كشفت بيانات حديثة لجهاز الإحصاء الفلسطيني الحكومي، عن تراجع النزلاء في فنادق الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين بنسبة 25% خلال الربع الأول من عام 2016، مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي.
وحسب خبراء سياحة لـ"العربي الجديد"، كانت السياحة الروسية والأوروبية الأكثر تراجعاً، بسبب عوامل خارجية، وأبرزها الصراعات والحروب التي أثرت على القطاع السياحي في جميع دول المنطقة، وأخرى ذاتية ترتبط بتداعيات الهبّة الشعبية الفلسطينية الحالية التي اندلعت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وإطلاق الاتحاد الأوروبي تحذيرات أمنية لمواطنيه بالامتناع عن الإقامة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وشهد الربع الأول من العام الجاري إغلاقا لأحد أشهر وأكبر فنادق مدينة بيت لحم السياحية، بسبب الضعف الشديد في نسبة الإشغال، وقربه من مواقع المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة "مسجد بلال بن رباح"، والتي يطلق عليها الاحتلال "قبة راحيل".
ومنيت معظم الفنادق الفلسطينية بخسائر، وفقا للنتائج المالية المتحققة مع نهاية العام الماضي، في حين تساوت النفقات مع الإيرادات عند فنادق أخرى، في وقت لم تحقق فيه أي منها أرباحا.
وتشير نتائج مسح النشاط الفندقي الذي أجراه جهاز الإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة إشغال الغرف الفندقية خلال الربع الأول من 2016 في الضفة بلغت حوالي 16.5%، لتسجل انخفاضا بنسبة 25% مقارنة مع الربع السابق، وبنسبة 17% مقارنة بالربع الأول من العام 2015.
وقال مدير عام شركة "باديكو" السياحية، كريم عبد الهادي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تراجعا عاما في النشاط السياحي في العالم، بسبب تبعات وآثار الأزمات المالية العالمية، ما ينعكس سلبا على كافة الوجهات السياحية في الشرق الأوسط".
ولفت إلى أن المنطقة ككل تعاني من حالة ذعر، بسبب الحروب والأزمات الداخلية في عدد من الدول.
ولفت إلى أن المنطقة ككل تعاني من حالة ذعر، بسبب الحروب والأزمات الداخلية في عدد من الدول.
وأكد عبد الهادي أن هناك توقفا في قدوم السياح الروس إلى المنطقة، بما في ذلك فلسطين، منذ تفجير الطائرة الروسية في صحراء سيناء المصرية، "علما أن السائح الروسي الذي يأتي إلى مصر كان يزور كلا من الأردن وفلسطين في إطار جولته".
وأضاف عبد الهادي أن "السياح الأوروبيين ما زال لديهم حذر، بحيث أضافت دول الاتحاد الأوروبي إلى مواقع حجز الفنادق الإلكترونية تحذيرا أمنيا عندما يبدأ السائح إجراءات الحجز في فنادق الضفة الغربية أو القدس الشرقية، وينصحون بتجنب الذهاب إلى هذه الأماكن".
وتابع: "تمت إزالة هذا التحذير عن الفنادق الفلسطينية في الماضي، ومن ثم أعادته دول الاتحاد الأوروبي مع بداية الهبة الشعبية في الربع الأخير من العام الماضي، ونحن حاليا نبذل جهودا مع المستوى السياسي الفلسطيني لإزالته مرة أخرى".
وتضم الفنادق الفلسطينية في الضفة والقدس 6800 غرفة تحتوي على 9300 سرير، وتتركز في محافظتي رام الله وبيت لحم.
وفي مقابل توقف الروس وتراجع الأوروبيين، كشف عبد الهادي أن "هناك نشاطا أكبر في حركة السياح الأتراك يلاحظ في الأشهر الأخيرة، خصوصا في فنادق القدس الشرقية، لكن لا يمكنه أن يعوّض عن الحضور الكثيف للسياح الروس منذ ما قبل أزمة تحطم الطائرة الروسية في سيناء".
