الفقر والعوز دفعا فيروز إلى جمع الخبز وتجفيفه وبيعه، علّها تؤمّن الطعام لأسرتها. وتأمل أن تتمكن من الانتقال إلى بيت صالح للسكن
في حيّ القطاطوة غرب مخيّم خانيونس للّاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة، تسكن مئات العائلات المهمّشة على أراض تعود ملكيتها للحكومة. بعض جدران البيوت من الإسمنت، كما أن شبابيكها صدئة. غالبيّة أولياء الأمور لا يعملون ويعتمدون على المساعدات.
كلّ عائلة في الحيّ لديها معاناتها، التي تزداد في فصل الشتاء. لكن لدى فيروز الأعرج (45 عاماً) قصة مختلفة. صباح كلّ يوم، تجمع الخبز الموجود على مقربة من أبواب منازل الحي، إضافة إلى أحياء المخيم المجاورة، لتعود إلى المنزل وتبدأ بتجفيفه.
في المرحلة الأولى، تنظّف الخبز من بقايا الطعام، وتقسّمه ما بين جافّ وعفن وآخر يحتاج إلى تجفيف أو تقسيم، ثم تنشره داخل المنزل، وتفتح النافذة الحديديّة ليجف. تحوّلت فيروز من مجرّد مربية إلى بائعة خبز مجفّف كما يعرفها أصحاب المزارع والدواجن الذين يقصدونها في سوق الأربعاء في خانيونس، حيث يتجمع التجار لبيع بضائعهم بأسعار أقلّ من أسعار المحالّ الأخرى، إضافة إلى العائلات المحتاجة التي تسعى إلى تأمين ما تحتاج إليه بأقل الأسعار.
الفقر والجوع دفعا فيروز إلى هذه المهنة الصعبة، التي اكتشفتها بالصدفة، حين عادت ابنتها جولييت (8 سنوات) قبل ثلاثة أشهر من المدرسة، لتخبر أمّها بأن صديقتها تعطي الخبز لصاحب أحد محالّ البقالة في الحي، فيعطيها في المقابل بعض الحلوى، لأنه يحتاج إلى هذا الخبز لإطعام الدواجن والطيور.
في المنزل، تقطن فيروز وعائلتها المكوّنة من 12 شخصاً، هم زوجها وأبناؤها الثمانية، إضافة إلى زوجة أحد أبنائها وطفلتهما. المنزل متهالك ويتكون من غرفتين، يملكه أحد أقارب زوجها. ويدفعون بدل إيجار شهري قيمته 80 دولاراً أميركياً. سقفه مبني من ألواح الصفيح الذي لا
يحميه من البرد ولا الحرّ. جدرانه تملؤها الرطوبة والعفن.
وتقول فيروز لـ "العربي الجديد": "أصعب موقف حين يعود أبنائي من مدارسهم سعداء لأنّهم استطاعوا العثور على أكياس خبز مجفّف رمتها عائلات عند مفترق الطرق، بدلاً من أن يكون همّهم الوحيد هو المدرسة. بعض زملاء بناتي ينظرون إليهن نظرة دونية لأنهن يجمعن الخبز، لكن ما في اليد حيلة. أحاول تأمين لقمة العيش من خلال الخبز المجفف".
الخبز الذي تجمعه فيروز هو ما تضعه بعض العائلات قرب أبواب منازلها لأنها ليست في حاجة إليه، ويحصل عليه أصحاب المزارع ومربو الحيوانات. لكن فيروز ترى أن تجفيفها هذا الخبز هو فرصة لأن يشتري منها أصحاب المزارع، من دون الحاجة إلى بذل جهد كبير. وما عليهم إلا وضع بعض المياه أو خلطه مع موادّ أخرى.
اقــرأ أيضاً
تبيع فيروز الخبز المجفف كل يوم أربعاء في سوق الأربعاء، وتضعه في أكياس الطحين الفارغة التي تحمل شعار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في إطار برامج المساعدات التي تقدّم للشعب الفلسطيني. يزن الكيس 30 كيلوغراماً وتبيعه بنحو ستة دولارات. من خلال هذا المبلغ، تشتري بعض الخضار، وتعدّ منها ثلاث وجبات لمنزلها.
تتابع فيروز عملها على الرغم من مرضها، هي التي تعاني من ارتفاع في ضغط الدم ومن مرض الربو، فيما يعاني زوجها محمد الأعرج (50 عاماً) من تضخم الكبد والطحال، ولا يستطيع العمل منذ 20 عاماً، فلا مصدر دخل للأسرة. توضح أن أحلامها ليست كبيرة، ولا تتجاوز العيش مع بناتها في بيت صغير في مبنى سكني، بدلاً من المنزل الذي تعيش فيه حالياً، الذي لا يصلح للسكن الآدمي.
تحصل عائلة فيروز على مساعدة من وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية مرة كل ثلاثة أشهر، لكنّها لا تكفي لتأمين ما تحتاج إليه وزوجها من أدوية، إضافة إلى اضطرارها لتسديد بعض الديون للمحالّ التجارية التي تحصل منها على البقوليات. كما تحصل من بعض الجمعيّات الخيرية على ملابس وأغطية كل عام، لتأمين حاجات أطفالها في برد الشتاء. تضيف: "أرفض النزول إلى الشارع والتسول. أريد الحفاظ على كرامتي. كما يصرّ زوجي على ألّا نمدّ يدنا إلى أحد. حتى لو أن أطفالي يرغبون بتناول اللحوم ولم أستطع وزوجي شراءها، سنكافح حتى نحصل على لقمة العيش. في بعض الأحيان، أعدّ حساءً من أرجل الدواجن علّها تساهم في تغذيتهم بعض الشيء".
