يطرق "العيد" بابنا بعد لحظات، وأيّ باب يطرق هذا العام؟!
فعيدنا مع كل عامٍ جديد بعد ثورات الربيع العربي مختلف، يُغَيِّر طقوسه وروحه وهداياه، يأتي فَرِحاً وليس بفَرِح، يجلب سعادة حزينة، يُعطي "عيدية" جريحة، لكنه يبقى عيداً، وتبقى فرحته تسيطر علينا.
ربما تشدّنا الأحزان والأوجاع إلى قاعها الكئيب المظلم، وربما ترفض ضمائرنا أن نفرح والأحباب والأصدقاء بين شهيد ومعتقل ومصاب ومنفي، بل ربما تأبى عقولنا أن نعترف أن هناك عيدا قادما في ظل تلك الأجواء عقيمة الفرحة والبهجة قاتمة الملامح!
لكن العيد أتى لنفرح به، ليغمرنا سعادة وفرحا وليُلبسنا رداء ناصع الحبور، وهبه الله تعالى لنا ليُعوّضنا ما نعانيه من آلام، وليُربت به على أكتافٍ أرهقها الهمّ وأعيتها المحن.
العيد إن لم يكن فرحة فهو رأفةٌ بالنفوس المُتعبة، وإن لم يكن بهجة فهو هدنة من الصراعات المحطمة لنا، وإن لم يكن سعادة فهو أناة لأعصابنا الهشة ولرؤانا الحالمة بمستقبل أفضل يشع أماناً وعدالةً وحرية، وهو التربيتة الإلهية على الأفئدة الكسيرة فتمنحها قوة بعد ضعف وطاقة بعد نضوب.
لا تتوانى الأنظمة العربية المستبدة من تحويل العيد لدى شعوبها، وخاصةً المعارضين لها إلى أحاسيس مجوفة فارغة المعاني المبهجة وطقوس روتينية الطابع تمرّ سريعاً دون الالتفاف إليها!
وعلى الرغم من الممارسات القمعية لتلك الأنظمة من سلب للحريات، والتضييق في التعبير عن الرأي، والمنافي المتعددة، والاعتقالات العشوائية، والاختفاءات القسرية، والقتل المتعمد مع سبق الإصرار، وإطلاق كلابهم للتحرّش في الميادين، إلا أن مَن تقع عليه طائلة كل ذلك الجنون يعيش لحظات العيد بحلوها ومرها، حتى يستطيع أن يُعيد شحن طاقات تحمله لهذا الجنون، وشحذ هممه للتعايش معه والتغلّب عليه.
وأكثر مَن يعيش العيد بكل تفاصيله هم المعتقلون في سجون العسكر والأنظمة القمعية، فيقومون بتزيين عنابرهم بما تصنعه أيديهم، ويتبادلون الحلوى، ويصنعون هدايا لذويهم ليمنحوهم فرحاً حقيقياً تارة ومصطنعاً تارة أخرى، حتى لا تُعششّ غربان اليأس في صدورهم جميعاً، أو تُخيط عناكب الإحباط خيوطها حول عقولهم، وبين طيات التظاهر بالفرح فرح حقيقي حزين، وكذلك بينه أمل دفين يتمنى الحرية ويحلم بها كـ "عيدية" له يستيقظ ليجدها تحققت كما كان يفعل صغيراً.
ثم يأتي مَن في المنافي، فعيدهم منقوص فرحاً وإن ارتسمت على شفاههم ابتسامة أو شبيهتها، ورغم بُعدهم القسري عن ذويهم وعدم حضورهم مظاهر العيد في أوطانهم إلا أنهم لم يستسلموا للمنفى أو للنافي الظالم، وصنعوا أجواء عيدهم رغم نقصانه وسعوا للبهجة ورسموا ملامح لطقوس أوطانهم، فردّت إليهم بعض الحياة.
أما أهالي الشهداء والمصابين والمعتقلين والمختطفين والمنفيين، فتأتي ذكرى أحبابهم تراودهم فيبتسمون تارة للذكريات، ويحزنون تارة ويتمنون وجودهم بينهم، لكنهم يسعدون رغم كل شيء، في محاولةٍ منهم للشعور بأحبابهم، ولإبلاغهم أنهم فرحون فلا يحزنون.
الشعوب دائمة الانتظار للفرح، دائمة الانتظار للأعياد، تتخذها متنَفَّسا لها لتقاوم ضغوط الحياة ومنغصاتها وتحيا. لكلٍ طريقته في معايشة العيد، لكننا جميعاً، شعوباً وأفرادا علينا أن نعيش سعادته وفرحه وبهجته، حتى نستطيع أن نقاوم الاستبداد وننعم بالحرية والعدالة، وحتى لا ينتصر جلادونا علينا بنزع فرحتنا وتكديرنا وتعكير صفونا اللحظي بوسائلهم سيئة السمعة قميئة الأثر!
فقاوموا بالفرح تنتصروا..
راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk
ربما تشدّنا الأحزان والأوجاع إلى قاعها الكئيب المظلم، وربما ترفض ضمائرنا أن نفرح والأحباب والأصدقاء بين شهيد ومعتقل ومصاب ومنفي، بل ربما تأبى عقولنا أن نعترف أن هناك عيدا قادما في ظل تلك الأجواء عقيمة الفرحة والبهجة قاتمة الملامح!
لكن العيد أتى لنفرح به، ليغمرنا سعادة وفرحا وليُلبسنا رداء ناصع الحبور، وهبه الله تعالى لنا ليُعوّضنا ما نعانيه من آلام، وليُربت به على أكتافٍ أرهقها الهمّ وأعيتها المحن.
العيد إن لم يكن فرحة فهو رأفةٌ بالنفوس المُتعبة، وإن لم يكن بهجة فهو هدنة من الصراعات المحطمة لنا، وإن لم يكن سعادة فهو أناة لأعصابنا الهشة ولرؤانا الحالمة بمستقبل أفضل يشع أماناً وعدالةً وحرية، وهو التربيتة الإلهية على الأفئدة الكسيرة فتمنحها قوة بعد ضعف وطاقة بعد نضوب.
لا تتوانى الأنظمة العربية المستبدة من تحويل العيد لدى شعوبها، وخاصةً المعارضين لها إلى أحاسيس مجوفة فارغة المعاني المبهجة وطقوس روتينية الطابع تمرّ سريعاً دون الالتفاف إليها!
وعلى الرغم من الممارسات القمعية لتلك الأنظمة من سلب للحريات، والتضييق في التعبير عن الرأي، والمنافي المتعددة، والاعتقالات العشوائية، والاختفاءات القسرية، والقتل المتعمد مع سبق الإصرار، وإطلاق كلابهم للتحرّش في الميادين، إلا أن مَن تقع عليه طائلة كل ذلك الجنون يعيش لحظات العيد بحلوها ومرها، حتى يستطيع أن يُعيد شحن طاقات تحمله لهذا الجنون، وشحذ هممه للتعايش معه والتغلّب عليه.
وأكثر مَن يعيش العيد بكل تفاصيله هم المعتقلون في سجون العسكر والأنظمة القمعية، فيقومون بتزيين عنابرهم بما تصنعه أيديهم، ويتبادلون الحلوى، ويصنعون هدايا لذويهم ليمنحوهم فرحاً حقيقياً تارة ومصطنعاً تارة أخرى، حتى لا تُعششّ غربان اليأس في صدورهم جميعاً، أو تُخيط عناكب الإحباط خيوطها حول عقولهم، وبين طيات التظاهر بالفرح فرح حقيقي حزين، وكذلك بينه أمل دفين يتمنى الحرية ويحلم بها كـ "عيدية" له يستيقظ ليجدها تحققت كما كان يفعل صغيراً.
ثم يأتي مَن في المنافي، فعيدهم منقوص فرحاً وإن ارتسمت على شفاههم ابتسامة أو شبيهتها، ورغم بُعدهم القسري عن ذويهم وعدم حضورهم مظاهر العيد في أوطانهم إلا أنهم لم يستسلموا للمنفى أو للنافي الظالم، وصنعوا أجواء عيدهم رغم نقصانه وسعوا للبهجة ورسموا ملامح لطقوس أوطانهم، فردّت إليهم بعض الحياة.
أما أهالي الشهداء والمصابين والمعتقلين والمختطفين والمنفيين، فتأتي ذكرى أحبابهم تراودهم فيبتسمون تارة للذكريات، ويحزنون تارة ويتمنون وجودهم بينهم، لكنهم يسعدون رغم كل شيء، في محاولةٍ منهم للشعور بأحبابهم، ولإبلاغهم أنهم فرحون فلا يحزنون.
الشعوب دائمة الانتظار للفرح، دائمة الانتظار للأعياد، تتخذها متنَفَّسا لها لتقاوم ضغوط الحياة ومنغصاتها وتحيا. لكلٍ طريقته في معايشة العيد، لكننا جميعاً، شعوباً وأفرادا علينا أن نعيش سعادته وفرحه وبهجته، حتى نستطيع أن نقاوم الاستبداد وننعم بالحرية والعدالة، وحتى لا ينتصر جلادونا علينا بنزع فرحتنا وتكديرنا وتعكير صفونا اللحظي بوسائلهم سيئة السمعة قميئة الأثر!
فقاوموا بالفرح تنتصروا..
راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk