّل!
كان لحزب البعث المُدلّل تركة مهولة ونشاط واهتمام ملحوظ، على المستوى الداخلي، في عام 1980 وما يليه، وحتى ما بعد وفاة القائد الملهم حافظ الأسد باني سورية الحديثة، من قبل شريحة واسعة من المجتمع السوري الذي اتجه بهذا الطريق وانتسب إلى صفوفه، رغماً عن أنفه، فهذا ما يعني الدخول إلى الحياة العامة من أوسع أبوابها، وستفتح للمنتسبين الجدد "طاقة" الإخفاء لما يعني ذلك من مكاسب وفوائد مادية، ومكانة وظيفية لا تقدر بثمن تنتظرهم في المستقبل القريب!
وفي صور الحزب المختلفة وأماكن حضوره، أبواب كثيرة لا يمكن لها أن تُغلق، فهي مفتوحة -وعلى مصراعيها- ليل نهار، لا سيما أنَّ الدولة، وبكل ما فيها، قائمة على رعاية الحزب القائد، والتهليل له والاهتمام به، لأنه يُشكل عماد الدولة ونهجها المقدس.
إنّه الحزب الذي ارتمى في أحضانه كل الناس الراغبين في العمل في وظائف الدولة، ليتاحُ لهم الفوز بأي عملٍ وظيفي يمكن أن يساعدهم على تأمين لقمة العيش الكريم، الذين يُحَارَبون بالملاحقة والتهميش، والإبعاد وزجّهم في السجون، في حال بقائهم خارج صفوف الحزب العظيم، ما يعني الاستسلام والفقر المدقع والذلّة، وهذا ما حصل، بالفعل، للكثير من أبناء سورية النشامى، الذين لم ينتسبوا إلى صفوفه، علاوةً على إلصاقهم بتهم باطلة للإيقاع بهم والتخلص منهم!
وإن الانتساب إلى عضوية الحزب "العظيم" تبدأ ولا تنتهي، ما يعني أنّه سيشارك في بنائه أبناؤه لبنةً لبنة، ما يعني أنّك ستحظى بمكانة كبيرة، وسينصت إليك ويسمعك أكبر مسؤول في رأس الهرم الوظيفي في الدولة ما دمت أنك تشكل لبنة في بنائه، وأنك عضو فعال فيه، وما عليك إلاّ أن تملأ استمارة الانتساب، وحضورك الاجتماعات الدورية، وما يحدث فيها من قصص "معتّة"، وحالمة بالنسبة للكثيرين الذين طالما كانوا يفكرون بالمنصب والجاه، وبصورة خاصة، الصغار منهم، من غير حملة الشهادات الدراسية، جامعية وغيرها، وهذا ما دفع بأمثال هؤلاء لحضور هذه الاجتماعات، وبصورة مستمرة، من أجل الوصول إلى الهدف، وتحقيق الرغبة الدفينة للتقرب من المسؤول، والسعي في الحصول على وظيفة مناسبة تُبهج القلب وتُثلج الروح.. وفي هذا ما عليك إلا الخضوع إلى دورات حزبية مكثفة، والالتزام بالاجتماعات الدورية، وتسديد ما يترتّب عليك من مبالغ مالية لقاء الانتساب إلى صفوف الحزب، واتباع دورات الإعداد الحزبي والنضالي وغيرها، حتى تتمكن من تجاوز كل هذه الترّهات من اتباع دورات صقل فكرية وعقائدية للوصول إلى المكانة التي تخولك أن تكون مرشحاً قوياً لشغل الوظيفة المناسبة التي تعرض عليك بعيداً عن تحصيل أي شهادة دراسية. يكفي التزامك بالحزب، والإيمان به وبأهدافه، وما مدى ارتباطك به، فضلاً، وهذا الأهم، أن تكون مدعوماً من قبل أحد الأعضاء العاملين الذين لهم حضورهم ومكانتهم، وهذا ليس بالأمر الصعب، لا أبداً، ما دمت قادراً على دفع المال، والوصول إلى المفتاح الذي يُلبي حاجتك، ونيلك مُرادك بشغل الوظيفة التي تدر ذهباً، مرصّعاً بالألماس!
