قائدنا الواحد الأوحد

12 ابريل 2015
+ الخط -
يتحاورون ويتهامسون ويتساءلون، عن سبب عدم تطبيق الديمقراطية في بلادنا العربية، يتناسون أن سؤالاً مهماً بات يخطر على بال كل عربي، وهو: هل تطبيق الديمقراطية ممكن أم عملية مستحيلة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية؟
عدم وجود بنية حقيقية للدول العربية بالمفهوم المعاصر، فعلى الرغم من مرور نحو قرن على انهيار الإمبراطورية العثمانية، وأكثر من نصف قرن على الاستقلال من الاستعمار والانتداب الأجنبي، إلا أن الأنظمة العربية لم تنجح في بناء دولة المؤسسات والقانون ومجتمعات المواطنة، وبقيت أنظمة حكم تمتلك السلطة السياسية من دون أي شرعية ديمقراطية حقيقية. وفي غياب هذه الشرعية، كان الهم الأساسي لهذه الأنظمة المحافظة على سلطتها ونفوذها السياسي وضمان استمرار حكمها، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، استعملت القوة وأساليب القمع لمحاربة معارضيها، والتنكيل بهم أحياناً أخرى، وأساليب عن طريق شراء الذمم وتوزيع الأعطيات والمناصب.
وفي ظل هذه الظروف، لجأت الأحزاب في المعارضة إلى استعمال القوة، في محاولتها للوصول إلى السلطة، فكانت الانقلابات العسكرية الوسيلة الوحيدة لتغيير الأنظمة، ووصول هذه الأحزاب إلى السلطة، في بلدان عربية كثيرة. ولقد استعملت هذه القوى، أحزاباً كانت أو أشخاصاً، أساليب خصومها السابقين، والتي كانت تتهمهم بالرجعية والعمالة لأعداء شعوبهم، فألغت الرأي الآخر واستفردت بالسلطة وحدها، من دون منازع، بعد تصفية الخصوم عن طريق حكم الحزب الواحد، ولأجل تبرير وجودها في السلطة، في غياب أي شرعية ديمقراطية أيضاً، استخدمت الشرعية الوطنية والقومية باعتبارها الجهة الوحيدة والقادرة والوصية على تحقيق أحلام الشعب وطموحاته في الوحدة والعدالة الاجتماعية، ومقاومة الاستعمار وتحرير الأراضي العربية المحتلة. علماً أن الهدف الوحيد المهم كان المحافظة على السلطة السياسية، وعلى الرغم من الهزيمة القاسية لها في كل الميادين منذ حرب 1967، إلا أن هذه الأحزاب لم تقم بتغيير فكرها، أو أساليبها، بل اعتبرت أن الهزيمة العسكرية وخسارة الأرض ليست مهمة، لأن هدف العدو كان إسقاط هذه الأنظمة، وهكذا تحولت الهزيمة إلى انتصار، لأن هذه الأنظمة بقيت على كراسيها.
غياب الشرعية الديمقراطية لهذه الأنظمة في المجتمع أدى، وبشكل مباشر، إلى غياب أيضاً الشرعية الديمقراطية للقادة داخل الحزب نفسه. ولهذا، استبدلت هذه الشرعية بشرعية القائد الملهم والأمين على مصالح الجماهير، وحامي حمى الشعب، وقائد معركة التحرير، وكانت أي معارضة لهذا القائد تتهم بالرجعية والعمالة لأعداء الوطن والشعب، فالقائد هو الحزب، وهو الشعب. ولذلك، فهو المستهدف من الأعداء. ومن أجل بقائه في السلطة، لم يتوان عن طلب المساعدة من الدول التي يعتبرها عدواً للوطن، من أجل دعمه في البقاء.
FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
نائل أبو مروان (فلسطين)
نائل أبو مروان (فلسطين)