19 أكتوبر 2019
صيدنايا.. ورقة أخرى للعب الأميركي
كشفت وزارة الخارجية الأميركية، أخيراً، عن سر جديد اكتشفته أجهزتها الاستخباراتية في سورية، فأعلنت أن "الأسد يحرق جثث المعتقلين، ويقتل 50 معتقلاً يومياً في سجن صيدنايا. وروسيا وإيران تتحملان المسؤولية"، وكأن العالم لا يعرف شيئاً عن هذا، أو كأن روسيا وإيران ستُصدمان بوصول الحقيقة إلى البيت الأبيض.
يدرك السوريون، كل السوريين، منذ عقود، أن أميركا ترصد حركة النمل في العالم، ولا تزال منذ عشرات السنين تحرّك خيوط الدمى على خارطته، وتعبث بكل بلدانه، لتشرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، على توزيع ما في جوفه.
وكيلا نقع في مغالطات نظرية المؤامرة، يمكننا، على الأقل، أن نقول بمسلمةٍ لا تقبل التشكيك، إن الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تعرف، على الأقل، كل ما يدور في الدول التي تشكّل مناطق استراتيجية للسياسات الأميركية، ومنها سورية بلا شك. وبهذا، لا يمكن اعتبار الإعلان الأميركي عن "محارق" الجثث في صيدنايا وغيرها من معتقلات الأسد، إلا ورقة سياسية جديدة تلوح بها الإدارة الأميركية الجديدة، لأهدافٍ يمكن تخمينها من دون القدرة على البت بحقيقتها.
فعلى المدى القريب، تظهر زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأولى للمنطقة العربية، وفيها سيجتمع مع عدد من القادة العرب في قمم سعودية وخليجية وإسلامية، وسيطرح، في هذه اللقاءات، بلا شك الوضع في سورية، وسير العملية الأميركية في "مكافحة الإرهاب" وإحلال السلام في المنطقة، وهو ما يتعلق بشكل مباشر بمخطط أميركا في التعامل مع النظام السوري، والذي بدأته بشكل علني منذ استهداف مطار الشعيرات، بعيْد الهجوم الكيميائي على خان شيخون. وبالتالي، فإن التصعيد الإعلامي ضد الأسد يتوافق مع السياسة الأميركية المعلنة أخيرا، والتي ستقبض أميركا ثمنها من صفقات السلاح المبرمة، ومن الصفقات السياسية التي ستبرم مع دول الجوار أو العالم العربي المتورّط بالحرب في سورية.
وعلى صعيد آخر، يعتبر الإعلان الأميركي الأخير رسالة سياسية جديدة لكل من روسيا وإيران، وهي تلويحٌ بأوراقٍ وملفاتٍ يمكن استخدامها ضد كل منهما، وذلك لا ينبع من أسباب إنسانية أو صحوة ضمير، لا سمح الله، بل إنه لا يتعدّى كونه أوراق ضغط للتحكّم بخريطة النفوذ على الأرض السورية، وبالتالي التحكّم بخريطة توزيع ثروات الغاز والنفط وأسواق السلاح وغيرها.
ثمّة ما حيك في الخفاء، ويتم الآن وضع الرتوش النهائية عليه، وربما لن يتأخر الإعلان عنه طويلاً. وربما يكون الإعلان الأميركي، أخيرا، عن محارق صيدنايا مجرد حلقة أخرى، بعد عدة تغيرات قد تبدو اعتيادية أو مجرد إشارات (منها تسلم رياض سيف رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهو اقتصادي بتاريخ نضالي نظيف يُجمع معظم السوريين على احترامه، مع فقدانهم شبه التام للثقة بالائتلاف ممثلاً سياسياً دولياً وحيداً للمعارضة). لكن المؤكد حتى الآن أن الإدارة الأميركية الجديدة، كما القديمة، وما يتبعها في ردود الأفعال من حكوماتٍ غربية وعربية، لم يستطيعوا أن يُقدموا للشعب السوري أكثر من حبالٍ واهية من الأمل الذي لا يلبث أن يتحول كابوساً، بمجرّد تمسّكهم به، وانجرارهم اللاشعوري تجاهه، في ظل يأسٍ بات مطبقاً وخانقاً على كل مكوناتهم.
أيام ثقيلة على السوريين في كل مكان لما تحمله من تغيراتٍ سريعةٍ على الأرض بامتداد واسع من أقصى شمال البلاد إلى أقصى جنوبها، وهي في معظمها مفاجئة ومخيفة أكثر مما تكون مطمئنة. وبموازاتها، يتابع نظام الأسد وحلفاؤه استراتيجياتهم المكشوفة في القتل والتهجير القسري والاعتقال، لرسم سورية المفيدة، إضافة إلى إطلاق المراسيم والقرارات الداخلية وكأن شيئاً لا يحدث في العالم، أو كأنهم لا يزالون ينعمون بالضوء الأخضر الدولي للقيام بكل ما يريدون القيام به.