ومن بين الدورات التي كانت تشكل هاجساً مهماً وهمزة وصل للمنتسبين للحزب، الدورات الفكرية والعقائدية، ومن هذا القبيل، وبحسب خطط الحزب المركزية والفرعية، ولجانه القائمة عليه، فإنه يجب اتباع دورات حزبية، وبصورة دورية، في مدارس الإعداد الحزبي، وفي هذا الكثير من الصور "المقرفة"، وهي مثل الهمّ على القلب بالنسبة للرفاق الدارسين الذين يخضعون لاتباع دوراتها، وبالكاد كانت تلقى أي ترحيب أو أي اهتمام يذكر من قبل الدارسين المقبلين عليها، بل إنها ولّدت القشعريرة والإحباط بالنسبة لهم، ويقوم المحاضرون بإعطاء دروس غير مقتنعين بها، على الرغم من أنهم يبذلون قصارى جهدهم في تعريف الدارسين الجدد المنتسبين للحزب وملحقاته ودوره الفاعل في الحياة، وبناء الدولة الحديثة، ودورهم الحزبي يفرض عليهم حضور هذه الدورات، والالتحاق بها بما تتضمّنه هذه المحاضرات، وبما يُلبي حاجة الدارسين الذين لا حول لهم ولا قوّة، بل إنهم باتوا يلعنون الساعة التي انتسبوا فيها إلى صفوف الحزب، في الوقت الذي استفاد من وجوده كثيرون من فقيري الحال، ومن الموظفين الصغار والنخبة، فضلاً عن كبار الأغنياء!
وكان لمجرد الانتساب إلى صفوف الحزب العظيم، والقدم في خدمته.. بلا شك سيحقق جزءاً من مكانتهم وسيكون لهم شأن عظيم في المستقبل سيدخلهم من أوسع أبوابه العمل في الوظائف الحكومية التي كانت مجرد حلم راود الكثيرين، وبالفعل تدرّج بين صفوفه الكثير من الموظفين والعمال الصغار، وشغلوا مناصب حساسة لم تكن تخطر على بال، بالنسبة لهم أو لغيرهم، وتُرك المتعلمون الدارسون الحاصلون على شهادات جامعية في أدنى مراحل الوظيفة، على الرفّ، متأمّلين شغل المكانة الوظيفية التي تناسب خبراتهم والشهادة التي سبق أن نالوا شرف نيلها، وهذا التفاوت في الترتيب الوظيفي، أفرزه، وللأسف، منتفعو الحزب، وما أكثرهم، وجعل الأميين منهم، الذين لا يعرفون ألف باء القراءة والكتابة، أن يتقلدوا مناصب طليعية مبرّزة في الحكومة، تاركين باب الوظائف الدنيا، لحملة الشهادات الكبيرة من مهندسين، وأطباء، ومحامين، وأساتذة جامعيين، وغيرهم!
هذه تركة حزب البعث العظيم، المدلل في أعين جماهيره، وقيادته المناضلة، خلال سنوات عهده التي حكم فيها السوريين بالحديد والنار، والسياط اللعينة، وما تركه من لعنة على جماهير شعبنا التي ذاقت شتى ألوان الهوان من قيادة طاغية لم تعرفُ إلا القتل والتهجير والتدمير!
فلمن استمرّ وكسب المزيد من المال، وما زال يناضل في صفوف الحزب القائد الذي كل ما فيه أنه كان يهيمن على رقاب الناس البسطاء والفقراء والمحتاجين، واستفاد من وجوده الانتهازيون المستغِلّون الذين مازالوا يتكسّبون في ظلّه الكثير، فإنهم ما زالوا، وبكل وقاحة، يقبلون على إهانة الناس وإذلالهم وسرقتهم باسم الحزب، وتقوم عليه حكومة مارقة حاقدة تفاخر باسمه، وتستغل الشعب الطيّب البسيط، وهذه أكبر مفسدة عاشها الوطن والمواطن، وإلى اليوم!
وفي صور الحزب المختلفة وأماكن حضوره، أبواب كثيرة لا يمكن لها أن تُغلق، فهي مفتوحة -وعلى مصراعيها- ليل نهار، لا سيما أنَّ الدولة، وبكل ما فيها، قائمة على رعاية الحزب القائد، والتهليل له والاهتمام به، لأنه يُشكل عماد الدولة ونهجها المقدس.
إنّه الحزب الذي ارتمى في أحضانه كل الناس الراغبين في العمل في وظائف الدولة، ليتاحُ لهم الفوز بأي عملٍ وظيفي يمكن أن يساعدهم على تأمين لقمة العيش الكريم، الذين يُحَارَبون بالملاحقة والتهميش، والإبعاد وزجّهم في السجون، في حال بقائهم خارج صفوف الحزب العظيم، ما يعني الاستسلام والفقر المدقع والذلّة، وهذا ما حصل، بالفعل، للكثير من أبناء سورية النشامى، الذين لم ينتسبوا إلى صفوفه، علاوةً على إلصاقهم بتهم باطلة للإيقاع بهم والتخلص منهم!
وإن الانتساب إلى عضوية الحزب "العظيم" تبدأ ولا تنتهي، ما يعني أنّه سيشارك في بنائه أبناؤه لبنةً لبنة، ما يعني أنّك ستحظى بمكانة كبيرة، وسينصت إليك ويسمعك أكبر مسؤول في رأس الهرم الوظيفي في الدولة ما دمت أنك تشكل لبنة في بنائه، وأنك عضو فعال فيه، وما عليك إلاّ أن تملأ استمارة الانتساب، وحضورك الاجتماعات الدورية، وما يحدث فيها من قصص "معتّة"، وحالمة بالنسبة للكثيرين الذين طالما كانوا يفكرون بالمنصب والجاه، وبصورة خاصة، الصغار منهم، من غير حملة الشهادات الدراسية، جامعية وغيرها، وهذا ما دفع بأمثال هؤلاء لحضور هذه الاجتماعات، وبصورة مستمرة، من أجل الوصول إلى الهدف، وتحقيق الرغبة الدفينة للتقرب من المسؤول، والسعي في الحصول على وظيفة مناسبة تُبهج القلب وتُثلج الروح.. وفي هذا ما عليك إلا الخضوع إلى دورات حزبية مكثفة، والالتزام بالاجتماعات الدورية، وتسديد ما يترتّب عليك من مبالغ مالية لقاء الانتساب إلى صفوف الحزب، واتباع دورات الإعداد الحزبي والنضالي وغيرها، حتى تتمكن من تجاوز كل هذه الترّهات من اتباع دورات صقل فكرية وعقائدية للوصول إلى المكانة التي تخولك أن تكون مرشحاً قوياً لشغل الوظيفة المناسبة التي تعرض عليك بعيداً عن تحصيل أي شهادة دراسية. يكفي التزامك بالحزب، والإيمان به وبأهدافه، وما مدى ارتباطك به، فضلاً، وهذا الأهم، أن تكون مدعوماً من قبل أحد الأعضاء العاملين الذين لهم حضورهم ومكانتهم، وهذا ليس بالأمر الصعب، لا أبداً، ما دمت قادراً على دفع المال، والوصول إلى المفتاح الذي يُلبي حاجتك، ونيلك مُرادك بشغل الوظيفة التي تدر ذهباً، مرصّعاً بالألماس!
