أصيب 94290 معلماً ومعلمة في السعودية بالإحباط، بعد أن تجاوزتهم حركة النقل الخارجي للمعلمين، والتي انتهت بنقل 14568 معلماً و10271 معلمة من المدن التي يعلّمون فيها حالياً، إلى مدن أخرى. فيما لم يحصل إلا 5206 معلمين و4821 معلمة فقط على المكان الذي كانوا يرغبون فيه. ولم تتجاوز نسبة تلبيه الطلب لدى المعلمين والمعلمات في السعودية، الـ 26 في المئة فقط، في حين رُفض طلب 48341 معلماً و45877 معلمة. وبلغت نسبة المعلمين المنقولين 23 في المئة، والمعلمات المنقولات 18 في المئة فقط.
وكان عدد المعلمين المنقولين في العام الماضي 14486، فيما تم نقل 8368 معلمة في العام ذاته.
وأكدت وزارة التعليم أنها منحت أصحاب الظروف الخاصة الأولوية، وهم من الذين يعانون من مشاكل صحية، أو يعاني أحد أبنائهم أو آبائهم من مشاكل صحية، أو أن يكون طالب النقل العائل الوحيد لوالديه أو أحدهما. وشملت قرارات النقل المطلقات وحالات وفاة والد المعلم، ووفاة محرم المعلمة أو زوجة المعلم أو سجن محرمها. وأيضا تم نقل المعلمة التي تتعرض للعنف الجسدي من قبل زوجها، إلى المكان الذي ترغب النقل إليه، وكذلك المعلم الذي يعاني أحد أفراد عائلته من مرض نفسي، وبلغ عدد المنقولين لظروف خاصة، 234 معلماً و810 معلمات.
وشددت الوزارة على أن حالات لم الشمل (للأزواج والزوجات الذين يعلّمون في مدن متفرقة) لا يتيح للمعلم أو المعلمة تجاوز المفاضلة، وأنه خاص بالأزواج ممن هم في ملاك الوزارة، مع العلم أنه سيتم إدراجهما في حركة النقل، بدءاً بالأخذ برغبات الزوج ثم الزوجة، وتم في الحركة الحالية نقل 110 معلمين و92 معلمة.
موجة إحباط
أثارت حركة النقل التي وصفت بالضعيفة، إحباط وغضب المعلمين الذين لم تشملهم قائمة النقل التي تجاهلت أكثر من 73 في المئة من الطلبات. ويطالب المعلم عبدالله صاهود العنزي، الوزارة بعدم انتظار أن يقدم المعلمون الكثير خلال أداء عملهم، لأن حركة النقل الأخيرة أصابتهم بالإحباط، ويقول لـ "العربي الجديد" :"بعد الإعلان عن حركة النقل الخارجي والمخيبة للمعلمين، لا أنصحهم بأن يستعينوا بنا، لأن عقولنا ما عادت تعمل بشكل جيد".
ويعاني أكثر من 150 ألف معلم ومعلمة في السعودية من الغربة، ويعملون في أماكن بعيدة عن مدنهم الأصلية، ويعاني أكثر المعلمات النساء، اللاتي تضطر أكثر من 22 ألفا منهن للسفر يومياً، لأكثر من ساعتين ذهاباً ومثلها إياباً للوصول إلى مدارسهن، فيما اضطرت أكثر من 41 ألف معلمة للسكن منفردة، في مدن بعيدة عن منزل العائلة، خصوصاً بعد أن ألغت وزارة التعليم قبل ثلاث سنوات، شرط أن تكون المعلمة تسكن في المدينة ذاتها التي تُعين فيها.
ويعتبر المعلم فهد اليوسف، أن شعار وزارة التعليم بات: "داوم وأنت ساكت"، ويقول:"حركة النقل الضعيفة والمحبطة تؤكد أن شعار وزارة التعليم تجاه المعلم، هي أعمل وأنت ساكت"، متابعاً "كيف يتوقعون أن ينتج المعلم وأن يعمل بجد وإخلاص، وهو بعيد عن عائلته ومتغرب عنها، وفي كل عام نأمل أن تتعدل أوضاعنا، ولكن للأسف لا شيء يتغير وعاماً بعد عام يضيع العمر في الغربة".
ويشدد المختص في شؤون المعلمين عبدالله الشمري، على أن "الخلل يكمن في طريقة توظيف المعلمين، والتي لا تراعي فيها قرب سكن ومكان إقامة المعلم من مقر عمله، هذا الأمر أوجد قائمة طويلة جداً من طلبات النقل، التي لا يمكن للوزارة تلبيتها كلها، لأن عملية النقل تكون مرتبطة بالحاجة الوظيفية".
ورأى الشمري أن "المشكلة متراكمة، وهي نتاج سنوات طويلة من سوء التخطيط، فمن البداية كان يجب أن يتم توجيه المعلمين للمدن والقرى القريبة من مدنهم الأصلية، ولم يكن هناك داع لتعيين أهالي الجنوب في الشمال، وأهالي الشمال في الشرقية وأهالي الشرقية في الوسطى، هذا هو أساس المشكلة".
ويضيف الشمري، وهو مدير إحدى مدارس الرياض، "لا يمكن للوزارة تلبية طلبات أكثر من 100 ألف معلم ومعلمة يريدون النقل، لأن عملية النقل السنوية مرتبطة بالحاجة في المدن المراد النقل إليها، العملية تحتاج لسنوات طويلة من العلاج، ولكن المشكلة أن عملية التعيين غير المدروسة ما تزال تحصل، ونحن نأمل أن يجد وزير التعليم عزام الدخيل، علاجاً لهذه المشكلة التي تساهم في هبوط مستوى التعليم في السعودية".
إشراك المعلمين لإيجاد حلول
بحسب أنظمة الوزارة، تشكل بنود المفاضلة في تحقيق رغبة النقل، سنة التقديم للوظيفة وتاريخ المباشرة بالشهر والسنة وعدد أيام الغياب بعذر، وأيضا المعدل التراكمي والأداء الوظيفي للعام الماضي لطالب النقل، كما يمنح المديرون أفضلية في النقل، وأيضا من سبق له الفوز بجائزة التميز على مستوى الوزارة. وتشير الأنظمة إلى أن تلبية الرغبة بالنقل، تكون لمرة واحدة في العمر الوظيفي لمن بلغت خدمته عشرين عاماً.
ولعلاج الخلل مستقبلاً، طلب وزير التعليم الدكتور عزام الدخيّل، إشراك المعلمين والمعلمات في تطوير حركة النقل العام المقبل، والأخذ بمقترحاتهم وآرائهم حول آلية تطبيق الحركة. وأكد "إشراك المعلمين والمعلمات في تطوير حركة النقل الخارجي، لأن المعلم هو المعني في الحركة ومعاييرها التي تتم، بناءً عليها إجراءات النقل"، مشدداً على أهمية الاستماع إلى مطالب ومقترحات المعلمين والمعلمات، والأخذ بنتائجها مستقبلاً.
اقرأ أيضاً:دراسة تحذر من العنف ضد مدارس الفتيات في العالم
اقرأ أيضاً:"رايتس ووتش": النظام الجنائي ينتهك حقوق الطفل بمصر