على خطى أوباما... وعود ترامب "مستحيلة"

10 نوفمبر 2016
حذف ترامب خطاب منع المسلمين من دخول أميركا(ميخائيل بوتشويف/Getty)
+ الخط -


ما إن يبدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مهامه في البيت الأبيض، حتى تواجهه ملفات عدة من المقرّر أن يعالجها بأسرع وقت ممكن، لا سيما لائحة الوعود التي شكّلت حجر الأساس في حملته الانتخابية "المتهورة"، بحسب وصف صحيفة "واشنطن بوست".

ومن التعهدات "الدرامية" التي أطلقها ترامب، خلال محاولته إبطال قرارات اتخدتها واشنطن، سعيه إلى تعطيل أمور كانت على أجندة الرئيس باراك أوباما.

وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة، في تقرير اليوم الخميس، إلى رغبة ترامب إلغاء أفعال أوباما التنفيذية "غير الشرعية"، عبر قرارات يمكنه اتخاذها خلال ساعاته الأولى كرئيس للولايات المتحدة. في حين أنّ أولوياته الأخرى، مثل إلغاء واستبدال قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة، أو بناء جدار على حدود المكسيك، تتطلّب موافقة الكونغرس.

وبالنسبة لترامب، بحسب الصحيفة، فإنّ الانتقال من اقتراح تغييرات عدة خلال حملته الانتخابية، إلى محاولة تجاوز عقبات معقدة من قبل الإدارة كي يتم تنفيذها، سيشكل اختباراً مبكراً و"صاخباً" لولايته في البيت الأبيض.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ فكرتين من أفكار ترامب المتعددة، يمكن الانتباه إليهما في يومه الأول بالمكتب البيضاوي، وهي التعديلات على قرارات أوباما التنفيذية، بما فيها تلك التي حالت دون ترحيل مهاجرين غير شرعيين عن الأراضي الأميركية، وتعيين مدع عام خاص للتحقيق مع منافسته المهزومة، الديمقراطية هيلاري كلينتون.

أما الفكرة الأولى، بحسب الصحيفة، فهي تكتيك شائع من قبل أي رئيس جديد، ينتمي سلفه إلى حزب معارض، مذكّرة بأنّ أوباما كان وقّع، في وقت مبكر من ولايته الأولى، قراراً تنفيذياً ينهي حظراً على التمويل الفيدرالي لفحص الخلايا الجذعية الجنينية، والذي فرضته إدارة جورج بوش الابن.

في حين أن الفكرة الثانية قد تكون، بحسب الصحيفة، "مخاطرة سياسية"، مشيرة إلى أنّ ترامب وبملاحقته منافسته المهزومة، قد يعرّض حظوظه للخطر، لا سيما إذا ما أراد توسعة دائرة خطابه إلى ملايين الأميركيين، من أولئك الذين لم يصوتوا له في الانتخابات الرئاسية.

وأشارت إلى أنّ عدداً من الوعود التي قطعها ترامب على نفسه تحتاج موافقة الكونغرس، مثل إلغاء واستبدال قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة، وفرض أنواع من الرسوم الجمركية على الشركات العابرة للحدود، وإلغاء القوانين التي تحدّ من التلوث وإنتاج الفحم، فضلاً عن التخلّص من مناطق المدارس الخالية من السلاح، وإعادة التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران.

وذكّرت الصحيفة بأنّ الجمهوريين في الكونغرس، وعلى مدى سنوات، حاولوا "تمزيق" توقيع قانون أوباما للرعاية الصحية، إلا أنّهم أُوقفوا من قبل الرئيس، ولكن مع حصولهم على الأغلبية في المجلس، فإنّهم في موقع يخوّلهم الآن تحقيق ذلك، لا سيما إلى جانب رئيس جمهوري.

وتكمن الصعوبة في وفاء ترامب بوعده من خلال بناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك، باعتبار أن هذا القرار يتطلّب موافقة الكونغرس على ضخّ مئات المليارات من الدولارات لتحقيقه، في وقت لا يملك ترامب سلطة لإجبار المكسيك على تمويل بناء الجدار. وهذا الأمر يخالف ما وعد به مراراً، على الرغم من استطاعته استخدام ورقة الضغط على الحكومة المكسيكية، وتهديده بالحدّ من التبادل التجاري، أو التلويح بالتشدّد في إنفاذ القوانين ذات الصلة بالمخدرات.