كلّ عائلة في الحيّ لديها معاناتها، التي تزداد في فصل الشتاء. لكن لدى فيروز الأعرج (45 عاماً) قصة مختلفة. صباح كلّ يوم، تجمع الخبز الموجود على مقربة من أبواب منازل الحي، إضافة إلى أحياء المخيم المجاورة، لتعود إلى المنزل وتبدأ بتجفيفه.
في المرحلة الأولى، تنظّف الخبز من بقايا الطعام، وتقسّمه ما بين جافّ وعفن وآخر يحتاج إلى تجفيف أو تقسيم، ثم تنشره داخل المنزل، وتفتح النافذة الحديديّة ليجف. تحوّلت فيروز من مجرّد مربية إلى بائعة خبز مجفّف كما يعرفها أصحاب المزارع والدواجن الذين يقصدونها في سوق الأربعاء في خانيونس، حيث يتجمع التجار لبيع بضائعهم بأسعار أقلّ من أسعار المحالّ الأخرى، إضافة إلى العائلات المحتاجة التي تسعى إلى تأمين ما تحتاج إليه بأقل الأسعار.
الفقر والجوع دفعا فيروز إلى هذه المهنة الصعبة، التي اكتشفتها بالصدفة، حين عادت ابنتها جولييت (8 سنوات) قبل ثلاثة أشهر من المدرسة، لتخبر أمّها بأن صديقتها تعطي الخبز لصاحب أحد محالّ البقالة في الحي، فيعطيها في المقابل بعض الحلوى، لأنه يحتاج إلى هذا الخبز لإطعام الدواجن والطيور.
في المنزل، تقطن فيروز وعائلتها المكوّنة من 12 شخصاً، هم زوجها وأبناؤها الثمانية، إضافة إلى زوجة أحد أبنائها وطفلتهما. المنزل متهالك ويتكون من غرفتين، يملكه أحد أقارب زوجها. ويدفعون بدل إيجار شهري قيمته 80 دولاراً أميركياً. سقفه مبني من ألواح الصفيح الذي لا
يحميه من البرد ولا الحرّ. جدرانه تملؤها الرطوبة والعفن.
وتقول فيروز لـ "العربي الجديد": "أصعب موقف حين يعود أبنائي من مدارسهم سعداء لأنّهم استطاعوا العثور على أكياس خبز مجفّف رمتها عائلات عند مفترق الطرق، بدلاً من أن يكون همّهم الوحيد هو المدرسة. بعض زملاء بناتي ينظرون إليهن نظرة دونية لأنهن يجمعن الخبز، لكن ما في اليد حيلة. أحاول تأمين لقمة العيش من خلال الخبز المجفف".
الخبز الذي تجمعه فيروز هو ما تضعه بعض العائلات قرب أبواب منازلها لأنها ليست في حاجة إليه، ويحصل عليه أصحاب المزارع ومربو الحيوانات. لكن فيروز ترى أن تجفيفها هذا الخبز هو فرصة لأن يشتري منها أصحاب المزارع، من دون الحاجة إلى بذل جهد كبير. وما عليهم إلا وضع بعض المياه أو خلطه مع موادّ أخرى.
تبيع فيروز الخبز المجفف كل يوم أربعاء في سوق الأربعاء، وتضعه في أكياس الطحين الفارغة التي تحمل شعار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في إطار برامج المساعدات التي تقدّم للشعب الفلسطيني. يزن الكيس 30 كيلوغراماً وتبيعه بنحو ستة دولارات. من خلال هذا المبلغ، تشتري بعض الخضار، وتعدّ منها ثلاث وجبات لمنزلها.
تتابع فيروز عملها على الرغم من مرضها، هي التي تعاني من ارتفاع في ضغط الدم ومن مرض الربو، فيما يعاني زوجها محمد الأعرج (50 عاماً) من تضخم الكبد والطحال، ولا يستطيع العمل منذ 20 عاماً، فلا مصدر دخل للأسرة. توضح أن أحلامها ليست كبيرة، ولا تتجاوز العيش مع بناتها في بيت صغير في مبنى سكني، بدلاً من المنزل الذي تعيش فيه حالياً، الذي لا يصلح للسكن الآدمي.
تحصل عائلة فيروز على مساعدة من وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية مرة كل ثلاثة أشهر، لكنّها لا تكفي لتأمين ما تحتاج إليه وزوجها من أدوية، إضافة إلى اضطرارها لتسديد بعض الديون للمحالّ التجارية التي تحصل منها على البقوليات. كما تحصل من بعض الجمعيّات الخيرية على ملابس وأغطية كل عام، لتأمين حاجات أطفالها في برد الشتاء. تضيف: "أرفض النزول إلى الشارع والتسول. أريد الحفاظ على كرامتي. كما يصرّ زوجي على ألّا نمدّ يدنا إلى أحد. حتى لو أن أطفالي يرغبون بتناول اللحوم ولم أستطع وزوجي شراءها، سنكافح حتى نحصل على لقمة العيش. في بعض الأحيان، أعدّ حساءً من أرجل الدواجن علّها تساهم في تغذيتهم بعض الشيء".