وأكد مدير الشركة التي تمتلك حصصا في عدد من الفنادق المصنفة (5 نجوم) أن ضعف الحركة السياحية أدى إلى أزمة ما بين إدارات عدد من الفنادق ونقابات العاملين في المهن السياحية التي رفضت بشدة تسريح موظفين على خلفية الأزمة الأخيرة.
وقال: "بالإضافة إلى الالتزام الأخلاقي بيننا وبين موظفينا، نخشى في حال تسريح عدد منهم بشكل مؤقت أو دائم أن يذهبوا إلى العمل في الفنادق الإسرائيلية وبالتالي نخسر الكفاءات التي قمنا بتدريبها منذ سنوات طويلة".
وطالب بإعفاءات ضريبية للفنادق تمكّنها من تجاوز الخسارات التي لحقت بها في الفترة الأخيرة، لافتا إلى أن هناك لجنة حكومية فلسطينية تدرس في هذا الوقت سبل تطوير النشاط السياحي بما في ذلك تسهيلات ضريبية.
ويشكل النشاط السياحي 5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتقدّر قيمة الأنشطة المرتبطة به بـ700 مليون دولار سنويا. وأكد جهاز الإحصاء الفلسطيني أن 113 فندقا مصنفا تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة تشّغل 3000 عامل وعاملة بشكل دائم، بالإضافة إلى آخرين في المواسم.
وجاء في البيانات أن أكثر من 80 ألف نزيل فندقي أقاموا 250 ألف ليلة مبيت خلال الربع الأول 2016، وشكّل النزلاء من دول الاتحاد الأوروبي العدد الأكبر من بين الجنسيات التي أقامت في الفنادق بحوالي 33% من مجموع النزلاء، في حين شكل النزلاء الفلسطينيون حوالي 13%، ويحل الوافدون من الولايات المتحدة الأميركية وكندا في المرتبة الثالثة بنسبة 11%.
بدوره، يرى مدير المهن السياحية في وزارة السياحة الفلسطينية علي أبو سرور، أن النشاط السياحي في فلسطين يواجه "مشكلة الموسمية"، بحيث يضعف إلى حد كبير في فصل الشتاء، كما أظهرت بيانات الإحصاء.
ولفت أبو سرور، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الوضع الحالي أفضل بكثير من بداية العام "بسبب تراجع تأثير الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في حينه".
وأوضح أبو سرور أن الوزارة تعمل على معالجة مشكلة الموسمية في السياحة عبر تدشين العديد من المسارات السياحية التي يمكن سلوكها طوال أيام السنة، وبالتوازي تعمل على الترويج للسياحة الدينية إلى مدينتي القدس وبيت لحم.
وأكد أن هناك عملا يتم بالتوازي على تشجيع السياحة إلى مدن وقرى جديدة لا يقصدها السياح لعدم علمهم بمعالمها التاريخية والأثرية، أو بسبب عدم توفر البنية التحتية السياحية فيها.
وحسب جهاز الإحصاء المركزي، بلغت قيمة الأصول الثابتة للمؤسسات السياحية في فلسطين خلال عام 2013، ما يقارب 6.2 مليارات دولار.
وتزيد خسائر القطاع السياحي من آلام الاقتصاد الفلسطيني المتأزم، حيث تواجه الموازنة الحالية عجزا متوقعا يبلغ 1.25 مليار دولار. وتبلغ الفجوة التمويلية 382 مليون دولار، بمعدل شهري يناهز 32 مليون دولار. كما يؤدي تراجع السياحة إلى زيادة البطالة البالغة 26% خلال عام 2015، مقابل 26.9% في العام الذي سبقه، حسب بيانات رسمية. وتشكل البطالة 17% من المشاركين في القوى العاملة بالضفة، مقابل 41% في قطاع غزة. ويبلغ عدد العاطلين من العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة 336 ألف مواطن.