لم تخلُ كلمات القادة العرب في القمة السابعة والعشرين من الجمل المكررة نفسها تجاه أزمات المنطقة، والجديد في قمة نواكشوط، التي تستضيفها العاصمة الموريتانية لأول مرة، غياب معظم القادة العرب، وتولي ممثلين لهم حضور القمة.
وغاب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أناب رئيس وزرائه شريف إسماعيل، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والعاهل المغربي محمد السادس، بالإضافة إلى عدد كبير من القادة.
ورغم أن الفرصة أعطيت لعدد كبير من القادة لإلقاء كلمات في الجلسة الافتتاحية، إلا أن معظمها غابت عنها الرؤية المستقبلية للمنطقة العربية، واكتفى المتحدثون بمزيد من توصيف أزمات المنطقة.
وجاءت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والتي ألقاها عنه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لتلخّص أزمات المنطقة من خلال طلبات تقدم بها بان، راجياً الدول العربية أن تدفع باتجاه مواجهة الأزمات في دول عدة، مثل سورية، واليمن، والصومال، والسودان، ولبنان، والعراق، وليبيا، إلا أن الصراحة التي اتسم بها أمير الكويت الشيخ الصباح، واعترافه بأن محادثات الأطراف اليمنية التي تستضيفها بلاده لم تثمر عن شيء حتى الآن.
ورغم أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، دعا في كلمته إلى تضافر الجهود للنهوض بالعمل العربي المشترك، وتشديده على أن وقف التدهور والتفكك الحاصل في عدد من البلدان العربية لا يجب أن يترك للغير.
وطالب أبو الغيط باستعادة المبادرة والفعل في العمل العربي المشترك، وضرورة إعادة النظر في أساليب معالجة ملفات بعض الأزمات الراهنة، واعترافه بتقليص دور الجامعة العربية، بل وغيابها في معالجة تلك الأزمات خلال السنوات الماضية.
إلا أن مصادر مطلعة بالجامعة العربية، أكدت لـ"العربي الجديد"، أنها لم تعد ضالعة بحل أزمات الدول، وبأن الجامعة ليس لها أي دور في التحركات الراهنة التي تتعامل مع كل أزمات المنطقة، سواء في سورية أو العراق أو ليبيا أو السودان.
وأضافت المصادر ذاتها أن الاجتماعات العربية لم تعد في الوقت الراهن "سوى ديكورات مطلوبة في وقتٍ تُبحث وتتدارس أزمات المنطقة في عواصم عالمية، بعيداً عن أي دائرة عربية".
وهو ما يقلل، توضح مصادر "العربي الجديد"، من دور الجامعة العربية في لعب دور أساسي تجاه الأزمات، لا سيما في ظل سيطرة بعض الدول على القرار العربي، وفي ظل ضعف الأداء العربي على المستوى الدولي.
وتشير المصادر ذاتها، إلى أن كل الكلمات التي أُلقيت في القمة كان يمكن اختزالها في كلمة واحدة، إذ استعرضت كلمات الوفود أزمات المنطقة دون طرح أي حلول، أو تحركات عملية لمواجهتها، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية، كما يحصل في اليمن وسورية والعراق، وهو ما أعطى لإيران الفرصة كذلك للتمدد الشيعي الفارسي في البلدان العربية، على حد توصيف المصادر ذاتها.
وحاول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، رئيس القمة الحالية، تذكير القادة العرب بأنهم "حققوا نجاحات معتبرة في مجالات عدة، من بينها العمل على تصفية الاستعمار في الوطن العربي، وتشجيع التضامن والتعاون البيئي، وتوحيد مواقف الدول العربية حول القضايا الدولية".
وأشار إلى أن الفضل في هذه "الحصيلة الإيجابية"، يعود إلى "تفاني الزعماء العرب منذ تأسيس الجامعة إلى اليوم، في خدمة المشروع المشترك، وتشبثهم الدائم بروح الوفاق والإجماع خاصة حول قضايا الأمة المصيرية".
ونبّه الرئيس الموريتاني إلى التحديات الكبيرة الراهنة، وعلى رأسها إيجاد حل عادل ودائم لقضية العرب المركزية القضية الفلسطينية، والتصدي لظاهرة الإرهاب وإخماد بؤر التوتر والنزاعات التي تذكيها التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
كما اعتبر أن تحقيق تنمية مستدامة ومندمجة على الصعيد العربي، يُشكل رهاناً حقيقياً لـ"تستعيد أمتنا المكانة الرائدة التي تبوأتها بين الأمم خلال الحقبة الذهبية من تاريخها".
وشدد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وكل أحرار العالم، وستظل كذلك حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لها، قائم على القرارات الدولية ذات الصلة، وعلى مقترحات المبادرة العربية التي تمثل أساساً متيناً للوصول إلى الحل المنشود، لتنعم المنطقة أخيراً بالسلم والأمن والاستقرار.