رفض عمر جابر، لاعب نادي الزمالك والمنتخب المصري، المشاركة في مباراة الزمالك أمام إنبي في الدوري الممتاز، تضامنا مع جماهير (وايت نايتس)، بعد منع الجماهير من دخول المباراة، ووفاة بعضهم خارج استاد الدفاع الجوي.. ووصلت علاقته مع إدارة الزمالك واللاعبين إلى طريق مسدود، حتى وصل الأمر إلى طلب البعض فسخ عقده وشطبه نهائيا قبل أن تتراجع الإدارة عن هذه الخطوة.. ولاحقته الاتهامات بأنه إخواني، ولابد من محاكمته، بدعوى أنه ما فعل ذلك إلا لكسب ود الجماهير، وإحراج الإدارة والفريق.
وبحثا عن الحقيقة الغائبة، كشف عمر جابر في حوار حصري لـ"العربي الجديد" عن أسرار الأزمة من البداية إلى النهاية.
بداية لماذا رفضت المشاركة في المباراة؟
قبل المباراة، علمت أن مشجعا من الجمهور توفي بسبب منعه من دخول الاستاد، وكنت حزينا، وتأثرت نفسيا بسبب الاعتداء على جماهير الزمالك التي جاءت تؤازر فريقها.. فكان جزاؤهم الموت.. بالإضافة إلى أن الجماهير اعترضت أتوبيس الفريق، وقام الأمن بإطلاق قنابل مسيلة للدموع أثرت على جهازي التنفسي، وشعرت بعدم استطاعتي المشاركة في المباراة نفسياً وبدنياً.
لكنك لاعب محترف، ولا مجال للعواطف مع الجماهير ضد النادي الذي تعاقد معك للعب بمقابل مادي كبير؟
قبل أن أكون لاعبا محترفا فأنا إنسان، ومن الصعب أن أشارك نفسيا بعد وفاة إنسان يدفع حياته من أجل اللاعبين "وأنا منهم" ومن أجل الزمالك.. أنا لست آلة.. وأعتقد أن زملائي في الفريق لو علموا بوفاة أحد المشجعين، كانوا سيرفضون لعب المباراة، ولكننا في غرفة خلع الملابس سمعنا كلاما، ولم نتأكد من وفاة عدد أكبر مثلما حدث في مجزرة بورسعيد، ورفض لاعبو الزمالك والإسماعيلي استكمال المباراة بعد أن علموا عن ذلك بين الشوطين وقتها.
ولكن يقال إنك فعلت ذلك من أجل الشهرة؟
لم أكن أحتاج أن أمثل حتى أحصل على شهرة أنا في غنى عنها؛ لأنني بالفعل أتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، حتى قبل أن ألعب للفريق الأول، كما أنني تربطني علاقة قوية مع جماهير الزمالك.
كيف علمت بوفاة عناصر من الجمهور، رغم أن زملاءك لم يعلموا بأي شيء قبل المباراة؟
عفواً. هناك 3 أشخاص من الفريق علموا بوفاة أحد المشجعين قبل المباراة، وهم حازم إمام وحمادة طلبة وكابتن إسماعيل يوسف مدير الكرة، عندما نزلنا من الأتوبيس نطالب الجماهير بالسماح لنا بالذهاب إلى الملعب أثناء اعتراضهم الأتوبيس.. وعلمنا منهم أنهم غاضبون لوفاة زميلهم.. وقتها قررت عدم اللعب.
ومتى علم باقي اللاعبين بوفاة المشجعين؟
مع بداية الشوط الثاني، وتحديدا في الدقيقة 51 من زمن المباراة، ولكنهم لم يتجمعوا معا لاتخاذ قرار موحد والاتفاق على عدم استكمال المباراة.
ولماذا تشاجر معك زملاؤك من اللاعبين بعد المباراة؟
حدث خلاف في وجهات النظر بيني وبين بعض لاعبي الزمالك بعد المباراة؛ لأنهم لم يستوعبوا ما حدث وقتها.. ولا بد أن يعتذروا عن الاتهامات التي وجهوها لي.
لكنك متهم بتقليد أبوتريكة، حتى تكسب ود الجمهور على حساب ناديك وإحراج زملائك؟
موقفي جاء كرد فعل لموت عناصر من الجمهور، ولم أتحمل الموقف نفسيا، بجانب الغاز الخانق.. وصعب جدا أن أشاهد مشجعين يموتون وأفكر في عمل "شو إعلامي"، ولم أقلد أبوتريكة أو أبحث عن نجومية زائفة كما قلت لك.. وعلى العكس أتمنى أن أكون نصف أبوتريكة في موهبته وأدائه وأخلاقه.. وكنت سعيدا بكلامه عني بعد موقفي الذي لم يكن مزايدة وحقيقة شهدت بها أمام النيابة، فهذا ما يرضي ضميري ويريحني، وأتمنى من الجميع أن تتضافر جهودهم من أجل القصاص لهؤلاء الشباب، حتى لا تضيع دماؤهم وسط الخلافات والاتهامات والكلام عن عودة الدوري مرة أخرى.