التاريخ يشهد، بحسب "واشنطن بوست"، بأنّه من الصعب الوفاء بوعود من السهل إطلاقها أمام حشود جماهيرية خلال الحملة الانتخابية، مذكّرة في هذا الإطار، بأنّ أوباما، ومباشرة مع بدء ولايته الرئاسية، أصدر قراراً بإغلاق معتقل غوانتانمو في كوبا، إلا أنّ أعضاء الكونغرس، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، عطّلوا بأصواتهم قرار الإغلاق، إذ لا يزال المعتقل قائماً ومفتوحاً، في الأشهر الأخيرة لولايتَي أوباما.

كما أشارت الصحيفة إلى أنّ إخضاع المساجد في الولايات المتحدة للرقابة المشددة، وفق الطريقة التي يطرحها ترامب، يتطلّب من المحاكم إعادة تفسير الحقوق ومفاهيم الحماية الدستورية.

وفي حال أراد ترامب مواصلة السعي لتنفيذ اقتراحه بمنع أغلب المسلمين من الدخول إلى الولايات المتحدة، وهو مقترح توقّف عن الإتيان على ذكره في الأشهر الأخيرة من السباق الرئاسي، فإنّ الاقتراح سيواجه، بحسب خبراء قانونيين، طعوناً في المحاكم بوصفه غير دستوري ويخالف القانون الحالي. والدليل، أن ترامب حذف عن موقعه الرسمي خطاب منع المسلمين من دخول أميركا، اليوم الخميس.

ومن وعود ترامب التي تطلب موافقة الكونغرس، بحسب الصحيفة، تخصيص مزيد من الأموال لبرامج معتمدة، مثل ترحيل المهاجرين غير الشرعيين ذوي السوابق الجنائية، ووعوده بإصلاح "إدارة المحاربين القدامى"، و"البدء بالاهتمام ورعاية قواتنا المسلحة"، بحسب قوله.

وفي حين يبدو الأمن القومي مساحة للاهتمام، إذ يشكّل تقليدياً فسحة للمناورة لأي رئيس جديد، فإنّ ترامب قد يطلب من كبار القادة العسكريين تحضير خطة خلال ثلاثين يوماً، لإيقاف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، كما وعد.

إلا أنّ الخطة، وفي حال تطلبت نشر قوات عسكرية في العراق، أو تدخلاً عسكرياً محتملاً في سورية، تستدعي من مجلس الكونغرس "القلق من الحروب"، وفق تعبير الصحيفة"، الموافقة على تمويل زيادة كبيرة ومفتوحة لمشاريع الإنفاق العسكري.

كما أنّ ترامب، وفي حال أراد الوفاء بوعده إصدار أمر لإعادة العمل بخيار استخدام أساليب التعذيب ضد "الإرهابيين"، عليه مواجهة معوقات قانونية عدة، ومقاومة "على حد المنشار"، من قبل أعضاء وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، وشركات لا تزال تعاني من تبعات كشف انتهاكات مورست على مدى عقود، والأضرار التي لحقت بسمعتها أمام انتقاد الرأي العام لأساليب التعذيب في السجون السرية.

وخلال اختتام حملته الانتخابية في غراند رابيدز بولاية ميتشيغن، الاثنين الماضي، قال ترامب إنّه سيتخذ قراراً بـ"أكبر خفض للضرائب منذ عهد الرئيس رونالد ريغان"، لكنّه قدم عدداً محدوداً من التفاصيل حول كلامه عن القضاء على "قوانين قتل الوظائف" التي لا أهمية لها، وحماية الحرية الدينية، وإعادة بناء القوة العسكرية، وإنفاذ القانون.

وختمت الصحيفة بالتذكير بما قاله ترامب حينذاك، "تخيّلوا فقط ما يمكننا أن ننجزه في أول 100 يوم من إدارة ترامب".