صحافيو غزة الميدانيون: إجراءات السلامة غائبة

23 نوفمبر 2015
(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
"درع واقٍ وخوذة صلبة وكمامة"، هي أدوات السلامة المطلوبة في التغطية الإعلامية للمواجهات التي تدور بين الفينة والأخرى على طول الشريط الحدودي الشرقي والشمالي لقطاع غزة. لكن الصحافيين في القطاع المحاصر يفتقدون تلك الأدوات في عملهم الميداني.

عدة أسباب تقف وراء عدم امتلاك هؤلاء الصحافيين لتلك الأدوات الهامة في التغطيات، أبرزها أنهم يعملون بشكل حر غير مرتبط بأي مكتب إعلامي أو وسيلة إعلامية، ما يجعلهم غير قادرين على شراء تلك الأدوات باهظة الثمن، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها غزة، إلى جانب غياب دور النقابات والكتل والهيئات الإعلامية في توفيرها.

القصور في السلامة المهنية للصحافيين العاملين على خطوط النار لا تنحصر في قلة أدوات السلامة فقط، بل تتجاوز ذلك لتطال النقص في الدورات التدريبية العملية، التي تساهم بتعزيز وتطوير قدرات الصحافيين في التغطية الميدانية خلال الحروب والمواجهات، مع ضمان الحفاظ على السلامة الشخصية.

الاستهداف الإسرائيلي المباشر للإعلاميين والمراسلين والناشطين دفع عدداً منهم إلى أخذ مزيد من درجات الحيطة والحذر، وتوفير أي من تلك الأدوات والشارات الصحافية حتى وإن اضطروا لاستلافها مؤقتاً من آخرين، حتى يتمكنوا من تمييز أنفسهم، وتفويت الفرصة على جنود الاحتلال باستهدافهم.

ويقول المصور الصحافي الشاب حسن الجدي إنه بدأ برفقة مجموعة من الصحافيين بتصوير الأحداث الجارية شرق قطاع غزة منذ اللحظات الأولى لبدء الهبّة الجماهيرية الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، لكنه لم يتمكن من الحصول على أدوات السلامة المهنية.

ويضيف الجدي لـ"العربي الجديد": "طرقنا عدداً من أبواب المؤسسات التي تُعنى بالصحافيين من أجل توفير الدروع والخوذ وأدوات السلامة، لكن الردود كانت سلبية، وإن تلك المؤسسات غير قادرة على توفير المعدات نظراً لغلاء ثمنها، وتحججهم بمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخالها لأنها مكوّنة من الحديد الصلب".

ويتابع: "نعي جيداً أهمية حماية أنفسنا خلال التغطية الميدانية، لكننا لا نتمكن من تمييز أنفسنا عن باقي المتظاهرين، سوى بإشهار الكاميرا وإظهارها، حتى يفهم جنود الاحتلال أننا صحافيون"، داعياً المؤسسات إلى العمل الجاد على توفير تلك الأدوات من أجل سلامة الصحافيين.



حال الناشطين الشباب لم يختلف كثيراً عن حال الصحافيين في التغطيات الحدودية، حيث يقول الناشط ساري بركة لـ"العربي الجديد": "عدم امتلاكنا للدروع والخوذ وأدوات السلامة يحرمنا من الوصول إلى مناطق التماس القريبة، والتي يمكننا منها نقل الأحداث بشكل أدق".
ويضيف بركة لـ"العربي الجديد": "أقوم بتغطية الأحداث الجارية شرق مدينة دير البلح، والتي تشهد عمليات إطلاق نار حي ومباشر على المواطنين والطواقم الصحافية"، مضيفاً: "أتمنى على المؤسسات توفير أدوات الحماية، حتى نتمكن من مواصلة أداء واجبنا الوطني".

اقرأ أيضاً: الاتحاد الدولي للصحافيين قلق على حرية التعبير

من ناحيته، يقول مدرب السلامة المهنية الصحافي سامي أبو سالم، إنّ الصحافيين يواجهون ثلاث مخاطر أساسية تهدد سلامتهم، أولها الاستهداف المتعمّد من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، واستهتار الصحافيين أنفسهم بأرواحهم من خلال الذهاب لمناطق ساخنة بدون توفير الأدوات والمهارات اللازمة لتجنب المخاطر، علاوة على عدم التفات بعض المؤسسات الصحافية إلى ضرورة توفير تلك الأدوات.

ويوضح أبو سالم لـ"العربي الجديد"، أن المُكلف في المقام الأول بتوفير تلك الأدوات هي وسائل الإعلام، تليها في المقام الثاني نقابة الصحافيين وباقي المؤسسات المعنية بشؤونهم، مضيفاً: "على المؤسسات أيضاً تنظيم دورات السلامة المهنية من أجل تطوير قدرات الصحافيين على التغطية الميدانية".

نقيب الصحافيين في غزة تحسين الأسطل، نفى لـ"العربي الجديد"، أن يكون توفير أدوات السلامة المهنية من اختصاص نقابة الصحافيين، مشيراً إلى أنّ توفير تلك الأدوات "ليس من مهامنا، بل من مهام المؤسسات الإعلامية التي ينتمي إليها الصحافيون".

ويشير الأسطل إلى أنّ القانون الفلسطيني يؤكد على ضرورة أنّ تقوم تلك المؤسسات بتوفير الدروع وأدوات السلامة للعاملين، تماماً مثل توفير أجهزة البث والحاسوب والكاميرات وأجهزة المونتاج، ويحق لأي صحافي الاعتراض على العمل في حال عدم توفيرها.


اقرأ أيضاً: (فيديو) هكذا تُحرّض "سي إن إن" على المسلمين