ومن بين الدورات التي كانت تشكل هاجساً مهماً وهمزة وصل للمنتسبين للحزب، الدورات الفكرية والعقائدية، ومن هذا القبيل، وبحسب خطط الحزب المركزية والفرعية، ولجانه القائمة عليه، فإنه يجب اتباع دورات حزبية، وبصورة دورية، في مدارس الإعداد الحزبي، وفي هذا الكثير من الصور "المقرفة"، وهي مثل الهمّ على القلب بالنسبة للرفاق الدارسين الذين يخضعون لاتباع دوراتها، وبالكاد كانت تلقى أي ترحيب أو أي اهتمام يذكر من قبل الدارسين المقبلين عليها، بل إنها ولّدت القشعريرة والإحباط بالنسبة لهم، ويقوم المحاضرون بإعطاء دروس غير مقتنعين بها، على الرغم من أنهم يبذلون قصارى جهدهم في تعريف الدارسين الجدد المنتسبين للحزب وملحقاته ودوره الفاعل في الحياة، وبناء الدولة الحديثة، ودورهم الحزبي يفرض عليهم حضور هذه الدورات، والالتحاق بها بما تتضمّنه هذه المحاضرات، وبما يُلبي حاجة الدارسين الذين لا حول لهم ولا قوّة، بل إنهم باتوا يلعنون الساعة التي انتسبوا فيها إلى صفوف الحزب، في الوقت الذي استفاد من وجوده كثيرون من فقيري الحال، ومن الموظفين الصغار والنخبة، فضلاً عن كبار الأغنياء!
وكان لمجرد الانتساب إلى صفوف الحزب العظيم، والقدم في خدمته.. بلا شك سيحقق جزءاً من مكانتهم وسيكون لهم شأن عظيم في المستقبل سيدخلهم من أوسع أبوابه العمل في الوظائف الحكومية التي كانت مجرد حلم راود الكثيرين، وبالفعل تدرّج بين صفوفه الكثير من الموظفين والعمال الصغار، وشغلوا مناصب حساسة لم تكن تخطر على بال، بالنسبة لهم أو لغيرهم، وتُرك المتعلمون الدارسون الحاصلون على شهادات جامعية في أدنى مراحل الوظيفة، على الرفّ، متأمّلين شغل المكانة الوظيفية التي تناسب خبراتهم والشهادة التي سبق أن نالوا شرف نيلها، وهذا التفاوت في الترتيب الوظيفي، أفرزه، وللأسف، منتفعو الحزب، وما أكثرهم، وجعل الأميين منهم، الذين لا يعرفون ألف باء القراءة والكتابة، أن يتقلدوا مناصب طليعية مبرّزة في الحكومة، تاركين باب الوظائف الدنيا، لحملة الشهادات الكبيرة من مهندسين، وأطباء، ومحامين، وأساتذة جامعيين، وغيرهم!
هذه تركة حزب البعث العظيم، المدلل في أعين جماهيره، وقيادته المناضلة، خلال سنوات عهده التي حكم فيها السوريين بالحديد والنار، والسياط اللعينة، وما تركه من لعنة على جماهير شعبنا التي ذاقت شتى ألوان الهوان من قيادة طاغية لم تعرفُ إلا القتل والتهجير والتدمير!
فلمن استمرّ وكسب المزيد من المال، وما زال يناضل في صفوف الحزب القائد الذي كل ما فيه أنه كان يهيمن على رقاب الناس البسطاء والفقراء والمحتاجين، واستفاد من وجوده الانتهازيون المستغِلّون الذين مازالوا يتكسّبون في ظلّه الكثير، فإنهم ما زالوا، وبكل وقاحة، يقبلون على إهانة الناس وإذلالهم وسرقتهم باسم الحزب، وتقوم عليه حكومة مارقة حاقدة تفاخر باسمه، وتستغل الشعب الطيّب البسيط، وهذه أكبر مفسدة عاشها الوطن والمواطن، وإلى اليوم!