عرف الأسبوع السادس والعشرون على التوالي لاحتجاجات "السترات الصفراء" ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبرنامجه للإصلاح الاقتصادي بعض الانحسار، بحسب أرقام وزارة الداخلية التي قالت إن عدد المتظاهرين، اليوم السبت، وصل إلى 18 ألف و600 شخص، بينهم 1200 متظاهر في العاصمة باريس. وهو رقم رفضته "السترات الصفراء" التي تحدث حسابها في "تويتر" عن 37 ألفاً و529 متظاهراً، مع إشارتها لاستمرار ورود أرقام جديدة من مناطق عديدة في فرنسا.
ولم يكن من المنتظر أن تكون تظاهرات باريس كبيرة، بسبب اتفاق تنسيقيات الحراك على جعل تظاهرتي مدينتي نانت وليون وطنيتين، من خلال حضور متظاهرين من أنحاء فرنسا، بمن فيهم بعض الوجوه المعروفة بالحركة الاحتجاجية، التي تدخل قريباً شهرها السادس، كجيروم رودريغيز ومكسيم نيكول.
وعرفت باريس تظاهرة رغم الأمطار الغزيرة، وكانت هادئة، وركزت على دعم المُدرّسين الذين يخوضون إضرابات ضد الإصلاح الجديد الذي يقوم به وزير التربية الوطنية، جان ميشيل بلانكي، وكانت شعارات "نحن هنا، نحن هنا"، تؤكد استمرارية الحراك، فيما كانت لافتات تشرح ما تقول إنه خداع حكومي: "إعداديات وثانويات: خفض 3640 وظيفة، ووصول 40 ألف تلميذ جديد، الوزير بلانكي يكذب"، إضافة إلى شعارات العدالة الاجتماعية والديمقراطية المباشرة وتعزيز القدرة الشرائية.
وقد انطلقت التظاهرة من أمام جامعة جوسيو (باريس السادسة والسابعة)، ولم تستطع الاقتراب من الشانزليزيه وقصر الإيليزيه والجمعية الوطنية وقطاع نوتردام، وهي مناطق لا يزال حظر التظاهر فيها سارياً.
تظاهرة نانت كانت كبيرة بسبب حضور متظاهرين من أنحاء فرنسا، وعلى رأسهم مكسيم نيكول، وكان الحضور الأمني غير مسبوق، بسبب مخاطر وجود 500 عضو من اليسار المتطرف، كما أعلنت المصالح الأمنية.
وشهدت التظاهرة صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوة الأمن، استعملت فيها القوى الأمنية الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه ورصاصات "إل بي دي" ما أدى إلى جرح متظاهر تم إجلاؤه، ولم يَنجُ صحافي في قناة "سي نيوز" من الإصابة برصاصة "إل بي دي"، إلا أن حزاماً وضعه على بطنه خفّف من وقع الرصاصة. وكادت قوى الأمن أن تستخدم أسلحتها النارية ضد سائق سيارة أراد شق الطريق بالقوة، قبل أن يقفل راجعاً.
ومن جهة أخرى اختار جيروم رودريغيز، وهو وجه من وجوه "السترات الصفراء"، الذي اشتهر بعد فقدانه لعينه اليمنى بمقذوف أطلقته الشرطة، ولا يزال التحقيق جارياً لمعرفة ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، التظاهر في مدينة ليون إلى جانب 3 آلاف متظاهر.
ولم تَخلُ هذه التظاهرة الكبرى من مظاهر عنف وصدامات، فقد جرح 10 من أفراد الشرطة والدرك على الأقل، فيما هُشّم أنف أحد المتظاهرين، وأقدمت القوى الأمنية على إيقاف تسعة متظاهرين.
وشهدت مدن أخرى، كستراسبورغ ومونبولييه تظاهرات، انتهت في هدوء، وسط شعارات تطالب بالمزيد من الديمقراطية، وتذكّر الرئيس ماكرون بأن "انتخابه حدث لأن الشعب صوّت ضد مارين لوبان".
وفي مدينة نيس حدثت مشادّات بين متظاهرين وبين أفراد من لائحة "تحالف أصفر"، التي يقودها المغني فرانسيس لالان. إذ تعيب أغلبية "السترات الصفراء" على لالان وآخرين، انخرطوا في حملة الانتخابات الأوروبية، انتهازيتهم ومحاولة استغلال الحراك لأغراض سياسية وانتخابية، في الوقت الذي تصرّ فيه أغلبية "السترات الصفراء" على أنها تمقت الأحزاب والنقابات وتحمّلها مسؤولية الوضع في فرنسا.
وتميزت مدينة بوردو، التي كانت من عواصم الاحتجاج الكبرى، بغياب المتظاهرين بشكل كبير من الشوارع، فعدد من خرج لم يتجاوز الألف شخص. ورغم ذلك فقد اضطرت قوى الأمن لاستخدام الغازات المسيلة للدموع، وأوقفت 11 متظاهراً، وفرضت غرامات على 70 آخرين.