البعض يتهمك بأنك إخواني، وتلعب دورا سياسيا، وتعمدت إحراج الحكومة والمسؤولين بهذا الموقف؟
لست إخوانيا، وليست لي انتماءات سياسية، ولا ألعب أي دور سياسي.. وأكرر لم أكن في حاجة للقيام بتمثيلية رخيصة.
ما تعليقك على عقوبات الزمالك ضدك، ومطالبة البعض بشطبك من الملاعب نهائيا؟
حزين جدا لموقف نادي الزمالك، وحزين أكثر من موقف زملائي اللاعبين الذين هاجموني بقسوة لم أتوقعها.. ورغم ذلك أحترم إدارة النادي وزملائي.
وما هو الحل لأزمتك الحالية؟
بصراحة الموضوع وصل إلى طريق مسدود بعد ما حدث من اتهامات وتطاول ضدي، وأصبحت نفسيا غير قادر على العودة إلى الزمالك مرة أخرى.. واتخذت قرارا بالرحيل عن النادي تماما في هدوء واحترام.. وطلبت من والدي الذهاب إلى نادي الزمالك لفسخ التعاقد بتراض بيننا، ورد الشيك الذي تسلمته كمقدم عقد؛ لأنني لا أتصور أن أشارك في التدريبات ودماء زملائي لم تجف بعد.
ما هي تفاصيل عقدك الجديد؟ وهل صحيح أنك طالبت اتحاد الكرة بعدم توثيق العقد؟
تعاقدت مع الزمالك منذ أيام قليلة بعقد لمدة 3 سنوات، مقابل 2.5 مليون جنيه شهريا، وتزيد كل عام 25%.. وتسلمت شيكا بمليون جنيه من مستحقاتي عند التوقيع.. ولم ولن أطالب اتحاد الكرة بعدم توثيق العقد.. رغم مطالبتي للزمالك بفسخ العقد بالتراضي، وأرسل لهم الشيك مقدم العقد مقابل فسخ التعاقد بتراض وهدوء.
هل يمكن أن تعتذر لإدارة الزمالك وزملائك وتنتهي الأزمة؟
لم أخطئ.. ولم ولن أعتذر.. ولو تكررت الأحداث والموقف نفسه مليون مرة لرفضت المشاركة في المباراة.. لأنني لم أقصد الإساءة لزملائي.. وأعتقد لو أنهم علموا بأحداث المجزرة قبل المباراة لرفضوا المشاركة أمام إنبي.
هل الرحيل هو الحل لأزمتك مع الزمالك؟
أنا حزين ومصدوم.. وقرار الرحيل نهائي.. وصعب عودة علاقاتي بزملائي بعد الإهانات التي تعرضت لها من بعضهم.
هل ستشكو الزمالك في حالة عدم فسخهم عقدك وخصم نصف مستحقاتك؟
لن ألجأ إلى الشكوى الرسمية ضد الزمالك؛ لأنه بيتي الذي نشأت فيه، ولا أتمنى أن يحدث ذلك.. ولكن كل ما أتمناه من إدارة النادي أن توافق على رحيلي في هدوء من دون افتعال أزمات.
كيف يتركك الزمالك بسهولة، وهناك رغبة في الأهلي لضمك إلى صفوفه فورا؟
الأهلي ناد كبير وعريق، ولكني قررت عدم اللعب في مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد مجزرة جماهير الزمالك، ولا أستطيع اللعب مرة أخرى في مصر في ظل هذه الظروف الصعبة على نفسيتي.. وسأحترف في أي ناد أوروبي أو عربي.
وما تعليقك على موقف وليد سليمان لاعب الأهلي الذي ألغى احتفال زواجه بسبب مذبحة جماهير الزمالك؟
وليد سليمان نجم وإنسان قبل أن يكون لاعب كرة.. وموقفه يؤكد أنه على مستوى فني عال في الأخلاق مثل موهبته.. وأي إنسان لديه روح رياضية وأخلاق إنسانية سيتأثر نفسيا بما حدث، وليس وليد سليمان أو عمر جابر فقط.
بماذا تفسر موقف محمد صلاح نجم مصر المحترف في فيورنتينا الإيطالي الذي وضع صورتك على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وبدون أي تعليق على الصورة والأحداث، وكأنه متضامن معك في أزمتك؟
محمد صلاح نجم عالمي يعرف الإنسانية، ويعرف قيمة الجمهور.. صلاح صديق عمر قبل أن يكون زميلا في الملاعب.. ونحن أبناء جيل واحد، وتربطنا زمالة طويلة منذ منتخبات الناشئين.. وبالتأكيد هو حزين على أرواح المصريين ويتضامن معهم قبل أن يؤيدني في موقفي، خاصة بعد أن انتقدني البعض لمصالح خاصة.. صلاح نجم وإنسان قبل أن يكون لاعبا موهوبا وفنانا.