تحاصر الأزمات المعيشية المصريين من كل جانب، والتي وصلت أخيراً إلى رغيف العيش المدعوم بـ "5 قروش" بقرار سيادي قضى بتخفيض وزنه بدلاً من رفع سعره، في الوقت الذي يرى المواطن أن "رغيف الخبز" المدعوم لا يصلح للاستخدام الآدمي نتيجة تدهور حالته في مختلف المخابز، ما جعل المواطن يرفع صوته عالياً من أجل الرغيف الذي يسرق أمام أعينه، من دون أن تكون هناك حلول مرضية لحل هذه المعضلة التي أصبحت ملازمة لحياته، بخاصة أن رغيف الخبز يمثل المكون الغذائي الأساسي بنسبة 80% من الشعب.
وكشف مصدر مسؤول في وزارة التموين أن الأفران بدأت، اليوم الثلاثاء بالفعل، تطبيق قرار الوزارة بتخفيض وزن الرغيف إلى 90 غراماً، بدلاً من 130 غراماً كانت منذ سنوات، ثم انخفض تدريجاً إلى 110 ثم إلى 100 غرام، موضحاً أن رغيف الخبز الموجود حالياً قبل القرار هو ما بين 70 إلى 80 غراماً، بعلم من مفتشي التموين الذين يمرون على الأفران، ليس للتفتيش على أصحاب الأفران، لكن للحصول على الرشوة وربما تصل إليهم في مكاتبهم.
وأضاف أن شكاوى من قبل المواطنين بصفة مستمرة تذهب إلى المسؤولين للشكوى من سوء رغيف العيش وتخفيض وزنه، لكن تلك الشكاوى نهايتها الأدراج والفرم، متوقعاً أن يصل رغيف الخبز المدعوم بعد قرار تخفيض وزنه إلى ما بين 40 و50 غراماً، أقل من النصف المطلوب، ووصل الأمر إلى قيام الأفران المدعومة بالإغلاق مبكراً ،بينما تستمر المخابز السياحية في العمل ولكن بثمن مرتفع.
قرار سياسي
وأضاف المسؤول المصري، الذي فضل عدم ذكر هويته، بأن القرار سياسي من الدرجة الأولى، فالحكومة ترى أن الاستمرار في دعم رغيف الخبز إلى ما لا نهاية خطأ يعرقل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الأقماح، ويكلف الموازنة العامة ملايين الدولارات.
وبالتالي، أصبح هم النظام اليومي هو كيف يتم التخلص من رغيف العيش المدعوم؟! إما بتخفيض وزنه أو سوء حالته حتى ينفر الفقراء والغلابة منه، وهو الحاصل حالياً، حتى يتم إنهاء الدعم نهائياً لرغيف العيش، وهو ما يخطط له النظام الحالي منذ وصوله إلى الحكم.
ضوء أخضر
وأوضح المسؤول أن وزير التموين علي مصيلحي لديه "ضوء أخضر" بالتلاعب بالفقراء ومحدودي الدخل، فمنذ أن تولى المنصب بدأ في تنفيذ خطة عاجلة لإلغاء الدعم، بدأت بالتعسف في قيد المواطنين والمواليد الجدد في البطاقات، والحذف العشوائي لملايين المقيدين، وإلغاء التعامل ببطاقات التموين الورقية، وتخفيض حصص المخابز لما يتراوح بين النصف والثلث، وما ترتب على ذلك من توقف المخابز عن صرف الخبز للمواطنين، وخفض نصيب الفرد من الخبز المدعوم من 5 إلى 4 أرغفة يومياً.
وتابع أن تلك القرارات جاءت منذ توقيع مصر اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي وتوابعه من تعويم الجنيه المصري، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، مشدداً أن المسؤولين بالوزارة لم يتوانوا عن الإشادة بتلك الوزارة، ودورها في توفير ملايين الجنيهات للدولة، وترشيد استهلاك الخبز وتخفيف العبء عن وزارة التموين التي تستورد كميات كبيرة من القمح.
قرارات ظالمة
وأبدى عدد من المواطنين في مصر تخوفهم من خفض وزن رغيف العيش، ومصدر تخوفهم أن يكون ذلك البداية لإنهاء الدعم واستبداله بالدعم النقدي، وبذلك يشتعل سعر الرغيف، كما رأى عدد من المواطنين أنه ظالم وموجه للفقراء والغلابة.
وهذا ما أكده الموظف يوسف سطوحي، مشيراً إلى أن خفض رغيف العيش بداية لإنهاء الدعم له، مبيناً أن مرحلة تصنيع رغيف الخبز مليئة بالفساد وانعدام الضمير من قبل أصحاب المخابز، من دون رقابة من الجهات المختصة.
والاستنكار ذاته عبر عنه الموظف عيد عبد الراضي الذي قال إن الرغيف كل يوم يقل، وبعد القرار "يقل أكتر وأكتر ومش عارفين هيروح فين بعد كده"، وتابع قائلاً: "مش كفاية أسعار فواتير الكهرباء والغاز والمياه، والمواصلات اللي أصبحت نار"، مضيفاً أن أغلب المخابز "بتغش في وزن الرغيف ومحدش يحاسبهم ولا يراجع عليهم".
غير صالح للاستخدام
العامل اليومي سيد جمال شكا الموضوع إلى عدد من المسؤولين بالتعاون مع عدد من المواطنين لسوء رغيف العيش، وقال إن منظومة الخبز بها الكثير من المشاكل، وتحول اللصوص من سرقة الدقيق إلى سرقة وزن رغيف الخبز.
وأكد أن وزن الرغيف قل كثيرًا، وجودته غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، مشدداً على أن قرار تخفيض وزنه يشير إلى المزيد من السرقة من طعام الفقراء الأساسي.
وأضافت ربة المنزل صفاء محمود أن أصحاب المخابز يخلطون أجولة الدقيق بمواد أخرى مثل "الذرة الشامية"، مما يجعل رغيف العيش متحجرا وغير صالح للاستخدام.
وأشارت إلى أن قرارات وزارة التموين بحق المواطن الفقير كلها ظالمة وتصب في مصلحة الأغنياء، متسائلة: ما هو سر قرار خفض رغيف العيش؟ هل استكتروا علينا رغيف الـ100 غرام؟ الذي أصبح لا يسر أحداً، وهل ذلك بداية لإنهاء الدعم؟