خطر "داعش" يربك شوارع بريطانيا

11 أكتوبر 2014
غلاف صحيفة "صنّ" البريطانية (العربي الجديد)
+ الخط -

في الأمس القريب، دعا رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، النواب في مجلس العموم للموافقة على التحاق القوات البريطانية بالتحالف الدولي المواجه لتنظيم "داعش". وفي معرض تبرير دعوته، قال كاميرون للنواب: "علينا أن نواجه "داعش" هناك، في العراق، قبل أن نُجبر على مواجهتها في شوارع مدننا"، مذكراً بالمخاطر التي قد يجلبها المتطرفون البريطانيون إذا ما عادوا إلى بريطانيا، بعد انتهاء مهامهم "الجهادية" في سورية والعراق.

اليوم، تداهم قوات الشرطة والمخابرات البريطانية عدداً من المنازل في أنحاء لندن، وتعتقل أربعة أشخاص مسلمين كانوا يخططون لمهاجمة أهداف حيوية في بريطانيا، وفق ما أعلنته الأجهزة الأمنية. اعتقال خليّة يتزعّمها طالب بريطاني، من أصول عربيّة، يدرس في كلية الطب في السودان بعد عودته للتو من جبهات القتال في سورية، جعل ما كان بالأمس مجرد مخاوف أو تكهنات، حقيقة ملموسة، لينقل مختلف الأوساط البريطانية من حالة الرصد والمراقبة إلى حالة الاستنفار.

على المستوى الأمني، أجلت وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، إجراءات إدارية لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنيّة المكلفة بمكافحة الإرهاب، فيما أبقت على حالة التأهب الأمني عند الدرجة الثانية، وهو الإجراء الذي اتخذته الداخلية البريطانية منذ أغسطس/آب الماضي. في موازاة ذلك، تقود ماي مبادرة أوروبية من أجل تشديد الإجراءات الخاصة بحركة سفر "الجهاديين" الأوروبيين داخل حدود الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أنّ عدد الأوروبيين الذين التحقوا بالقتال في العراق وسورية، قد ارتفع من ألفي شخص في شهر أبريل/نيسان الماضي إلى 3 آلاف شخص حالياً.

وعلى المستوى الشعبي، تصاعدت وتيرة الغضب في الأوساط الشعبية البريطانية، خصوصاً بعد إعدام "داعش" للمواطن البريطاني آلان هانيننغ، الذي كان يعمل متطوعاً مع جمعيات إنسانية لمساعدة اللاجئين السوريين. وكان المزاج العام البريطاني قد أصيب بصدمة قاسية إزاء ممارسات "داعش" وإعدامها عدداً من الرهائن الغربيين، أضف الى ذلك اعتداءات التنظيم على المسيحيين والأيزيديين وحتى المسلمين في سورية والعراق. وأظهر آخر استطلاعات الرأي، التي تجريها مؤسسة "ايبسوس"، ونشرت نتائجه قبل أيام، أنّ ثلاثة من بين كل أربعة بريطانيين يعارضون عودة "الجهاديين" إلى بريطانيا.

وعلى المستوى الإعلامي، بدأ كتّاب المقالات والأعمدة في أهم الصحف البريطانية، يتساءلون عن جدوى المشاركة البريطانية في حملات جوية، لا يبدو أنّها تلحق أي ضرر بقوة "داعش" وتمدده، حتى إنّها لم تتمكن من حماية مدينة عين العرب من الاجتياح "الداعشي". ولم يستبعدوا احتمال عودة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى البرلمان قريباً، لطلب تفويض جديد يسمح للقوات البريطانية بتنفيذ عمليات بريّة ضد قواعد "داعش" في العراق.

في موازاة ذلك، تحشد الصحف البريطانية الرأي العام الداخلي، للوقوف في وجه "التطرف" وانتقال تداعيات الاقتتال في العراق وسورية إلى شوارع المدن البريطانية. وقد نشرت صحيفة "صن" البريطانيّة على صدر صفحتها الأولى قبل يومين، صورة سيّدة محجبة بـ"العلم البريطاني"، مع عنوان عريض: "اتحدوا ضد داعش"، وعنوان فرعي إلى يمين الصفحة يقول: "قفوا في وجه المتطرفين". وطلبت الصحيفة من القراء قصّ الصورة ورفعها على نوافذ منازلهم وسياراتهم، في تعبير واضح، عن تضامن مجتمعي يقف فيه أتباع كل الأديان، بمن فيهم المسلمون، في صفّ واحد لمواجهة التطرّف الإسلامي.

ومع أن ثلث البريطانيين فقط، وفق استطلاع "إيبسوس"، يؤيدون إرسال قوات برية لقتال "داعش" في العراق، لكنّ ذلك لا يمنع من توافق السواد الأعظم من الرأي العام البريطاني على أنّ الخطر الذي يشكله "داعش" على الأمن القومي البريطاني، أعظم من الخطر الذي كان يُرتقب من حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" في أفغانستان، أو الخطر الذي كان يشكله نظام صدام حسين، أو حتى الخطر الذي قد يشكله نظام بشار الأسد في سورية، وهو ما يُرجّح إمكانية تحوّل الرأي العام نحو تأييد المشاركة البريطانية البريّة في الحرب ضد "داعش"، في حال طلبت الحكومة تفويضاً جديداً من مجلس العموم في المستقبل القريب.

المساهمون