عمال كهرباء لبنان يقطعون الطرق مطالبين بتوظيفهم

بيروت

دجى داود

avata
دجى داود
31 مارس 2014
C3D85F69-6559-4BBE-8E00-703F9D6F15E8
+ الخط -

افترش العمال المياومون والمياومات في مؤسسة كهرباء لبنان، وهم عمال يتقاضون أجرتهم بالساعة، الطريق في منطقة كورنيش النّهر في شرق بيروت صباح اليوم الإثنين. تبادلوا أطراف الحديث، شربوا القهوة، دخنوا السجائر. شكّلوا مجموعات صغيرة أمام السيّارات لمنعها من المرور.
وبالتزامن مع اعتصام بيروت، نفّذ عمال اليومية، أو ما يطلق عليهم اسم "المياومين"، في مختلف المناطق اللبنانيّة اعتصامات تحذيريّة أمام مقرات مؤسسة كهرباء لبنان، وأقفلوا الطرق في صور والنبطية (جنوب لبنان) وراشيا (البقاع) بالإطارات المشتعلة.
ويعترض العمال والعاملات على مشروع القانون المعجل المكرر الذي أعده عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب إبراهيم كنعان بغية ملء الشواغر في مؤسسة الكهرباء، والذي سيبحثه البرلمان اللبناني يوم غد الثلاثاء.
والقانون يعاكس مطالب المياومين، الذين يتقاضون رواتبهم عن كل ساعة عمل وليس عن كل يوم عمل، وهي أن يتم تثبيتهم في مؤسسة الكهرباء ويتم اعطاؤهم تعويضات عادلة عن سنوات خدمتهم الطويلة في المؤسسة.
ورفضاً للقانون، دعا المياومون الى اعتصام في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت صباح الغد، الثلاثاء، أثناء انعقاد جلسة البرلمان التي ستناقش القانون المعني بقضيتهم.

مجزرة بحق العمال

يوجد في مؤسسة الكهرباء نوعان من العمالة. عمالة ثابتة، وهم العمال والموظفون الذين يعملون في المؤسسة تحت قانون العمل اللبناني ويتقاضون رواتب شهرية ويحصلون على تعويضات عند وصولهم الى سن التقاعد، اضافة الى حوالى ألفي عامل وعاملة من المياومين.
وهؤلاء يعملون منذ أكثر من عشرين عاماً عبر تعاقد يومي، ويمارسون مهامهم كما لو أنهم موظفون، ولكن من دون ضمانات لاستمرارية عملهم ولا تعويضات في حال خروجهم الى التقاعد.
ويصل عدد المياومين الى حوالى 2300 عامل وعاملة.
في المقابل فإن عدد الوظائف الشاغرة في مؤسسة كهرباء لبنان تصل الى 3561 وظيفة من أصل 5036 وظيفة، وهو ما يعني أن بالإمكان توظيف المياومين وإدخالهم الى المؤسسة لملء الشواغر.
لكن الحسابات المذهبية والطائفية تقف عائقاً دون إنصافهم. بحيث يحاول الوزراء المتعاقبون عدم توظيف هؤلاء بسبب سعيهم، وبخلاف الدستور والقانون، تحقيق توازن طائفي بين عمال مؤسسة الكهرباء.
قضيّة المياومين ليست جديدة على صعيد التحرّكات العماليّة في لبنان. فقد انفجرت القضيّة منذ حوالى ثلاث سنوات.
في عام 2012، وبعد تنفيذ أطول اعتصام في تاريخ لبنان دام أكثر من 3 أشهر، انتهت سلسلة الإضرابات إلى اتفاق يجيز لكهرباء لبنان إجراء مسابقات لملء المراكز الشاغرة في مؤسسة الكهرباء، على أن تراعى سنوات الخدمة وطبيعة العمل الذي يقوم به المياومون، وأن تقدم للعمال تعويضات عادلة عن سنوات خدمتهم في المؤسسة.
وينصّ المشروع الذي ستبحثه الهيئة العامة لمجلس النواب غداً على "ملء الشواغر في ملاك مؤسسة كهرباء لبنان بحسب حاجتها، على أن تجري المسابقة المحصورة بالمياومين بإشراف مجلس الخدمة المدنيّة".
ويرى المياومون أنّ ذلك مخالف للاتفاق السابق الذي وُعدوا به قبيل فكّ اعتصامهم في عام 2012، فعبارة "حسب الحاجة" تعني عدم اشراك كل المياومين في المباراة، ويقترحون إجراء المباراة في كافة مديريات مؤسسة الكهرباء وبإشراف مجلس الخدمة المدنية إضافة إلى كهرباء لبنان. كما يريدون أن تؤخذ سنوات الخبرة والكفاءة بالاعتبار خلال إجراء المباراة.
ويعتبر رئيس لجنة العمال المياومين، لبنان مخول، أن القانون المقدّم بمثابة مجزرة بحقّ المياومين بحيث سينهي عملهم، في حال لم ينجحوا في المباراة، من دون أيّ تعويض على سنوات الخدمة التي يصل بعضها الى 20 عاماً.
ويطالب مخول، في حديث مع "العربي الجديد"، النواب بأخذ التعديلات التي يطالب بها المياومون بالاعتبار.
بل ان مخول يرفع من سقف التهديدات في حال عدم الرضوخ لمطالب العمال: "إن تمّ إقرار القانون كما هو، سنقطع الكهرباء عن كل المناطق اللبنانيّة".
يعتبر مخول أنّ "تعطيل مؤسسة كهرباء لبنان" ليس بالأمر الصعب، "يكفي شرب القهوة في صالة الزبائن حتى يقف عملها"، على حدّ قوله.