يدرك السوريون، كل السوريين، منذ عقود، أن أميركا ترصد حركة النمل في العالم، ولا تزال منذ عشرات السنين تحرّك خيوط الدمى على خارطته، وتعبث بكل بلدانه، لتشرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، على توزيع ما في جوفه.
وكيلا نقع في مغالطات نظرية المؤامرة، يمكننا، على الأقل، أن نقول بمسلمةٍ لا تقبل التشكيك، إن الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تعرف، على الأقل، كل ما يدور في الدول التي تشكّل مناطق استراتيجية للسياسات الأميركية، ومنها سورية بلا شك. وبهذا، لا يمكن اعتبار الإعلان الأميركي عن "محارق" الجثث في صيدنايا وغيرها من معتقلات الأسد، إلا ورقة سياسية جديدة تلوح بها الإدارة الأميركية الجديدة، لأهدافٍ يمكن تخمينها من دون القدرة على البت بحقيقتها.
فعلى المدى القريب، تظهر زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأولى للمنطقة العربية، وفيها سيجتمع مع عدد من القادة العرب في قمم سعودية وخليجية وإسلامية، وسيطرح، في هذه اللقاءات، بلا شك الوضع في سورية، وسير العملية الأميركية في "مكافحة الإرهاب" وإحلال السلام في المنطقة، وهو ما يتعلق بشكل مباشر بمخطط أميركا في التعامل مع النظام السوري، والذي بدأته بشكل علني منذ استهداف مطار الشعيرات، بعيْد الهجوم الكيميائي على خان شيخون. وبالتالي، فإن التصعيد الإعلامي ضد الأسد يتوافق مع السياسة الأميركية المعلنة أخيرا، والتي ستقبض أميركا ثمنها من صفقات السلاح المبرمة، ومن الصفقات السياسية التي ستبرم مع دول الجوار أو العالم العربي المتورّط بالحرب في سورية.
وعلى صعيد آخر، يعتبر الإعلان الأميركي الأخير رسالة سياسية جديدة لكل من روسيا وإيران، وهي تلويحٌ بأوراقٍ وملفاتٍ يمكن استخدامها ضد كل منهما، وذلك لا ينبع من أسباب إنسانية أو صحوة ضمير، لا سمح الله، بل إنه لا يتعدّى كونه أوراق ضغط للتحكّم بخريطة النفوذ على الأرض السورية، وبالتالي التحكّم بخريطة توزيع ثروات الغاز والنفط وأسواق السلاح وغيرها.
ثمّة ما حيك في الخفاء، ويتم الآن وضع الرتوش النهائية عليه، وربما لن يتأخر الإعلان عنه طويلاً. وربما يكون الإعلان الأميركي، أخيرا، عن محارق صيدنايا مجرد حلقة أخرى، بعد عدة تغيرات قد تبدو اعتيادية أو مجرد إشارات (منها تسلم رياض سيف رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهو اقتصادي بتاريخ نضالي نظيف يُجمع معظم السوريين على احترامه، مع فقدانهم شبه التام للثقة بالائتلاف ممثلاً سياسياً دولياً وحيداً للمعارضة). لكن المؤكد حتى الآن أن الإدارة الأميركية الجديدة، كما القديمة، وما يتبعها في ردود الأفعال من حكوماتٍ غربية وعربية، لم يستطيعوا أن يُقدموا للشعب السوري أكثر من حبالٍ واهية من الأمل الذي لا يلبث أن يتحول كابوساً، بمجرّد تمسّكهم به، وانجرارهم اللاشعوري تجاهه، في ظل يأسٍ بات مطبقاً وخانقاً على كل مكوناتهم.
أيام ثقيلة على السوريين في كل مكان لما تحمله من تغيراتٍ سريعةٍ على الأرض بامتداد واسع من أقصى شمال البلاد إلى أقصى جنوبها، وهي في معظمها مفاجئة ومخيفة أكثر مما تكون مطمئنة. وبموازاتها، يتابع نظام الأسد وحلفاؤه استراتيجياتهم المكشوفة في القتل والتهجير القسري والاعتقال، لرسم سورية المفيدة، إضافة إلى إطلاق المراسيم والقرارات الداخلية وكأن شيئاً لا يحدث في العالم، أو كأنهم لا يزالون ينعمون بالضوء الأخضر الدولي للقيام بكل ما يريدون القيام به.