المكان: كنيسة المهد في بيت لحم، في الضفّة الغربيّة المحتلّة.
الزمان: قبيل عيد الميلاد. قد يكون واحداً من أيّام "زمن المجيء" من هذه السنة أو من تلك التي سبقت أو من أخرى مضت في عقد سالف.
صورة العجوز بزيّه التقليديّ المخصّص للمناسبات، قد تكون التُقطت في أيّ زمان. أمر يحتمل الجدال. أمّا المكان فواحد أوحد. بقعة جغرافيّة مقدّسة. إنّها فلسطين المسيح. أمر لا جدال فيه.
أمام أيقونة السيّدة العذراء حاملة الطفل يسوع، يقف الفلسطينيّ العجوز في كنيسة المهد. برهبة، يحاول التبرّك منها ممرّراً يده اليمنى عليها، ومتمتماً صلاته. كلّه أمل أن تُسمع تلك الصلاة التي يردّدها مذ كان طفلاً صغيراً يصطحبه جدّه إلى هذه الكنيسة في مثل هذه الأيّام المباركة. أمّا باليد اليسرى، فيمسك ببضع شموع. سوف يشعلها فور انتهائه من الصلاة. سوف يشعلها على نيّة أبناء وأهل وأحباب رحلوا أو ما زالوا أحياءً يُرزقون. سوف يشعلها على نيّتهم، ويدعو لهم بالراحة الأبديّة أو بالخير والعافية. لا بدّ من أن تُستجاب دعواته، فهذا زمن المجيء.
قبل عقود من الزمن، مذ كان العجوز طفلاً صغيراً، اعتاد إشعال الشموع. كانت الفرحة تغمره، كلّما حمله جدّه وسمح له بإتمام المهمّة بمفرده. لطالما عدّ صغار فلسطين ذلك أمراً جللاً. إشعال الشموع في كنيسة المهد، له بهاؤه الخاص. هنا، ولد الطفل يسوع. هنا، أرض مقدّسة وإن حاولت تدنيسها أقدام همجيّة.