لا يمكن الحديث عن الحصار المفروض على قطر، من جهة، وتشديد الهجمة على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة ثانية، مروراً بالحرب المعلنة على الإخوان المسلمين التي انضم إليها، أمس الأول رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، توني بلير، في كلمته أمام مؤتمر هرتسليا، بشكل منفصل عن نسق استغلال الخلافات العربية- العربية، وافتعال هذه الخلافات وتغذيتها من قبل الرابح الأزلي والأخير منها وهو إسرائيل.
ولعل الصورة التي خرج بها مؤتمر هرتسليا، لوضع إسرائيل الاستراتيجي يقول كل شيء، وربما كانت مقولة تسيبي ليفني، أمس الأول للقناة الثانية تختصر واقع المكسب الإسرائيلي مما يحدث في الوطن العربي عندما قالت إن شرق الأردن بات عمقا استراتيجيا لإسرائيل، وهو ما ينطبق على الحدود الجنوبية لفلسطين، ونعني به مصر، وتسخير سيناء عمقا استراتيجيا عبر معاهدة كامب ديفيد التي أوجبت إبقاء شبه الجزيرة منزوعة السلاح إلا بمقدار ما تسمح به إسرائيل.
وعلى مدار سنوات الصراع، وحتى في بداياته كانت الحركة الصهيونية، أولاً، ومن ثم دولة الاحتلال، عند كل مفصل مهم في تفتيت الوطن العربي، بدءاً من اتفاق فيصل وايزمان، ومرورا باستغلال الخلاف- النزاع التاريخي بين آل سعود والشريف حسين، قبل بلورة وإعلان إمارة نهر الأردن، وانتهاء بحصار قطر، التي لم يعد هناك أي شك بشأن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة في إزكائه عبر تنسيق متكامل مع اللوبي الإماراتي، والغزل المفضوح منذ عدة أعوام بين السعودية وإسرائيل، ووصل حد زيارة علنية لأنور العشقي لتل أبيب، وما تبعه من ظهور "'إعلاميين سعوديين" في وسائل الإعلام الإسرائيلية للتحريض على قطر وحماس والإخوان المسلمين.
وعلى مر سنوات الصراع مع إسرائيل، منذ النكبة، لم تدخر الأخيرة جهدا في تعميق الخلافات بين الأشقاء العرب، حتى صارت هي "الشقيقة" كما في مسرحية كاسك يا وطن. وتجلى أول انتصار لها في هذا السياق، منذ سعت لإقامة قيادة بديلة في أواسط السبعينيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت مسميات "روابط القرى" مستفيدة بشكل أساسي من التوتر الذي ساد لسنوات بين الأردن وبين منظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي المحتلة لحين إعلان العاهل الأردني الراحل فك الارتباط عن الضفة الغربية.
وسجلت إسرائيل أكبر اختراق لها بطبيعة الحال في إبرام اتفاقيات كامب ديفيد، واستغلت قطيعة العرب مع مصر السادات لشن غزو لبنان، الذي سبقته عمليات محدودة في الأراضي اللبنانية عبر التنسيق مع حزب الكتائب وأطراف لبنانية أخرى لتتوج ذلك بإعلان اتفاق أيار للصلح المنفرد بين لبنان وإسرائيل.
وقفزت إسرائيل في استغلال الخلافات العربية العربية، والتوترات الداخلية إلى ما وراء دول الطوق المباشرة، أو ما كانت تسمى بدول المواجهة، وصولا إلى العراق لتدريب فصائل الأكراد بما ينهك العراق ويشتت جهده العام، وهو ملف تواصل إسرائيل اللعب به إلى اليوم إذ أعادت وزيرة العدل الإسرائيلية، أيليت شاكيد هذا العام أيضا، وعبر مؤتمر هرتسليا، الحديث عن فكرة دعم إقامة دولة كردية شمالي العراق وسورية، تكون حليفا قويا لإسرائيل.
لا يمكن بطبيعة الحال استعراض كل ملفات وحالات الاستفادة الإسرائيلية من الخلافات العربية - العربية وتذكيتها وإشعال نيرانها، في هذه العجالة، لأنها أيضا باتت قاعدة راسخة في تعامل إسرائيل مع المحيط العربي، ليس القريب منها بل أيضا البعيد عنها، إذ تلقت إسرائيل مثلا مؤخرا، عبر قنوات اتصال دبلوماسية ، شكاوى من المغرب لقيام أحد وزرائها، مؤخرا خلال مناسبة في الأرجنتين، بمصافحة وتبادل الحديث مع سفير "جمهورية الصحراء الغربية" التي لا تعترف بها المغرب، ونقلت الصحف الإسرائيلية هذا الأمر.
لكن أهم ما في هذا الباب هو إشهار تفضيل إسرائيل من قبل دول عربية ومصالحها الأمنية، على ملفات عربية ساخنة، وعلى أبناء ليس الأمة الواحدة فحسب بل حتى أبناء نفس الشعب، كما هو حاصل اليوم في ملف كهرباء غزة، وإقبال عناصر قيادية ووزراء من السلطة الفلسطينية التي يفترض أنها ذراع لمنظمة التحرير الممثلة للشعب الفلسطيني كله، على المشاركة الفعالة والنشطة في تواصل سياسي وأكاديمي مع إسرائيل وطلب مساندتها وتعزيز مكانة السلطة لمواجهة حماس، وهو ما تقوم به إسرائيل بكل سرور وعلى رؤوس الأشهاد لأن الطرف الفلسطيني نفسه لم يعد يطلب السرية في هذا التنسيق والتعاون مع الاحتلال ضد أبناء شعبه.
اقــرأ أيضاً
وعلى مدار سنوات الصراع، وحتى في بداياته كانت الحركة الصهيونية، أولاً، ومن ثم دولة الاحتلال، عند كل مفصل مهم في تفتيت الوطن العربي، بدءاً من اتفاق فيصل وايزمان، ومرورا باستغلال الخلاف- النزاع التاريخي بين آل سعود والشريف حسين، قبل بلورة وإعلان إمارة نهر الأردن، وانتهاء بحصار قطر، التي لم يعد هناك أي شك بشأن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة في إزكائه عبر تنسيق متكامل مع اللوبي الإماراتي، والغزل المفضوح منذ عدة أعوام بين السعودية وإسرائيل، ووصل حد زيارة علنية لأنور العشقي لتل أبيب، وما تبعه من ظهور "'إعلاميين سعوديين" في وسائل الإعلام الإسرائيلية للتحريض على قطر وحماس والإخوان المسلمين.
وعلى مر سنوات الصراع مع إسرائيل، منذ النكبة، لم تدخر الأخيرة جهدا في تعميق الخلافات بين الأشقاء العرب، حتى صارت هي "الشقيقة" كما في مسرحية كاسك يا وطن. وتجلى أول انتصار لها في هذا السياق، منذ سعت لإقامة قيادة بديلة في أواسط السبعينيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت مسميات "روابط القرى" مستفيدة بشكل أساسي من التوتر الذي ساد لسنوات بين الأردن وبين منظمة التحرير الفلسطينية في الأراضي المحتلة لحين إعلان العاهل الأردني الراحل فك الارتباط عن الضفة الغربية.
وسجلت إسرائيل أكبر اختراق لها بطبيعة الحال في إبرام اتفاقيات كامب ديفيد، واستغلت قطيعة العرب مع مصر السادات لشن غزو لبنان، الذي سبقته عمليات محدودة في الأراضي اللبنانية عبر التنسيق مع حزب الكتائب وأطراف لبنانية أخرى لتتوج ذلك بإعلان اتفاق أيار للصلح المنفرد بين لبنان وإسرائيل.
وقفزت إسرائيل في استغلال الخلافات العربية العربية، والتوترات الداخلية إلى ما وراء دول الطوق المباشرة، أو ما كانت تسمى بدول المواجهة، وصولا إلى العراق لتدريب فصائل الأكراد بما ينهك العراق ويشتت جهده العام، وهو ملف تواصل إسرائيل اللعب به إلى اليوم إذ أعادت وزيرة العدل الإسرائيلية، أيليت شاكيد هذا العام أيضا، وعبر مؤتمر هرتسليا، الحديث عن فكرة دعم إقامة دولة كردية شمالي العراق وسورية، تكون حليفا قويا لإسرائيل.
لا يمكن بطبيعة الحال استعراض كل ملفات وحالات الاستفادة الإسرائيلية من الخلافات العربية - العربية وتذكيتها وإشعال نيرانها، في هذه العجالة، لأنها أيضا باتت قاعدة راسخة في تعامل إسرائيل مع المحيط العربي، ليس القريب منها بل أيضا البعيد عنها، إذ تلقت إسرائيل مثلا مؤخرا، عبر قنوات اتصال دبلوماسية ، شكاوى من المغرب لقيام أحد وزرائها، مؤخرا خلال مناسبة في الأرجنتين، بمصافحة وتبادل الحديث مع سفير "جمهورية الصحراء الغربية" التي لا تعترف بها المغرب، ونقلت الصحف الإسرائيلية هذا الأمر.
لكن أهم ما في هذا الباب هو إشهار تفضيل إسرائيل من قبل دول عربية ومصالحها الأمنية، على ملفات عربية ساخنة، وعلى أبناء ليس الأمة الواحدة فحسب بل حتى أبناء نفس الشعب، كما هو حاصل اليوم في ملف كهرباء غزة، وإقبال عناصر قيادية ووزراء من السلطة الفلسطينية التي يفترض أنها ذراع لمنظمة التحرير الممثلة للشعب الفلسطيني كله، على المشاركة الفعالة والنشطة في تواصل سياسي وأكاديمي مع إسرائيل وطلب مساندتها وتعزيز مكانة السلطة لمواجهة حماس، وهو ما تقوم به إسرائيل بكل سرور وعلى رؤوس الأشهاد لأن الطرف الفلسطيني نفسه لم يعد يطلب السرية في هذا التنسيق والتعاون مع الاحتلال ضد أبناء شعبه.