وقالت الشرطة، بحسب وكالة الأنباء الأميركية، إنه تم إلقاء القبض على 24 شخصاً، والتحقيق مع 17 آخرين، وإن معظم الإصابات نجمت عن سائقين غاضبين كانوا يحاولون شق طريقهم من خلال المظاهرات.
وأعلنت السلطات الفرنسية أن نحو 124 ألف متظاهر شاركوا في ألفي احتجاج في أنحاء البلاد. وتستمر حركة "السترات الصفراء" في مظاهراتها في عدد كبير من المناطق الفرنسية، رفضاً لزيادة الرسوم على المحروقات، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
وقد تسببت الاحتجاجات على ارتفاع الضرائب على الوقود في استياء المواطنين من مجموعة من المشكلات، مثل انخفاض القوة الشرائية.
إغلاق الطرقات
وبدأ سائقو السيارات في فرنسا وعدد كبير من المواطنين بإغلاق الطرق في أنحاء البلاد، للاحتجاج على ارتفاع ضرائب الوقود، في تحدٍ جديد للرئيس إيمانويل ماكرون، إذ إن الضرائب هي جزء من استراتيجية ماكرون لتخلي فرنسا عن الوقود الأحفوري.
ورأى العديد من المحتجين، وفق تقرير نشرته "ذا غارديان" اليوم، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وكذلك الحكومة، منفصلان عن الصعوبات الاقتصادية اليومية التي يعاني منها المواطنون. وقد أطلق المتظاهرون على أنفسهم اسم "السترات الصفراء" لأنهم يرتدون سترات الفلورسنت التي يجب على جميع السائقين الفرنسيين الاحتفاظ بها في سياراتهم لاستخدامها في حال وجود مشكلات في السيارة.
وقال حاكم مقاطعة سافوا، لويس لاوجير، إن سائقة كانت تأخذ أحد أطفالها إلى الطبيب عندما أوقفها المتظاهرون. بعد التحدث إليهم، حاولت أن تسير في طريق جانبي، حيث خبط المحتجون على سيارتها. ويبدو أن المرأة أصيبت بالذعر، فسارت بسرعة وأصابت المحتجة، التي توفيت في ما بعد.
في الشانزليزيه، سارت مجموعة من المحتجين ببطء ذهابًا وإيابًا عبر معابر المشاة، وهم يطالبون بـ"استقالة ماكرون"، بينما حاولت الشرطة الحفاظ على حركة المرور.
وفي أجزاء أخرى من البلاد، أقام المتظاهرون "حواجز" وصلت إلى الطرق السريعة والشرايين الرئيسية للبلاد.
ودافعت الحكومة الفرنسية عن الضرائب كجزء من برنامج للحد من اعتماد البلاد على الوقود الأحفوري. وقدمت حوافز مالية لإقناع السائقين بتبديل نماذج قديمة وملوثة بسيارات جديدة.
شعارات التحرك
وقالت ايفيلن راليير بيني وهي تعطل الطريق في جورا (شرق فرنسا) حيث رفعت لافتة كتب عليها "أغيثوا أمة في خطر": "نحن هنا، هذا هو الشعب، نحن صغار العاملين، لم يعد بمقدورنا أن نعيش".
وقال كيفن دوغاردين (27 عاما) وهو أحد المحتجين إن "الحركة غير سياسية وغير نقابية. إنها صرخة عامة لشعب فقد طاقته على الاحتمال".
وتراوح رد فعل الحكومة في الأيام الأخيرة بين التهديد والتهدئة، وقال وزير الداخلية إدوار فيليب إنه "بالإمكان التظاهر" لكن "ليس مقبولا" إغراق البلد في حالة شلل.
وتلقت حركة "السترات الصفراء" دعم 73 في المئة من الفرنسيين، بحسب معهد الاستطلاع إيلابي. وأوضح فنسنت تيبو مسؤول الدراسات في المعهد أن "54 في المائة من ناخبي ماكرون يدعمون أو يتعاطفون مع هذه الحركة. وهذا أمر ليس بالقليل".
وكتبت صحيفة لوباريزيان "سواء كانوا بضعة آلاف أو عدة ملايين، وسواء تمكنوا من شل البلاد أم لا، لقد نجح أصحاب السترات الصفراء (..) وذكّروا قادتنا بأن الرسوم البيئية مآلها الفشل إذا تجاهلت الواقع اليومي لمن تخصص لمساعدتهم".
ورأى الخبير الفرنسي جيروم سانت ماري آن لرويترز "هذه الانتفاضة أخطر من سابقاتها لأنها تملك القدرة على الاتساع لتشمل أربعة أخماس المجتمع، أي كل من يملك سيارة ولديه دخل متواضع".
وأوضح الخبير "أن إيمانويل ماكرون يواجه صعوبات كبرى أمام أبناء الطبقات الوسطى والفرنسيين متوسطي الدخل الذين لا يشعرون بأنهم محبوبون من ماكرون، لأن (الرئيس) يجسد نوعا من النخبة الباريسية والاجتماعية والثقافية".
وعنونت صحيفة ليبيراسيون: "ضريبة البنزين: القطرة التي جعلت الكيل يطفح". وكتبت "أن اتساع الحركة يعود لسببين، أن ماكرون لم يفشل فقط في مصالحة الشعب مع قادته، بل زاد الهوة التي تفصل بينهما".