رئيس الحكومة داعم للتحرك

المياومون يائسون من تجاوب القوى السياسيّة معهم، خصوصاً وأنّ مختلف القوى السياسيّة وقّعت على اقتراح القانون بمن فيهم كتلة "التنمية والتحرير" (وقع باسمها النائب علي بزي)، وهي الكتلة التي يترأسها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إضافة الى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (حزب الله)، النائب علي عمار.
يؤكّد عضو لجنة العمال المياومين، بلال باجوق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن رئيس الحكومة تمام سلام قال خلال زيارتهم له إنّ "الحق يعطى ولا يؤخذ"، مما يعني أن رئيس الحكومة اللبنانية يحض المياومين على الإضراب والتحرك لنيل حقوقهم.
من جهته، يؤكّد جمال بلوط (عامل بالساعة ايضا) أنّ رئيس "جبهة النضال الوطني"، النائب وليد جنبلاط، قال للمياومين: "راجعوا من يمثّلكم من السياسيين، فهناك اتفاق سياسي جرى قبل إحالة القانون".

المياومون: لا أحد معنا

وفي جولة لـ "العربي الجديد" على العاملين بالساعة تبيّن حجم الغضب لديهم، إذ تقول المياومة مهى الربعة: "لا أحد من السياسيين معنا... نحن لدينا عائلات والقانون سيؤدي إلى طردنا جميعاً". من جهتها، تعتبر المياومة فاتن عقل أنّ القانون مجحف لأنّه لن يثبّت جميع العمال.
ويتخوّف المياوم سمير حميّة من طرد جميع المياومين، قائلاً إنّ "جميع السياسيين لم يقفوا إلى جانبنا، وعملي لـ 20 سنة في مؤسسة كهرباء لبنان سيذهب سدى".
ويشير المياوم علي مطر إلى أن "هناك 700 عامل سيتم تثبيتهم، منهم 350 أدخلهم وزير الطاقة السابق، جبران باسيل، مما يعني أنّ 300 من أصل 2300 سيتمّ تثبيتهم فقط".
المواطنون أيضاً عبّروا عن اعتراضهم على إقفال الطريق. أطلقوا العنان لأبواق سيّاراتهم. نزل أحدهم ليتحدث مع المياومين لفتح الطريق، فردّ أحدهم عليه بأنّهم أيضاً ضحايا القانون المجحف، مطالباً إيّاه والمواطنين بالنزول إلى الشارع والتّضامن معهم للوصول إلى حقهم في التثبيت.
أنهى المياومون اعتصامهم وفتحوا الطريق بعد ما زارهم وزير العمل اللبناني، سجعان قزي، حين وعدهم بإجراء اتصالات مع الجهات المعنيّة ، لكنّهم سيعودون إلى الشارع صباح الغد، الثلاثاء، في وسط بيروت، للضغط على المجلس النيابي لإقرار القانون مع التعديلات التي تحقق مطالبهم. فهل يمثل مجلس النواب لمطالب المياومين أم تُقطع الكهرباء عن كلّ لبنان؟

 

دلالات

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون