لم تكن الهدنة الإنسانية في قطاع غزة ضرورية لكشف جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، بعدما أصبح هذا الأمر مفروغاً منه. لكن هذه الهدنة كانت ضرورية للمسعفين وطواقم الإنقاذ في غزة، للبحث عن شهداء لم يستطيعوا الوصول إليهم في الأيام الماضية بسبب النيران الإسرائيلية الكثيفة.
وتمكنت طواقم الإسعاف والدفاع المدني، بمساعدة متطوعين، من انتشال أكثر من 100 شهيد من تحت أنقاض البيوت المدمرة. لكن الاحتلال أعاق عمليات الانتشال في خزاعة شرقي مدينة خانيونس جنوبي القطاع، بعد إطلاق النار على المسعفين ومنعهم من التقدم.
وأكد المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، أن الطواقم الطبية استطاعت انتشال أكثر من 100 شهيد من تحت البيوت المدمرة، من بينهم أطفال ونساء، ما يرفع عدد شهداء العدوان إلى أكثر من ألف.
وبالتزامن تحولت "حمد الله عسلامتكم"، إلى العبارة التي يتبادل من خلالها أهالي القطاع التحية بينما بدأ النازحون أو كثير منهم على الأقل العودة إلى منازلهم. لكن العديد من هؤلاء، لم يجدوا منازلهم، بعدما عمدت قوات الاحتلال الى تسوية أحياء كاملة بالأرض، فيما كانت رائحة البارود وصوت الطائرات الاستطلاعية يسيطران على الأجواء، مع تخوّف الفلسطينيين من أن يعود الاحتلال فجأة للانتقام منهم كما فعل سابقاً دون أي مبرر.
وكانت ساعات ما قبل التهدئة، شهدت أعنف هجمات جوية وقصف مدفعي على مناطق واسعة من القطاع، وكثّفت المدفعية الإسرائيلية خلالها من عمليات إطلاق قذائفها بشكل غير مسبوق وعشوائي مستهدفة مناطق مختلفة، فيما كان الطيران يقصف مناطق أخرى بكثافة نارية غير مسبوقة.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن هذا المشهد يتكرر مع كل هدنة إنسانية لساعات، إذ يكثّف الاحتلال من ضرباته البرية والجوية قبل دخول الهدنة وبعد انتهائها، الأمر الذي يوقع المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين.
وحذر المركز الحقوقي من تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة في ظل استمرار التصعيد العسكري لقوات الاحتلال، والتهديد بتوسيع تلك العمليات وما يرافقها من إجراءات حصار خانقة تمسّ بكل نواحي الحياة للمدنيين الفلسطينيين.
ودعا إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها قوات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات والآليات اللازمة لملاحقة مقترفيها.
لكن بعد إعلان الهدنة، انسحبت الآليات الإسرائيلية في كثير من المناطق على الحدود مع الأراضي المحتلة، إلى أماكنها السابقة خلف السلك الشائك، وترك الجنود الإسرائيليون دبابات وآليات عسكرية خلفهم، كلها معطوبة أو تعرضت لإصابات قاسية من صواريخ المقاومة.