أثار إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عن قراره مشاركة فصائل محدودة في معركة تحرير الموصل، ردود فعل واسعة لدى الشارع العراقي والكتل السياسية التي رفضت القرار، واعتبرته مفاجئاً.
وأكدت مصادر سياسية عراقية لـ"العربي الجديد"، عدم إمكانية تنفيذ القرار، بسبب رفض إقليم كردستان مرور قوات "الحشد الشعبي" عبر أراضيها إلى الموصل، وتلويح قوات العشائر الموصلية بترك المعركة في حال إشراك "الحشد"، بسبب ما وصفته "نهج تلك المليشيات وتجربة سكان تكريت وبيجي السيئة معها".
وقال العبادي خلال كلمة له داخل البرلمان العراقي، إن كل القطعات الأمنية ستشارك بمعركة الموصل، وكذلك "الحشد الشعبي"، رداً على سؤال موجّه من أحد أعضاء كتلة دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، مبيناً أن العلم العراقي سيرفع فوق الموصل قريباً بتضافر جميع القوى، ومنها "الحشد الشعبي".
وأعقبت تصريحات العبادي ردود فعل غاضبة ورافضة للقرار، أبرزها الكتل السنية والكردية، وكذلك المسيحية، التي اعتبرت أن المعركة لا تحتاج مشاركة المليشيات. ففي الوقت الذي رحبت الأخيرة بتصريحات العبادي، على لسان القيادي في "الحشد" أبو مهدي المهندس، خلال مؤتمر صحافي له اليوم الأربعاء، عقد في كربلاء، بعد عودته من إيران في زيارة قصيرة، أكد فيه أنهم "جاهزون للتحرك إلى الموصل متى طلبت الحكومة ذلك".
اقرأ أيضاً: العراق: "الحشد" تعلن عن تنسيق مع قوات النظام السوري
فيما ذكر بيان لتحالف القوى العراقية، صدر بعد اجتماع طارئ برئاسة نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، أنه "نظراً لخصوصية معركة تحرير نينوى، وكونها ستكسر ظهر الإرهاب، وتسجل نهاية للتنظيم الإرهابي، فإن المجتمعين قرروا بالإجماع أن يتحمل أبناء المحافظة الجهد الرئيس في العملية بالمشاركة مع الجيش والبشمركة والتحالف الدولي، ورفض مشاركة الحشد الشعبي في المعركة بشكل نهائي، كونه سيضفي طابعاً طائفياً على المعركة، ومن شأنه أن يساعد عصابات داعش ويقويها على جعل المعركة طائفية، ما يخدم دعايتهم السوداء".
إلى ذلك، أكدت مصادر سياسية كردية في أربيل لـ"العربي الجديد"، أن حكومة كردستان أبلغت العبادي، صباح اليوم الأربعاء، رفضها مرور قوات "الحشد الشعبي" إلى الموصل عبر أراضي الإقليم، حفاظاً على الأمن العام داخل كردستان، وخاصة أن تلك القوات ستمر عبر 9 مدن كردية بمسافة تبلغ نحو 120 كيلومتراً.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن قرار العبادي "كان ارتجالياً ووليد لحظة جلسة الاستماع، إذ فاجأ الجميع، بمن فيهم شركاءه والحشد الشعبي، الذين أبلغوا في وقت سابق بعدم مشاركتهم، وهو ما يثير تساؤلات حول سياسة العبادي، وتخبطه بالملفات، بسب الضغوط التي يتعرّض لها"، وفقاً لقولها.
واعتبر المحلل السياسي العراقي سلام العبيدي، أن "قرار معركة الموصل ليس بيد العبادي، ولا يمكن أن يكون له معنى إلا بالتوافق الدولي حول من سيشارك".
اقرأ أيضاً: ملف تسليح الجيش العراقي: فساد بحجم موازنات دول
وأضاف العبيدي لـ"العربي الجديد"، أن المعركة حالياً لا تزال غير مطروحة، وكل ما يجري التحضير له، بما في ذلك معركة الموصل المرتقبة، سيكون بتوافق تركي أميركي قبل كل شيء، فضلاً عن الأكراد، الذين باتوا بحسب ظروف الجغرافيا وتوزيع القوى، عاملاً مؤثراً ومهمّاً.
لافتاً إلى أن هناك إجماعاً لقوى دولية كبرى في تحجيم مليشيات "الحشد الشعبي"، بسبب الفظائع التي ارتكبتها وسلبية ذلك على مجريات الحرب على الإرهاب.
إلى ذلك، علم "العربي الجديد"، أنه من المقرر أن يُعقد يوم الجمعة القادم، اجتماع موسع لشيوخ عشائر وقوى عراقية وطنية في العاصمة الأردنية عمان، بأحد الفنادق الكبرى، لمناقشة قرار العبادي الأخير بإشراك المليشيا في المعركة.
وقال أحد شيوخ الموصل، ويدعى عبد الله الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إن "مشاركة الحشد خط أحمر، ولا يمكن أن نعالج الجذام بحرق الجسد".
مبيناً أنه تم إبلاغ المتحدث باسم قوات التحالف الدولي، ستيفن وارن، بـ"رفضنا أن يشارك الحشد، وبأننا لا نريد أن نحرق ما تبقى من مدينتنا. وأي مشاركة لمليشيات ستقوّض جهود إقناع الأهالي بثورة داخلية ضد التنظيم مع بداية اقتحام المدينة".
وأضاف أن المؤتمر سيقتصر على الشخصيات المؤثرة فقط، وسيوصل رسالة لجميع الأطراف بذلك.
اقرأ أيضاً: العراق: العبادي يرفض وساطة إيرانية لوقف تحجيم الحشد